16-09-2014 01:57 PM
بقلم : امجد الشهوان
كان يُطلق على الأردن لقب معالي الشعب الأردني لكثرة الوزراء فيه و كثرة تغيير الحكومات و لكن هذه الأيام كان من الممكن ان يتغير هذا اللقب و يصبح سعادة الشعب الأردني لأن منصب النائب و موقعه أصبح وظيفة لها من الاِمتيازات المادية و المعنوية ما لها و سيتنافس عليها جميع مواطني المملكة و بحسب التوقعات و بعد مئة عام ستكون الأجيال في تلك الفترة جميعها تنحدر من سلالة نواب وسيصل عدد أعضاء المجلس الى عشرة آلاف نائب في المجلس و عمر المجلس سيكون من أربعة أشهر الى ثمانية أشهر و بهذا يتم القضاء على البطالة و يعيش الشعب بجميع اطيافه في بحبوحة لأن الجميع سيكون لديه راتب تقاعدي يصل الى ثلاثة ألآف دينار و سوف تنقرض ألقاب كثيرة من قاموسنا اليومي مثل عطوفة و معالي و يا بيك ...... الخ . و حينها ستظهر المشكلة الكبرى وهي نضوب الناخبين ...
و لولا العناية الألهية و تدخل جلالة الملك باللحظات الأخيرة برد مشروع القانون المجحف الذي أجمع عليه نواب و أعيان الوطن عندما قدموا مصلحتهم الخاصة على مصلحة الوطن والمواطن في وقت شحت فيه المساعدات و اصاب الخزينة ما أصابها من الضعف و الوهن جراء الاستغلال الجائر للمنصب و السلطة والضحية كان على الدوام و في جميع المعادلات المنصرمة و الحالية هو المواطن المسكين الذي لا حول له و لا قوة . ان مشروع قانون التقاعد المدني و المستفيد الاكبر منه هم النواب و الأعيان كان بالأمكان ان يكون مسماراً فولاذياً في نعش مسيرة الاصلاح الشامل الذي خططت له القيادة و حلم به الشعب مستغلين حالة التخبط في الداخل و الأخطار التي تهددنا من الخارج و البراكين الملتهبة من حولنا , كان اِجماعاً منافياً لما جاء بالاوراق الهاشمية و التي كانت بمثابة خارطة طريق لأردن جديد و نظيف مبني على قواعد العدالة و أسس النزاهة و الشفافية و احترام حقوق الانسان .
جاء الرد حاسماً و قوياً باستخدام الملك لصلاحياته بموجب الدستور . حيث ظهر من خلال توجيه رسالة قوية الى رئيس الوزراء تحمل في طياتها الكثير من المعاني و العبر لكل صاحب قرار و مشرع مفادها : أما آن الأوان أن تضعوا الأردن على أولى الأولويات أما آن الأوان لنرى المواطنة الفاعلة و أن يحرص الجميع على المال العام و المحافظة عليه ..... و بالنسبة لنا أن ما يبعث الامل بالنفس و يطفىء براكين اليأس و الاِحتقان هو هذا الرد الذي كان بمثابة درساً من دروس الوطنية لأصحاب المعالي و السعادة والعطوفة , و اِمارة واضحة وجلية للجميع بان الأردن ماض على طريق الاِصلاح .
أما الطرف الآخر من المعادلة و هو الشعب المطحون بجميع فئاته العمرية و أطيافه السياسية , فأنه كانوا يتطلع الى رأس الدولة و مليكها لعدم المصادقة على هذا القانون لكي تستعيد تلك العلاقة التي كانت تجمعهما , بريقها كما كانت في السابق . فمثل هذه القرارات والافعال و الممارسات هي من جعل جسر الثقة بين الشعب و مليكه يتأرجح لينهار و يحل مكانه جداراً عازلاً بين الملك و شعبه تسيطر عليه النخبة السياسية و من هم في دائرة صنع القرار حتى يبقى زمام الامور في ايديها . و بالفعل فقد كانت الاستجابة سريعة و شافية من كل سقم ..
الى أولئك الذين اِئتمنهم الشعب و منحهم ثقته من الأولى بثلث أو ربع هذا التقاعد الكبير أنتم أم ذلك المرابط على الحدود ؟أم هذا الذي يجوب شوارع البلاد ويدخل زقاقها يواصل الليل بالنهار ليلتقط معلومة أو يلحظ حركة مشبوهة همه أمن و أمان البلاد ؟ من الأولى أنتم أم صاحب الزي البرتقالي الذي تصهر بشرته حرارة الشمس وتجمد دمائه قرصات البرد ؟ ماذا فعلتم للأردن و للأردنيين ؟
نعم يا جلالة الملك بدون حجاب و لا حواجز شعب و قائد ... شعب و قائد نريد حل هذا المجلس فلم نعد نريد الديموقراطية ومن يتاجرون بها لا نريدها ما دامت هي سبب خراب بيت الأردنيين , لا نريدها مادامت طريقاً يسلكه الكثير من المتسلقين ليجنوا من وراءها المكاسب و المنافع على حساب البلاد والعباد . يكفينا هدراً للمال العام يكفي استخفافاً بعقول الاردنيين فالأردن لم يعد يستطيع تحمل الأعباء من نفوس مستغلة لا تعي معنى كلمة وطن .