16-09-2014 12:09 AM
سرايا - سرايا - صدر في عمان مؤخراً الطبعة الثانية من رواية قاسم توفيق “البوكس”، و التي كانت قد صدرت طبعتها الأولى في العام 2012 .
رواية البوكس ترصد كباقي أعمال قاسم توفيق عمان لكن هنا بنص خارج عن مسار النص الروائي العربي وعن ما صدر للروائي في السابق، فهي تغوص في قاع عمان، وتشهر شخوصها من عوالم مخفية، كما أنها تسبر شخصيات لم يسبق الكتابة عنها، وهي شخصية البلطجي.
اللافت أن هذه الرواية قد تم انجازها في العام 2010، قبل ان تتفجر ظاهرة البلطجة في الوطن العربي، فهي إذ ترسم أجواء الواقع الاجتماعي الأردني المتخفي والغرائبي، فأنها قد تصدم القارئ عندما تدفعه للتوغل في تفاصيل هذا الواقع. عندما تنبهه إلى وجود شريحة صارت متحققة وفاعلة في المجتمع، و صارت تقبع في كل زوايا الحياة.
قام قاسم توفيق بالتقاط هذه الشخصية من خلال هذا النص الروائي بتسلط الضوء عليها فكشف أدق الخبايا فيها. فهي ملئى بالشخوص الذين يعكسون هذا الواقع فترى منهم العاشق، المثقف، الفلاح، المرابي، الأم، والثورة المضادة. كما يعالج مفاهيم الخير والجمال، ويعلن بأن الشر هو من نتاج المجتمعات المستلبة من الحرية والعدالة، المجتمعات المهانة، المسحوقة والمغتصبة.
شخصية "البوكس أحمد" تحمل معظم امراض مجتمعها من جهل وقسوة وشظف بالعيش، مقابل سيطرة طبقية أودت به لخدمة الطبقة التي استبدت به، سحقته، دمرته، واغتصبت انسانيته وأهانته حتى نهايته. والمهم في هذا التشكيل للشخصية هو ان قاسم أبرز بصورة واضحة شخصية البوكس المناقضة لشخصية البلطجي وذلك من خلال علاقته بأمه حيث يكون أمامها طفلاً عارياً من سمات البلطجي، بالإضافة الى وفاءه اللامحدود لأقرانه.
ان ما حقق لقاسم كتابة هذا النص هو معايشته الحية والمغامرة لبعض أحداث وشخوص هذه الرواية، يقول صاحب الرواية الجريئة التي صدرت مؤخراوالتي أثارت جدلاً كبيراً في الأوساط الثقافية « رائحة اللوز المر»، بأن هذا العمل " البوكس"استملكه كونه عملاً يغوص في نفوس شخوص نعايشهم كل يوم من دون أن نتعرف على قرارة دواخلهم، أما هو ففعل!
لا زال قاسم توفيق كما في كل أعماله وفياً لمدينة عمان وقاعها يراها بعيون الحب ويحسها بقلب دافئ، وفياً لنصه الأدبي المشوق ولغته المشاكسة الرشيقة.
البوكس، رواية انسانية موجعة تتناول ظواهر اجتماعية ونفسية وأخلاقية متعددة نادراً ما تناولها أدباء في عمل إبداعي كهذا، ان لم تكن من أول الأعمال الأدبية العربية التي تتطرق لهذه الشريحة من المجتمع.
لقاسم توفيق عدد من الرويات هي "ماري روز تعبر مدينة الشمس"، " أرض أكثر جمالاً "، " عمان ورد أخير "، " ورقة التوت "، " الشندغة "، " حكاية اسمها الحب"، وأخرها الرواية الأكثر جرئة " رائحة اللوز المر" والتي صدرت قبل أشهر. كما أنه صدر لقاسم توفيق خمس مجموعات قصصية.