01-09-2014 08:05 PM
سرايا - سرايا - في قصر الأونيسكو ضمن حفل كبير وشحت الشاعرة عائشة الخواجا الرازم الفنان بكوفية الشعب الصامد ولحظات غنائه لغزة العزة ...
د. عائشة الخواجا الرازم
( لكل فن أسبابه الموجبة للشعبية ، من أجل ذلك تبقى الأغنية للشعب ، ولو لم تكن أصلاً للشعب لما طالبنا بأن تلتقي فيها أبجدية الالتزام والرسالة ونحاول العثور فيها على روعة الفنان المهدي لنا هذا الرسالة المعنونة بالفنون للناس )
استهل الحفل بأغنية ( جواز السفر ... أهداها لشعب فلسطين وغزة العزة ) وصدح صوته والجمهور قد وقف تحية واعتزازاً ... وقد كان يوم غزة في ذلك الحفل الكبير )
ألبوم كرمالو ... هو بالنسبة للمتلقي واقع وحدث معبر عن كامل المساحات في الوطن العربي ، يضاف إليه مساحات العتمة والظلمة والظلام في شمعة الفن للناس ، وهو مصباح الوعي النافر من رئتي إياد وهبه ، وأقول من رئتي إياد ولا أقول من حنجرة أو صوت إياد ، فالألبوم لو تحدثنا عن مضمونه لعثرنا على كنز مفقود في مخبأ الكلمة والاختيار الموفق جداً واللون والرسالة والهدف والمضمون ، متوجاً بالحنين والشجن والتنهيدة الموزونة المخبأة دون دمعة نافرة ، فالأغنيات والنصوص تفي بغرض البحث عن مكلوم ينحت طرقات السبيل لماء العطاش !!
!
وحين أتناول عنوان الألبوم ( أغنية كرمالو) مثلاً حيث يؤديها ببلاغة التعبير في اللحن والكلام والأداء ، تأخذك من يدك وأنت تستمع إليها إلى مساحة الفرح المغطاة باللهفة للتعبير الحر والكلمة الناقدة اللاذعة الموجعة .. فيسلبك اللحن والصوت والكلمات جلستك المترنحة نحو الإستناد لتتعرف كم أنت في حاجة لتنهض مع النص هذا من بين ركام الغناء المقيت الذي يملأ الساحات العربية في ظلال الأوضاع التي تحتاج للإلتزام والنهضة الفنية !!!
تقف متحدياً متسلحا بالدمعة والضحكة إلى مسرح الأحداث الثورية الربيعية اليعربية التي آلت بنا لنرى أزفت خريف للفاسدين الذين جاء التغيير لمصالحهم وكرمالهم هم ... كما يسخر ويتأذى إياد وهبه ويقول إذا مش كرمالي كرمالو !!!
وطالما التغيير من أجل التغيير وجاء على أيديهم هم ... فكرمالهم حدث أن تضاعف النهب والسلب والفساد وباءت الكرمالية بالفشل !
في عنوان كرمالو كثير من طرقات الآلام ... فالفنان يصرخ بنفس حجم وجع الشعب بل وأكثر حيث أنه يحمل عنهم صليب المسيرة الثقيل ... بالتقدم لمقدمة الصفوف الصارخة ...
عم الفساد أكثر من ذي قبل ، لأن المنادين بالتغيير جاءوا من رحم الجمود والجهلة بالتغيير ، فرضي بهم المنتظرون على قارعة الأمل ، وصدقوهم وخدعوا بهم ،
كرمالو ... كرمال الفاسد والمتغطرس والباحث عن دم الأبرياء والناس ! الكفر بالتغيير والتجهم أمام رياح التغيير الكاذب التي لم تؤت أكلها للأمة لا بالخير ولا العير ولا بالنفير !!
الفن الراقي العالي الهمة والهامة هنا ،يتناغم وأوتار القلوب لتحج نحو أسماع الناس متلفعة ببياض الألماس تتسلل كأنها هبطت من الرأس ،
أشعر وأنا أسمتع لإياد بأن الرئتين تتحدثان حديث البشر والرأس وكأن أعلى المخيخ ينتدب الحنجرة للتوافق مع القلب ...مع الشعب ... مع الحرية والصرخة النابعة من ألم الأرض ..ز
ففي كل أغنية ألفها إياد ، أو ألفها ولحنها أو اختارها لرغبة جارفة في وجدانه المرهف والحيوي ، نجد أن النصوص عالية الوتيرة تعتمد الإشادة بالعقل ويرجع في رسالته الفنية تطور الإنسان إلى الثورة المتجددة على الظلم ، وهو يثمن في كلماته الطبيعة ويدعو للتعاطي المتحضر والمتمدن معها دون خوف من صانع القمع وحامل الهراوة .
