26-08-2014 10:42 AM
بقلم : د. زيد محمد النوايسة
لا يمكن إنكار وجود وأهمية الحركة الإسلامية في الحياة السياسية في الأردن، بكل ما ارتبط في الذاكرة الوطنية من وجود عاقل لها ومسؤول في تاريخ الدولة ودور سجل لها في مراحل مفصلية سوداء مرت على الوطن الأردني، وكادت أن تعصف بالوطن وتدخله في مرحلة فوضى، لولا أن قيض الله لهذا البلد قيادة مسؤولية ووعي وطني من الشعب وقواه السياسية والاجتماعية آنذاك، والحركة الإسلامية واحدة منها!!.
ولعل قدر الأردن ومنذ أن تشكلت الدولة قبل 93 عام، أن يعيش في دائرة النار والخطر، وان يتحمل بفعل الموقع والجغرافيا السياسية والدور الذي تحمله منذ أن تشكلت الخارطة السياسية عقب سقوط الدولة العثمانية، مسؤوليات جسام وان يدفع دائما من حسابه وعلى حساب شعبه الفاتورة ودائما للأسف دون أن ينتظر الشكر والثناء، بل أن غاية المنى بالحد الأدنى أن لا يكون هناك هجوم وتخوين وأدانه دائمة وتحميله المسؤولية لأخطاء الآخرين ومغامراتهم السياسية التي أوصلت العالم العربي لهذا الوضع البائس والرديء الذي لم يشهده في أسوء عصور الظلام والانحطاط والتراجع؟!!.
في هذا السياق، ونحن نتابع حالة الانهيار المريع في أربع رياح العالم العربي بفعل الوهم الذي سمي زورا وبهتاناً "ربيعاً"، والنتائج والمآلات التي وصلنا إليها والضحايا والدماء والمسفوكة والانهيار الاقتصادي لمعظم الأقطار العربية، والصورة الكارثية والهمجية عن الإسلام في رفض الأخر والمكون الوطني والشريك، والتدمير لكل مقومات وأسس وركائز الدولة، كما يحصل في سوريا واليمن والعراق وليبيا وفي مصر، والذي تبرع بتقديمها من يدعون أنهم مسلمين حتى أنهم وفروا المهمة على من يسعون لتقديم صورة أسوء من تلك الحالة!!.
في ظل هذا الواقع ونحن نستمع للخطاب السياسي والتحريضي من قبل بعض قادة الحركة الإسلامية، والتي ما زلنا نحسبها بالرغم من ذلك تمثل صوت العقل والاعتدال الإسلامي في وجه موجة التكفير والإرهاب والموت الأسود وقاطعي الرؤؤس واكلي الأكباد والقلوب، من حقنا أن نطرح سؤالاً على قادة الحركة الإسلامية في الأردن وهم الذين كانوا ومازالوا يعلنون بأنهم يتبنوا الصورة الحقيقة للإسلام السمح المؤمن بالأخر، والساعي لنشر الإسلام الحقيقي بالدعوة السمحاء والحكمة والموعظة الحسنة، أين دوركم في مواجهة خطر الفكر التكفيري الذي يكاد يداهم العالم العربي والإسلامي؟!!، أولم يحن الوقت لقيام الحركة بمراجعة تاريخية وملحة تفرضها عليها مسؤولياتها أمام الله –سبحانه وتعالى- وامام الشعب، في إعطاء أولوية قصوى في مواجهة تداعيات الفكر التكفيري التي تعصف بالمنطقة وسيكون أول ضحاياها الإسلام الحقيقي والمستنير، بدلاُ من الدخول في مناكفات المشاركة السياسية والحكم، والتي نشك في قدرة الحركة الإسلامية ومعظم القوى السياسية في ظل الظروف الكارثية التي يعيشها الإقليم على النجاح فيها، ولنا في التجربة المصرية خير مثال؟!!.
ولعله من المناسب الإشارة انه وفي هذا الظرف بالذات، وفي إقليم ملتهب ومتفجر، وصورة سوداء لا يعرف ألا الله-جلت قدرته- نهايتها، لا يليق الاستعراض العسكري مطلقاً وحتى لو كان رمزيا وصورياً،ونعرف أن الاستقواء على الدولة سيخصم من رصيد الحركة ولا يحسب لها، وندرك ونفهم ونتألم بلا حدود من الهجمة البربرية والعدوان الصهيوني الهمجي على غزة، لكننا ندرك وواثقين أن الأردن الرسمي والشعبي قدم أقصى ما يملك وسيقدم ويجب أن يقدم أكثر، ولكننا نعتقد أيضاً أن البوصلة في والتحدي والاستعراض يجب أن توجه للمحتل الصهيوني وأدواته في المنطقة ممن يسعون للخراب والدمار والفوضى وليس للأردن الذي نحمد الله انه بخير وما زال بعيدا وسيظل عن تلك الفوضى، كل هذه الأسباب تستدعي من الحركة وعقلائها مراجعة تاريخية مسؤولة أولها وأهمها هو أن تكون مواجهة الفكر التكفيري الأسود أولويتها الملحة جنبا إلى جنب مع الدولة والقوى السياسية والاجتماعية ومكونات المجتمع الأردني، والتي ستسجل في رصيدها الوطني أن كانت مؤمنة بان مشروعها الحقيقي هو الأردن واستقراره ومستقبل شعبه، وصورة الإسلام الحقيقي المتنور!!.