بقلم :

عندما تعلن نتائج الثانوية العامة يبدأ الطالب الناجح وولي أمره مشوارا طويلا من المعاناة والبحث عن قبول في الجامعة المطلوبة وفق التخصص الذي يمليه معدل الطالب ورغبته ، واعداد الوثائق وتصديقها في سباق مرهق نفسيا وماديا ، ومن هذه المعاناة هذه الصورة التي يجدها أبناؤنا الطلبة وأولياء أمورهم في بعض المؤسسات الوطنية : بالأمس جلست في مكتب مكيف أمام بوابة مؤسسة حيوية للحصول على ورقة تحمل توقيعا واحدا وختمين اثنين وذلك منذ الساعة التاسعة صباحا وحتى الثانية ظهرا،علما أنني زرت المؤسسة للمهمة ذاتها في اليوم السابق حيث قدمت الأوراق كاملة بما في ذلك ثلاثين قرشا طوابع واردات .

وبعد الانتظار الطويل واستخدام الهاتف من قبل الموظف للسؤال عن مصير الوثيقة أكثر من عشر مرات جاء الموظف في غرفة الاستقبال ومعه مجموعة من الأوراق من ضمنها ورقتي وقد أقسم الموظف المسكين أنه جاء بها على عاتقه بناء على ثقته الخاصة بي وعطفا وشفقة بي لمكوثي الطويل في شهر رمضان بهدف الحصول على ورقة كنا نأخذها من المدرسة المعنية خلال عدة ثوان ، والمثير للاستغراب عندما استلمت الوثيقة وجدتها تحمل التاريخ السابق أي يوم تسليم الوثائق المطلوبة للحصول على الوثيقة العتيدة وهذا قد يشير إلى أن الوثيقة كانت جاهزة منذ الأمس ولكنها لم تصل لسبب يعلمه مدير الدائرة أو المؤسسة الحكومية المعنية .

ومن منطلق التطوير وشعار الحكومة الالكترونية وتوافر الحاسوب في كل ركن وزاوية من زوايا مؤسساتنا والتي تستغل للعب بأشكال مختلفة من ورق الشدة إلى البلياردو إلى المواقع المتنوعة والمرتبطة بالشبكة الالكترونية ، وأسأل نفسي في وقت أصبح توافر المعلومة من أيسر الأعمال و أسهلها : لماذا تحتاج وثيقة يحتاجها قطاع كبير من المواطنين إلى يومين كاملين والأمر لايحتاج أكثر من إدخال الرقم الوطني للمواطن ؟ ومن ثم لماذا تحتاج الوثيقة إلى استمزاج الإدارة في العاصمة وطالب الوثيقة طالب أنهى الثانوية العامة للتو ؟ ولماذا لايكون استخراج هذه الوثيقة من خلال المكتب التابع للدائرة المتوافر في اللواء الذي يقطن فيه الطالب ؟ أي أن الوثيقة يجب أن يتم الحصول عليها في اليوم ذاته التي تقدم فيه الوثائق المطلوبة كاملة ولا ضرورة لأخذ رأي الإدارة وبخاصة أن المواطن مازال لم يتخط الثامنة عشرة من عمرة أي أنه غير مكلف بعد ولا أعتقد أنه يوجد عليه وعلى من شاكله من الطلبة سجل جرمي يستحق منعه من الحصول على هذه الوثيقة .

أنا لست ضد الإجراءات الرسمية ولا ضد أن تسير الأمور في نصابها وفق القنوات المحددة ، ولكن أنا ضد التمتع في عقوبة المواطن بشكل غير مباشر والتلاعب في أعصابة من خلال المواعيد التي تعطى له على الأمل وصول الوثيقة خلال خمس دقائق يقدمها الموظف المعني تطمينا للمواطن في حين أن خمسة الدقائق تتحجم إلى يوم بكامله أن لم يكن يومين أثنين فداء لوريقة لا أجد الحصول عليها ضربة لازم في ظل التغني بانجازاتنا الديمقراطية في أردننا العزيز إلا إذا كان الهدف منها لا يخدم أبناء الوطن الذين لم يروا من الحياة غثها وسمينها ، فعلام نلزمهم بشهادة حسن سلوك من أعرق مؤسسة وطنية تربأ بنفسها عن مثل هذه الصورة التي قد يراها المواطن معتمة من جهة وتعقيد المواطن من جهة أخرى في زمن أصبح الحصول فيه على المعلومة من أيسر الأعمال وأسهلها كما أشرت آنفا .

والله ولي التوفيق .