31-08-2014 02:49 PM
بقلم : امجد الشهوان
التغيير هو الرغبة الدائمة التي تعتري كل انسان على و جه هذه الارض فينشده من أجل ان يدخل نمط حياتي جديد اِما لرفع ظلم وقع عليه أو لابعاد الملل و الروتين في محاولة منه لايجاد ذلك الكنز الضائع و الذي خُلق و لم ينزل على الأرض ألا و هو السعادة . اذن يمكننا القول بأن التغيير هو حالة من التمرد على الواقع لرسم نسق جديد للحياة التي نعيشها فمن يعيش في محيط أبيض عيناه تتطلع الى ذلك الأسود وان حصل عليه أراد الجمع بينهما لخلق عالمه الرمادي .....عندما تدور في الخلد كلمة تغيير يجب ان يرافقها حُزمة من التساؤلات التي من المفترض الاِجابة عليها بكل حيادية و موضوعية لا أن تُجيب عنها الحالة التي نعيش . و أولى هذه الأسئلة هي : تغيير من و بمن ؟ من هو الذي بحاجة الى تغيير و من هو البديل أو البدائل . فحكم الحالة هو مرهون بها , و بزوالها تزول كل فروضها و فرضياتها و ما يدرينا بأن البديل أفضل و بأن الواقع هو الأسوأ ؟ من أين يبدا التغيير ؟ ,,,,
ان تطور المجتمعات الى أن وصلت الى أعلى درجات المدنية و الديموقراطية و خصوصاً الغربية والاوروبية منها قد بدأت من الانسان و ليس من الحكومات والأنظمة . و الديموقراطية التي يلهث وراءها الكثيرون هي بمعناها البسيط تعني احترام الآخر و اِحترام آرائه و معتقداته ولونه و عرقه وثقافته ,,,,, الخ , فتطور الانسان من طور الهمجية و البربرية الى حيوان مدني يحترم القوانين الناظمة لمعيشته حيث ترتسم من حوله حدوداً لا يتجاوزها و لا يتعدى عليها أحد . حيث أقام دولته التي تحكمه وتنظم أموره الحياتية على الاحترام أيضاً فعاش بها و مازال و هو يتدرج على سلم الطموح في ظل عدالة وشفافية و نزاهة فغابت الواسطة والمحسوبية و الشلليات و غاب النفاق و تأليه الحاكم والمسؤول فكل عرف حده فاِلتزم .... فالتغيير في مجتمعاتنا العربية هو تغيير لمجرد التغيير أو أنه ( كن فيكون ) بدون أسس و لا تخطيط و لا وضع آلية لحلول ولا حتى مساحة من الوقت للعلاج أو التطوير و المعضلة الأساسية واضحة وبسيطة لا تحتاج الى دوامة التعقيد التي نُدخل أنفسنا بها فالتغيير يجب أن يبدأ بالفرد و ليس بالأنظمة و الحكومات والمؤسسات و هنا أضرب مثلاً على التغيير, ففي المؤسسة التي أعمل بها و على مدار اربع سنوات و نحن ننشد تغيير صاحب القرار و اقتلاعه من منصبه و عندما يحدث هذا التغيير يزداد السوء و الاستياء و عند التفكير ملياً بهذه الحالة نجد بأن العلة ليست بصاحب القرار و انما بالاِدارة الباقية والبطانة و التي تشبه لحد بعيد خلايا السرطان فكلما جاء قادم جديد يغيبوه و يجعلوا بينه وبين الحقيقة حجاب . أضف الى ذلك أن نسبة كبيرة من الكادر البشري مستعدة للفساد و التعامل به ومعه و عليه فأن التغيير يجب ان يبدأ من القاعدة و ليس من أعلى السلم الوظيفي لان شخص واحد لا يستطيع اصلاح أو اِفساد مجتمع أو مؤسسة لوحده ...
