11-09-2014 08:32 PM
سرايا - سرايا - الفقر؛ وفقاً لما كتبه أرسطو هو "أصل الجريمة" ولكن هل كان على حقٍ في قوله هذا؟
أمرٌ مؤكد؛ فالجريمة ترتبط بالفقر بواقع الحال؛ إلا أن بحثاً قام عليه "أمير سارياسلان" وزملاؤه، من معهد كارولينسكا في ستوكهولم –نُشر الشهر الماضي في "المجلة البريطانية للطب النفسي"- ألقى ظلالاً من الشك على سلسلة السببية -على الأقل بالقدر الذي يتعلق بجرائم العنف وإساءة استخدام العقاقير.
وتمكن سارياسلان وفريقه، عبر استخدام الكنوز الثمينة الدفينة من البيانات الشخصية التي جمعتها الحكومات الاسكندينافية عن مواطنيها، من دراسة حالة ما يزيد على نصف مليون طفل وُلد في السويد في الفترة ما بين العامين 1989 و1993.
وكانت السجلات التي اطلعوا عليها احتوت معلومات تخص التحصيل العلمي، والدخل السنوي لأُسرهم إلى جانب إداناتهم الجنائية.
كما وأتاحت هذه السجلات للباحثين أيضاً إمكانية التعرف إلى أشقاء هؤلاء الأطفال.
يبدأ سن المسؤولية الجنائية في السويد من عمر 15 عاماً، ولذلك تتبع سارياسلان في دراسته من عيد ميلادهم الخامس عشر صعوداً، ولمدة تتراوح في متوسطها بين 3 سنوات إلى ثلاث ونصف.
ووجد مما لا يثير دهشة أحد، أن المراهقين الذين نشؤوا في الأسر التي تقبع إيراداتها ضمن الخمس الأقل دخلاً، أكثر عرضةً بسبعة مرات إلى الإدانة بارتكاب جرائم العنف، وأكثر احتمالاً بضعف المرة لأن يدانوا بتهم جرائم المخدرات، بالمقارنة مع هؤلاء الذين تقع عائلاتهم ضمن الخمس الأفضل دخلاً.
وما أثار دهشته حقيقة أنه حينما راقب العائلات التي بدأت حياتها فقيرة ومن ثم أصبحت ثرية، وجد الأطفال الأصغر سناً –هؤلاء الذين ولدوا إلى ثراء نسبي- يحتمل أن يسيئوا التصرف في مرحلة المراهقة على نفسه خطى أشقائهم الأكبر سناً ولم يكن دخل الأسرة، بحد ذاته، العامل الحاسم.
وهذا يقترح احتمالين اثنين لا يستبعد أحدهما الآخر؛ يتمحور أحدهما حول أن ثقافة الأسرة، حينما تنشأ تلتصق بها ويصعب التخلص منها –أي يصبح باستطاعتك، إذا ما أشرنا إلى الأمر بفظاظةٍ، أن تخرج الطفل من الحي الذي كان يعيش فيه، وليس الحي من جوف الطفل.
وبالنظر إلى نزوع الطفل، على سبيل المثال، إلى محاكاة الأشقاء الأكبر سناً الذين يحترمهم، فالأمر معقولٌ تماما.
ويكمن الاحتمال الآخر في الجينات الوراثية، التي تهيئ للسلوكيات الإجرامية (تقترح العديد من الدراسات أن هذه الجينات موجودة) هي أكثر شيوعاً في قعر المجتمع من أعلاه والتي ربما تميل، بسبب ما تنطوي عليه من الافتقار للسيطرة على الدوافع، إلى التقليل من قدرة المرء على الكسب.
ليس من المرجح أن تحظى أي هذه الاستنتاجات بالترحيب لدى المصلحين الاجتماعيين.
ويقترح الاستنتاج الأول أن مجرد زيادة دخول الناس، على الرغم من أنها قد تكون فكرة جيدة لأسباب أخرى، لن تعالج وحدها أسئلة سوء السلوك.
بينما يزيد الاستنتاج الثاني من احتمالية أن يكون الفقر يعزز نفسه بنفسه من جيلٍ إلى جيل، وخاصة في الدولة الثرية كالسويد حيث آثار غربلة التعليم والحاجة إلى مستويات عالية من المهارة في العديد من الوظائف ستفضل هؤلاء الذي يستطيعون التحكم بسلوكياتهم، وليس الذين يتوكؤون على العديد من العكازات الكيميائية ليواصلوا خلال اليوم.
هذه دراسة واحدة فقط بالطبع، ولذلك ستحتاج استنتاجات من هذا النوع إلى أن يتم اختبارها من قبل آخرين ولكن إذا ما تم تأكيدها، لن يكون واقع كونها مزعجةً عذراً لتجاهلها. -(إيكونوميست)