كما تتماوج في صوته مع كل كوبليه ولحن جسور الكونكريت والتسليح المديدة في غربة تحمل غرباء البلاد النازفة ولكنها عند العودة تفقد متانتها وتسليحها ومعمارها فتتهاوى بالغرباء .. فيبكي الوطن الواقف على حواف الانتظار !!!
لو قدمنا نماذج من ألبوم ( كرمالو ) لهذا الفنان الحامل عصا الترحال بأحزان الغرباء والراحلين بحثاً عن حرية الإنسان وكرامة الروح فيه ، وبالتخصيص كرامة العربي في وطنه الذبيح والذباح في نفس الوقت ، مثل أغنية كرمالو الوارفة النقد والغضب ضد ناصبي الشراك أمام قدرة الشعب على الحركة والقدرة على الاختيار والمفاضلة بين الثائر الوهمي والثائر الجذر ، لوجدنا أن إياد قد كشف الأقنعة عن طوابير هؤلاء بتلك الأغنية وهي من روائع اللحن والكلمات والأداء بصوته !!!
بيحكي ومغرور بحالو .. عالجهل مبرمج حالو ..
رجعي وقال بدو تغيير .. طالب حرية وتعبير ..
حتى يحكي عن حالو .. دخلك عجل يا تغيير ..
إذا مش كرمالي ، كـرمـالـو ..
*****
جاهل أريحلو بكتير .. شو بدو بوجعة هالراس ..
راسو ما بيحمل تفكير .. ما عندو جنس الإحساس ..
هدام وطالب تعمير .. مش شاعر بهم الناس ..
همو يطول عمر الأمير .. ويطلع إبنو بدالو ..
دخلك عجل يا تغيير .. إذا مش كرمالي ، كرمـالـو
من أجمل ما يتم صياغته في أغنية تمتهن هذا العصر الأعجوبة أن تقرأ رسائل متعددة تؤكد على النزعة الأخلاقية والإنسانية في كوة جمالية من اللحن والصوت والكلمة ، وتأتيك تحمل أسئلة جائلة في وجدان الحاجة الإنسانية للوعي والعثور على إجابات ، وخاصة في زمن الهراء من الأداء والغناء !
فوقف الفنان الممثل والمخرج والملحن والمغني والمسرحي وصاحب مسرح ( إيحاء ) منذ عشرين عاماً ليعلن في ألبومه مضامين مستثناة في عالم الترف الغنائي ، فحشد الفن للناس وليس الفن للفن ، وبثها باقة متماسكة من الأغاني ( ألبوم كرمالو ) بأن تقدم الإنسان لا يتم إلا بالإنسان نفسه وبدئه من حاله أولاً دون التنظير بالإدعاء وكأنه يقول للمفترين المنافقين ( كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون )
وطالما التغيير من أجل التغيير وجاء على أيديهم هم ... فكرمالهم حدث أن تضاعف الفساد النهب والسلب والفساد وباءت الكرمالية بالفشل !!
هؤلاء الذين وقف أمامهم إياد ليعلن تأجيج الفهم بأنهم يتحدثون عن التغيير وهم الصفوف التي تقدمت أوائل الفساد وكأنه يقول لهم ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما مصلحون ... إلا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون )
وكأنه يسخر حتى من التغيير الي لن يغذ الخطى على أيديهم لا سريعاً ولا بطيئاً.. فيقول له أدري بأنك لن تستعجل الحضورللناس ، فمن أجل حضرته تعجلت لمجرد كلمة التغييرالمغلفة بمضامين مصلحته !!!
وكأنه يقول له نحن استغنينا عنك منذ زمن بعيد ، وندري ومتيقنين أنك لا تهمك مصلحتنا فقط عجل يا تغيير ، إذا مش كرمالي كرمالو !!
بتوجع الفنان بنفس حجم وجع الشعب بل وأكثر حيث أنه يحمل عنهم صليب المسيرة الثقيل ... بالتقدم لمقدمة الصفوف الصارخة ... كرمال الفاسد والمتغطرس والباحث عن دم الأبرياء والناس ! الكفر بالتغيير والتجهم أمام رياح التغيير الكاذب التي لم تؤت أكلها للأمة لا بالخير ولا العير ولا بالنفير !!
