16-09-2014 12:12 AM
سرايا - سرايا - احتفت المكتبة الوطنية بإطلاق كتاب مذكرات الدكتور حسين فخري الخالدي "ومضى عهد المجاملات" في ثلاثة أجزاء عن دار الشروق عمان- رام الله، ضمن برنامج كتاب الأسبوع.
واعتبر مشاركون في الندوة أن الكتاب يقدم "معالجات معمقة ووافية وواعية، انطلق المؤلف فيها من وحدة الدفتر أو الملف، فكل دفتر مصاغ من وحدة الموضوع وهو لا يضيعك في التفاصيل لما لديه من قدرة فذة على استخلاص المعنى الجامع تاركا للقارئ العودة إلى الوثائق".
ولفتوا في الحفل الذي أقيم أول من أمس بمناسبة إصدار هذه المذكرات التي أعدتها كريمة المؤلف ليلى الخالدي إلى أن المؤلف يعد علما في التأريخ للقدس خلال القرن العشرين.
وأشاروا الى أنه كتب المفصل في تاريخ القدس وتاريخ المسيحية في القدس وتاريخ النكبة، فالخالدي الذي ولد في القدس العام 1892، ودرس فيها، وأكمل دراسة الطب في الجامعة الأميركية في بيروت، شكل الحكومة الأردنية في العام 1957.
يشار الى أن الخالدي كان ضابطا في الجيش التركي، وعين طبيبا في حلب، وفي العام 1934 انتخب رئيسا لبلدية القدس، ثم عين حارسا للأماكن المقدسة، ووزير خارجية للأردن العام 1955، وعضوا في مجلس الأعيان.
وحضر حفل إطلاق الكتاب سمو الأمير طلال بن محمد وسمو الأميرة غيداء طلال، وشارك في الحفل الدكاترة: محرر الكتاب رفيق الحسيني، والمؤرخ عدنان البخيت، ورؤوف أبو جابر، والمؤرخ الفلسطيني الأميركي رشيد الخالدي، وأدار الحفل السفير مازن النشاشيبي.
البروفيسور في جامعة كولومبيا رشيد الخالدي قال إن "ما يميز هذه المذكرات، احتواؤها على وثائق، وصور عززت من قيمتها".
ولفت إلى وثيقتين تنشران لأول مرة وهما "محفوظتان في الأرشيف البريطاني منذ زمن، بحيث تبرز هاتان الوثيقتين أن التاريخ، يعيد نفسه عند كل منعطف تاريخي للقضية الفلسطينية".
وقال الحسيني وهو حفيد الخالدي إنه "تمت صياغة هذه المذكرات وتنقيحها العام 1949، وبالتالي لا تتعرض للأحداث التاريخية الواقعية خلال الخمسينيات، عندما تبوأ الخالدي مناصب رفيعة في حكومات المملكة الأردنية الهاشمية، فكان وزيرا للخارجية، ثم للدفاع ثم رئيسا للوزراء لمدة 9 أيام في نيسان (ابريل) 1957".
وبعد ترؤسه للوزراء تلك الفترة القصيرة، انزوى ساخطا على من كانوا يزورونه مساء، ويعلنون تأييدهم لما يتخذه من إجراءات، وفي الصباح خلال تلك الأيام التسعة الصعبة في تاريخ المملكة ينقلبون عليه وفق الحسيني.
وأضاف الحسيني أنه عندما كان يزورهم في البيت ويتناول طعام الغداء "كان يجدني أطوف حول مائدة الطعام – وأنا في الخامسة من العمر- صائحا ومرددا عبارة استقيل يا خالدي.. استقيل يا خالدي، فيقول مازحا لأمي: يا ليلى مش خالصين لا برة البيت ولا جواه".
ولفت إلى أن من يقرأ هذه المذكرات التي كتبت العام 1949، فكأنما يقرأ الأوضاع الفلسطينية والعربية اليوم، ولكن على نحو أفضل مما هي عليه آنذاك.
وأشار الحسيني إلى أن من يتابع ما يحدث في فلسطين وما حولها في العالم العربي، سيجد جذور كل ذلك في طيات هذه المذكرات والوثائق المرتبطة بها والمنشورة معها.
وفي حديثه حول تاريخ عائلة الخالدي، قال البخيت إنه "تاريخ عائلة عريقة في القدس الشريف، وترفع نسبها إلى خالد بن الوليد.
ولفت البخيت إلى أن المؤلف "مؤرخ وشاهد عيان، تتسم لغته بالسلامة والسلاسة وهي من السهل الممتنع، فهو يكتب بصفته مشاركا في صنع الأحداث في بلدية القدس أو حاضرا في مؤتمر لندن، أو منفيا إلى جزيرة سيثل، حيث نفاه الإنجليز الذين نفوا إليها من قبل المناضل المصري سعد زغلول".
ويذكر المؤلف بحسب البخيت تفاصيل نفيه مع زملاء له، مبينا أن "تهجيرهم لم يمنعهم من متابعة أخبار البلاد ولو كان ذلك بالإصغاء إلى محطة مانيلا في الفلبين".
وأشار إلى قصص الهجرة ودور المسلمين من الهنود في خدمة هؤلاء الزعماء ورعاية شأنهم، مبينا دقة اللغة عند الخالدي وموضوعيته التي تدل على أنه "رجل هادئ لا يجلجله الحدث وهو لا يؤخذ بالقشور والمظاهر، بل يبحث عن الجوهر ليرى قدرة كل دولة عربية لنصرة فلسطين ودفع الأذى عنها".
وقال إن "الصورة التي قدمها لنا محزنة وبائسة عن دول العالم العربي بعد النكبة وقبلها، ولا يخلو أسلوبه من نكهة السخرية والفكاهة والدعابة".
وتناول الخالدي وفقا للبخيت "مواقف الدول الكبرى، فحللها ووجد أنها لا تفكر إلا في مصالحها، وأنها منساقة إلى تأييد دولة إسرائيل، ولا يفوته أن يسجل ملحوظاته السلبية على مواقف تركيا من بين الدول الإسلامية".
كما يتناول المؤلف "الواقع الفلسطيني فيشير إلى الصراع بين العائلات الكبيرة الإقطاعية في فلسطين، من الأفندية كبار ملاك الأراضي وتنافسهم على الزعامة".
وبين انه في العام 1920 رسم الانتداب البريطاني حدود فلسطين، لتجتمع لأول مرة في كيان واحد ومجتمع واحد، متنوع الأشربة ولم تصهر مكوناته بشكل كاف، لتشكل مجتمع دولة جديدة، قادرة على إفراز زعامتها الخاصة".
أبو جابر بين أن الخالدي "زعيم سياسي فلسطيني، قضى أكثر من أربعين عاماً في خدمة قضايا بلده، ونال عن جدارة واستحقاق لقب الزعيم السياسي".
وقال أبو جابر عنه إنه "أمضى عمره نبيلاً، مترفعاً عن صغائر الأمور، ومنادياً بالوحدة لمجابهة الأخطار التي تتهدد الأمة، من خلال التشاور والقبول بالرأي الآخر، ويمتلك إيمانا ثابتا بأن الاختلاف في الرأي من أجل المصلحة العامة يجب أن لا يفسد للود قضية".