و من التساؤلات التي يطرحها التغيير على مطالبيه : ماذا بعد أن أحتل المكان ؟ هل وضعتم الخطط ؟ هل رسمتم الاستراتيجات ؟ هل في مخيلتكم بعض الحلول ؟ وحينها يطبق الصمت على الآذان وتنعقد الألسنة فتستحيل الاجابات ومن هنا ومع كل هذه التساؤلات نصل الى حقيقة يجب علينا جميعا أن نؤمن بها و نعمل عليها و اِلا فان ذلك لاِصلاح الشامل الذي نريده لن يُجدي نفعاً و سيقى شجرة عاقر لا ثمار لها ولا حتى ظل . فنواة الفساد الذي نحاربه هو بداخل كل واحد فينا يعتمد عليه اِعتماداً كلياً لتصريف شؤونه و مصالحه حتى لو كان في ذلك تجاوزا للقوانين واعتداءً على حقوق الغير ,,,,, بداخل من هو على مقعد الدراسة , العامل , الموظف البسيط , المسؤول و المشرع ,, الخ فالواسطة والمحسوبيات والشلليات التي نعتمد عليها هي سبب غياب العدالة والنزاهة و الشفافية التي نطمح اليها و بدونها لن يكون هنالك بناء و تقدم في ظل غياب الكفاءة لما ذكرنا. فكيف اِذن نطالب بمحاربة الفساد ونحن نتداول أدواته وعملته وبشكل غير منتهي ؟. ما نحتاج اليه هو الوعي , و عندما نصل الى أولى مظاهر الاِصلاح والتغيير نقوم بوضع العقبات والمخاوف نُصب أعيننا اِن اِقترب من التطبيق و من الامثلة على ذلك , ما تعيشه المملكة هذه الأيام بما يُسمى نهج " الدولة العميقة " و هو مصطلح أطلق على التعديلات الدستورية الأخيرة في الاردن و التي بموجبها تعيين واِقالة قائد الجيش و مدير المخابرات العامة من قبل الملك هذه الخطوة التي تعد من العلامات الكبرى للتمهيد لحكومات برلمانية قادمة . الأمر الذي يؤكد بأن المضي في مسيرة الاِصلاح الشامل هو أمر و اقع و ليس مجرد حبر على ورق وانه حيز التنفيذ . و في الجهة المقابلة نجد بعضاً من المتخوفين و المشككين بهذه الخطوة و السبب ان لهذه الخطوة تداعيات خطيرة على حد قولهم , اذن اخبرونا ما هي تلك التداعيات أنيروا بصيرتنا كي نعلم و نرفض و نشجب مثلكم . لماذا الخوف و التخويف ؟ أليس الملك هو القائد الأعلى للجيش العربي ؟ أليس الملك هو من يسمي مدير المخابرات في السابق ؟ فأين المشكلة اذن ؟ لماذا الخوف من مثل هذه الخطوة ؟ هل هو الخوف من تغول و تضخم هذه الأجهزة و تمدد سلطتها ونفوذها ؟ و ما المشكلة في ذلك ؟ هل هو التخوف من الممارسات الخاطئة للبعض من منتسيبي هذه الأجهزة ؟ وان وجدت هذه الممارسات فهي تبقى ممارسات أفراد و لا يجوز ان يكون الحكم عاماً على هذه الأجهزة بأنها ظالمة أو فاسدة . ما أود قوله هنا ان هذه الصلاحيات ما دامت بيد الملك و خصوصاً في المرحلة القادمة و التي تُعتبر غريبة علينا حيث ان تطبيقها سيكون للمرة الاولى منذ تأسيس المملكة سيكون صمام آمان للبلاد و يضمن حيادية هذه الاجهزة . فالكرة الآن بملعب المواطن اِما أن يفرز سُلطة تشريعية بحجم أعباء الوطن والمواطن أو أنه يتوجب علينا العودة الى حياة ماقبل ال89 وشطب كلمة ديموقراطية من قواميسنا لانها لا تناسبنا و لا تناسب مكنوناتنا فمفهومنا للديمقراطية لم يتعدى السب و الشتم و التلاعب على القانون و تغييب سيادته واِختلاق الفوضى و المضي بدوامة من التخبط . ما علينا امتلاكه بالفعل هو الوعي الكامل و الهدوء هذا هو السلاح الذي يجب أن نتسلح به من أجل التخطيط للبناء والتطوير وكل ذلك يعتمد على صلاح الفرد واِصلاحه للوصول الى أعلى درجات المواطنة الحقيقية حيث يلتزم كل مواطن و مسؤول بحدوده و يعرف ما له من حقوق ويؤدي ما عليه من واجبات دون تخاذل و متاجرة و اِستغلال ..... .