......2
الألبوم يحمل مفهوم فلسفي وتوعوي بأسلوب فني حامل للصوت والكلمة والأداء ، وكأنه يقول للناس أنكم اعتدتم على أن فلسفة الكون والحياة محصورة بفئات بعيدة عن الشارع ، وتهم طبقات تختلف عن شوارع الناس ، وتهم غيركم من البشر حتى كأنكم انفصلتم عن حالة الوعي ، أو هؤلاء فصلوكم وتم فرز الفلسفة الكونية الإنسانية والأخلاقية الفطرية عن الشارع الإنساني !
فكتب كلمات أغنية داروين ساخراً صارخاً من بشر هذا العصر ، وهيمنة الوحش السعدان أو المجرد من أردية الستر الأخلاقي والوازع الديني المنزل في العقل والروح ، حتى بات الإنسان ضد الإنسان وحشاً كاسراً ، وتمرد العالم البشري متخلياً عن ( وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) ومارس أبشع الجرائم وارتكب أعنف المجازر ضد الإنسان !!!
في أغنية داروين ... معان حانقة احتجاجية ثائرة غاضبة ... وظفها مؤلفها بسخرية نازفة ... تنفر من قلب ملذوع لو عاد داروين الذي استشرف قيمة وسلوك وخلق هذا الإنسان وكان داروين مطلق الحنق والغضب تجاه الإنسان ، لصرخ ها هو الإنسان الوحش يتجسد اليوم مجرداً من فطرة العلم والمعرفة والتطور ، يعود رغم استاع رقعة العلم والمعرفة والنهوض كأنه لم يرتق وكأنه قرد لا يتقن غير تسلق الأغصان وتلقف وسرقة القوت والتصفيق على قفاه !!! خسارة الإنسان الفادحة تكمن في النص !!!
في أغنية طرقاتك ...
يطرح نصاً حول أمور حياة الشعب وحقوقه وواجباته وحاجاته ، وصفوف الفساد المهيمنة على أعلى قرارات التخلف وإهمال مناداة وحاجات الشعب في كل زاوية منخورة الإتجاه ، حتى الطرقات وتزفيتها وطرائق الغش والنهب والاستهتار فيما يعني البشر المعذبين في كل شبر على هذه الطرقات
طرقاتك يا بلدي العاجز .. ما بيشبع منها النظر ..
مهما زادو الحواجز .. أو مهما كترو الجور ..
*****
يا بلدي لو طرقاتك .. متل الحالي اللي فيك ..
كانت كلا وحياتك .. مفلوشي بزفت سميك ..
لكن إيامك جايي .. مع الشعب المسكين ..
وطني صورة وبداية .. بعيون المولودين ..
ورح تبقى للنهاية .. مهما طال السفر ..
*****
يا حاكم يا المتحكم .. بشعبي صرلك مدة ..
يطول عمرك شو إنك .. وارث قالو عنك نخبة ..
بيك من قبلك نايب .. إمك كانت وزير ..
إختك طلعت سفيرة .. خيك سمسار كبير ..
عنا ديمق قراطية .. أكتر ما عنا جور ..
*****
يا خيي يللي ماشي .. عاطرقات الحرية ..
لا تفكر إنك وحدك .. عدروب الإنسانية ..
وحد جهدي مع جهدك .. وخلينا نضل سويي ..
نحنا وشعوب الأرض .. عنا نفس القضية ..
نحنا وشعوب الأرض .. عنا نفس القدر
....
يقول في ألبومه ما لم يقله كثيرون في عصر الإقتتال الوحشي ، والذي يتطلب من الجميع ومن كل صاحب فرصة لرفع صوته ، في الأعلى وفي الساحة ، بدلاً من الإسفاف والإغراق في تفاهة الأداء والنصوص والألحان المموسقة المكلفة الباهظة بلا طائل يمس حياة المظلومين والمسحوقين والمقتولين على الهوية والكلمة والموقف !!
إياد وهبه ... فنان متكامل الخطاب ، يصعد منابر الكلمة ونحتاجه في عصر الدم الوحشي وفي النهش الدامي ي بين البشر ، حيث أصبحت الروح أرخص من حبة بندورة دامية اللون ، لا يحسب سوى لونها الأحمر في عالم السلع الحيوانية المجردة من الحس والخلق والدين الذي تدعيه !!!
نحتاجه صاحب صوت ملعلع بروح الكلمة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء للبشرية والناس ، والأرض ، نحتاجه لنستبدل به غثاء الساحات ويرتفع ذوق الناس ، والإحساس بما يغرقهم من ضياع وفكرة وموقف ولحن وسرالة تنطوي على حق الناس ووعي الناس !!!
