22-08-2014 11:17 PM
سرايا - سرايا - شيع أمس جثمان الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم الذي توفي إثر معاناة مع مرض السرطان بدأت قبل ثلاثة أعوام.
وخصصت لدفنه قطعة أرض على مكان مرتفع في بلدة الرامة تشرف على جبال الجليل وعلى مدينة حيفا وعلى رأس الناقورة، حولها قطعة قد تصبح حديقة في المستقبل.
وكان الشاعر سميح القاسم الذي غيبه الموت ليل الثلاثاء مقاوما للحكم العسكري والاحتلال الإسرائيلي كان مقاوما للمرض ولم يخف الموت الذي خاطبه خلال صراعه مع المرض قائلا "أنا لا أحبك يا موت.. أنا لا أخافك.. وأدرك أن سريرك جسدي.. وروحي لحافك،.. أنا لا أحبك يا موت.. ولا أخافك". وفي نعيها له، قالت الرئاسة الفلسطينية في رام الله "سميح القاسم هو أحد أهم الشعراء العرب والفلسطينيين المعاصرين الذي ارتبط اسمه بشعر الثورة والمقاومة".
ولد سميح القاسم في مدينة الزرقاء في الأردن في 11 أيار (مايو) العام 1939 عندما كان يعمل والده ضابطا هناك، وهو أصلا من بلدة الرامة في الجليل من عائلة درزية. رفض سميح الانتماء الطائفي أو الديني وقال "سأعيش على دينك.. وأموت على دينك.. يا وطني.. سأرقص حيا.. يا شعبي.. سأرقص ميتا.. وسأرقص حرا.. حرا.. حرا في كل ميادينك". درس في الرامة والناصرة واعتقل عدة مرات وفرضت عليه الإقامة الجبرية من القوات الإسرائيلية لمواقفه الوطنية والقومية وقاوم التجنيد الذي فرضته اسرائيل على الطائفة الدرزية.
كان سميح القاسم ومحمود درويش من "مؤسسي أدب المقاومة" ولقد أطلق عليه لقب "شاعر المقاومة وشاعر العروبة". تغنى في شعره بعروبته وقوميته كمثل قوله "أنا ذا الفلسطيني شد جراحه.. وطنا يضيء عتمة الأوطان.. وأنا شامي وأنا مصري.. ومن شغف وصلت جزائري بعمان.. وغسلت من ظهر الفرات خطيئتي.. وجعلت روح النيل من كهاني".
كتب قصائد معروفة تغنى بها العالم العربي، منها قصيدته التي غناها مرسيل خليفة ويغنيها كل أطفال فلسطين وتغنى في كل مناسبة قومية "منتصب القامة أمشي.. مرفوع الهامة أمشي.. في كفي قصفة زيتون.. وعلى كتفي نعشي، وأنا أمشي وأنا أمشي".
كان سميح متزوجا وأبا لأربعة أولاد هم وطن ووضاح وعمر وياسر.
وقال الوزير الفلسطيني الأسبق يحيى يخلف "سميح اختار منذ أكثر من عشرة أعوام مكان دفنه وضريحه. اختار أرضا على تلة قريبة من بيته وأعدها لتكون قبره وحديقته يطل منها على سهول وتلال فلسطين وطبيعتها الساحرة التي خلقها الله منذ الأزل، سميح يذهب هناك ليموت كما تموت الغزلان، لينام هناك مثل حبة قمح تغفو في باطن الأرض الطيبة والحنونة المجبولة بمسك الشهداء".
وأضاف "رحل سميح القاسم بعد حياة حافلة بالشعر والكفاح وحب الوطن وحب الحياة، وعلى خطى نبضات ودقات قلب الأرض مشى في دروب الحرية، ونثر على الطريق صرخته وناره ورسائل عشقه وصدى غضبه واشتباكه مع المحتل مقرنا الكلمة بالممارسة، رابطا القول بالعمل، والإبداع بالفعل، محملا الكلمة بأكثر مما تحتمل الحروف".
أما وزير الثقافة الفلسطيني السابق أنور أبو عيشه فقال لوكالة فرانس برس "سميح القاسم كان مدرسة شعر. عندما ترجمت مقاطع من أشعاره في سنوات الثمانين الى اللغة الفرنسية أدركت مدى ارتباطه بالأرض.. هو رجل قاوم المرض مثلما قاوم الاحتلال، هو رجل حق وعدل، رجل مرح بطبيعته".
أما صديقه الكاتب محمد علي طه فقال لوكالة فرانس برس عنه "سميح شاعر فلسطيني عربي عملاق أثرى المكتبة العربية والتراث الإنساني بما قدمه من شعر ونثر ومسرحيات". وأضاف "هو شاعر إنساني مناضل قصائده تحفظها الجماهير وتتغنى بها. هو منارة ثقافية للأجيال فإذا قرأت شعره قرأت تاريخ الشعب الفلسطيني من اللجوء الى الاعتقالات الى السجن والحكم العسكري ويوم الأرض والاحتلال والمعاناة". وعن حداثته قال "تمكن سميح من القصيدة بالأوزان والعروض وعمل على تطوير الحداثة في الشعر وما بعد الحداثة وهذا يظهر جليا في أعماله: كولاج الأول والثاني والثالث".
وأضاف "هاجم سميح الطائفية والحركات الدينية المتزمتة وكان مع الوحدة العربية، ومع الثورة الفلسطينية، وكان صديقا للرئيس الراحل ياسر عرفات والراحلين أبو جهاد وأبو إياد، والرئيس محمود عباس وغيرهم من القادة".
تنوعت أعماله بين الشعر والنثر والمسرحيات وبلغت أكثر من سبعين عملا بينها أربع روايات.
هو احد مؤسسي اتحاد الكتاب الفلسطينيين العام 1989. وتقلد أوسمة عديدة من أكثر من دولة عربية وأجنبية آخرها وسام نجمة القدس، أعلى وسام فلسطيني قلده إياه الرئيس عباس، وقبلها قلده الراحل عرفات وسامي القدس.
تنشر قصائده بصوته على القنوات العربية والفلسطينية وخصوصا على اثر الهجوم على غزة مثل قصيدة "تقدموا.. تقدموا براجمات حقدكم وناقلات جندكم فكل سماء فوقكم جهنم.. وكل أرض تحتكم جهنم".