21-08-2014 05:34 PM
بقلم : حنا ميخائيل سلامة نعمان
لا تخنقوا عَمَّان بمزيدٍ من المشاريع الإسكانية الضَّخمة، بل وجِّهُوها لخارج حدودها!
مِن الإنصاف القول، أن الدولة قد شجعت المستثمرين وفتحت لهم المجالات المختلفة وقدَّمت لهم التسهيلات اللازمة للمُضي في مشاريعهم، غير أن السؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى يتمّ تركيز المستثمرين على العاصمة عَمَّان، ونخص بالذّكر في المشاريع الإسكانية الضخمة؟ وإذا كانت الدولة قد وفَّرت شبكة واسعة من الشوارع والطرق لتُقصِّر المسافات بين العاصمة وسائر مناطق المملكة، فهل من العَدْل أن تستمر الاستثمارات الإسكانية الضخمة ومثلها التجارية على الرقعة الجغرافية المحدودة لعَمَّان أم يُفترَض توجيهها لخارج حدودها؟ والكُلّ يُلاحظ ما تعانيه العاصمة من اختناق بسبب ازدحام مشاريع ضخمة قلبت مخططاتها التنظيمية المعهودة فأفقدتها نَسَقَها، وحجبت إطلالاتها الرائعة، وقلبت موازين راحة أهلها وسكانها، كما وضغطت على شوارعها وطرقها وأحيائها بأزَمات سَيرٍ ومرورٍ، بالإضافة لتراكم مركبات مُشْغِليِّ تلك الإسكانات في مُحيطها، مَا نجم عنه اقتطاع أجزاء من الشوارع وتضييقِ مساربها. وليس يغيب عن الذهن، ما تركته من أثَرٍ سلبيٍ على الوضع البيئي بالإضافة للضغط على شبكات الصرف الصِّحي وغيرها التي ما عادت تستوعب المتدفق إليها. وجديرٌ بالذِّكر أن منح تراخيص لمحلاتٍ تجارية في الطوابق الأرضية لبعض تلك المشاريع الإسكانية قد أسْفَر عن أزمات لا حصر لها!
وفي الحقِّ أنّ القلق بات يعتمل في صدور أهل عمان من أن تتحول أية قطعة أرضٍ فارغةٍ مُجاوِرَة لبيوتهم ، إلى إسكانٍ شاهقٍ يضمُّ عشرات الشِّقق أو أضْعافَ ذلك مِن الشقق الصغيرة التي يُطلق عليها مُسمَّى "ستديوهات"، فتحاصرهم وتحبس عليهم أنفاسهم مع احتشادها بأعداد غفيرة من الناس، بالإضافة لضغط مركباتهم على شوارعها وطُرقها الضيِّقة أصلاً. هذا الأمر وقع في عددٍ من المناطق، بل استغل الكثيرون ما كانت الأمانة قد إجازته بقرارٍ سابقٍ وهو السماح بترخيص مهن محددة داخل العمارات السكنية،هذا الأمر الذي جرى رغماً عن إرادة المواطنين الذين أبْدَوا استياءً من الاعتداء على خصوصية شققهم السكنية التي باتت تُلاصقها -الباب بالباب- تلك المهن مع تقاطر المراجعين والزبائن إليها! هذا وقد توجَّهت أنظار مَن يَزِنُون حِساباتهم بميزان الربح ولو على أكتاف طمس المعالِم وإلغاء الهُويَّة الجميلة لعمان، فأخذوا يكتسحون المناطق التي تتوفر فيها أبنية من طابقٍ أو طابقِين ومِنها ذات الصِّبغة العمرانية الجميلة أو التراثية، حيث يتمَّ هدمها وتشييد إسكانات عامودية ضخمة أو مشاريع تجارية كبيرةعليها.
وخِتاماً، هل ثمَّة مِن مُبرِّرٍ بعد الآن لأيٍّ كان أن يدفع بثِقله ويمارس الضغوط على أمانة عمان لتمنح تراخيص أبنية عامودية شاهقة وغيرها على النحو المشار إليه؟ كما أن استشراف المستقبل واستجلاء متطلباته يُحتِّم توجيه الاستثمارات والمشاريع وإقامة مُدن جديدة بتخطيطٍ عصريٍ يتناسب وتطلعات المستقبل، ولا نحْسَب أن المستثمر صاحب الضمير الحيّ الذي يريد حقاً ومِن قلبه الازدهار لبلدنا سيبخل بذلك !
Hanna_salameh@yahoo.com