نحتاج هذا الصوت والكلمة والقدوة الفنية على الوقوف بيننا ، حيث جسد الأمة أصبح واهياً عند قطع أنفاسه لا قيمة له في حياته ولا في رحيله ، وأضحى الجسد هو هدف القتل لتحقيق الهوية الإرهابية الطامعة بالمادة ورأس المال والفائضة بالموت لكي يقال فلان شرس وقاتل ويتسامى على هذه الصفة !!! وكأن إياد يصرخ ( من قتل نفساً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعاً ) وكأنه يقول وهو فعلاً يقول اضاعوا الشريعة وأضاعوا شرع الله بالموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك !!
فجاءوا أكثر غلاظة من وحش بوهيمي وأشرس وحشية كأنهم خشب مصنمة لا عقول ولا قلوب ولا فطرة المشاعر التي فطر الله الإنسان عليها !!
فهنيئاً للساحة بالعقل والحس والجد والفن للناس !! ومن أجل الناس !
فيعرج في كل نص في الألبوم بأن اليوم هو زمن العقل والعقل هو الهدف البديل والحق يعلو في الشرع والتشريع والشريعة )
.....
إن أي رنين من الأصوات لا يمس العمق في أضلاع المستمع ويبقى معتمداً المساس في المحيط الخارجي ،ويظل مترنحاً في الهواء والطنين ، فهو وإن ارتفع وعربد فلا أثر له في الفؤاد !
ومن خلال تناول وأداء وموسقة وتلحين وتجديد وتطوير أغنيات سجاني لسميح شقير ، وموال الهوا من تراث فلسطين ، وشيد قصورك لأحمد فؤاد نجم وغناء شيخ إمام ، وحلوا المراكب للرائع نجيب سرور وغناء شيخ إمام ...
من خلال سماعنا لهذا الأداء المتفرد وتقديمه للمستمع العربي في الفن الصوتي الجمالي الواصل ، نتعرف على مفارق طرقات الرسالة الثقافية المتأصلة في الفنان إياد وهدف التوجه في النص واللحن والمسير في طريق الكبار وعلى جوانب التقدير والتبجيل لأصواتهم !!
وهنا يجب أن لا ننسى الداخلية الروحية المنحوتة بتركيز الانفاس على حدوس الخيال عند إياد وهبه ، فقد أخذنا إلى حيث نستمع ونترنم ، نفرح أو نبكي أو نستعيد الشجون ، وكان ذلك الأخذ بالأغنية الموصلة رنيم القلب والروح !
ففي سجاني يعلو صوت إياد ويتميز وتتعالى نبرة الشعب واحدة إلى فضاء الحرية ومطلق الأمل ، الصوت المموسق بنبض الإحساس والموهبة والكلمة ، قادر على التعبير عن شعور الجميع في الخيال ويمكن أن يتلبس الاشكال الموسيقية المتجهة باتجاه النفس ، لتكون قادرة على التعبير عن الشعور والعاطفة الوطنية والممزوجة بجراح الاسرى والمعذبين والمنادين أمهاتهم بأعلى صرخات (يمه العسكر بيني وبينك ... لو طولت بيعلى جبينك ) يا سلام ... !
. وهذا ما يرقبه المستمع حين يعود أدراجه من حفلة صوت وقرع وصراع في ضجيج فارغ الوفاض، كأنه لم يحمل معه أذنين تسعيان لمقولة والأذن تعشق قبل العين !! ولن أقول أحياناَ .
عند إياد تتنامى الموسيقى مع الصوت الشجي حينما تتعانق مع الكلمة الواصلة ، وتشكل معماراً فنياً يتنامى يكبر مع السماع !!
وإياد وهبه يعرف أن لكل مستمع خيالات من الأحزان والأفراح والتخيلات التي تعيده إلى عوالم من الشعور والحياة في نغم يبقى جميلاً حتى ولو قطع نياط القلب ، فلماذا لا نسعى دوماً لابتكار وإبداع ما يتناغم مع النفس البشرية ؟ وخاصة ما تظمأ إليه البشرية من تعبير واقعي ويلامس شغاف الصدق والإحساس ؟؟ ويتمتع برسالة ثرية طالما الجهد المبذول قد تم تقديمه في العمل ؟؟
يقول النقاد أن الموسيقى والفن السماعي هو فنون رومانسية بالدرجة الاولى ، وأنا أقول أن الفن السماعي وخاصة المتوافق مع الكلمة واللحن والصوت لا يمكن أن يكون فقط للترنح والصمت والهدوء والتأمل ، فالفن السماعي حالة يمكن أن يكون ثورة أو استعادة تاريخ ومواقف مشهودة وتعبوي وأن يكون مجدا لكل الناس للنهوض !!! وهذا ما قدمه إياد وهبه للناس .. كل الناس في ألبومه كرمالو !