16-09-2014 02:02 PM
بقلم : هلال العجارمه
ضجة اعلامية كبيرة وتذمر شعبي بعد موافقة أغلبية برلمانية ساحقة على تعديلات أدخلت على قانون الخدمة المدنية تمنح النواب راتبا تقاعديا مدى الحياة مقداره ثلاثة آلاف دينار، وهو حق مكتسب راعى فيه البرلمان مبدأ المساواة بين رواتب المتقاعدين العسكريين ورواتب المعلمين والفئة الكادحة من موظفي الدولة وبين رواتب النواب، كيف لا والنائب قد كدح وجد واجتهد وعانى مثل ما عانى الوكيل المتقاعد فلاح في (كمائن) الغور وحرها الملتهب ولسعات البعوض المتعطش للدم وهجمات عقارب الصحراء وبردها اللاسع وصيحات ضباط الخفر التي توقظه من (تعسيلة) ماقبل الفجر لتقول له انك الوطن وان امن الوطن يتوقف عند (بوز) بندقيتك وأن غفوتك هذه ممكن ان تتسبب في ضياع الوطن بأكمله فتندفع في عروقه الدماء الساخنة ويوقن ان الوطن كله يعتمد على فلاح وبندقيته، وينقضي حلم فلاح بحصوله اخيراً على تقاعد مجزي ينفض عن كاهله غبار كل تلك السنين ليدرك ان جهوده لم تذهب هباء منثور فقد حصل اخيراً على راتب ثلاثة الاف دينار تمنعه من التسول والعمل كحارس امن وحماية في باب احد مولات عمان الفخمة.
وكذلك النائب له نفس الحق براتب فلاح فهو ايضاً كد واجتهد وتحمل برد الشتاء وحر الصيف متنقلا بسيارات الاجرة الغير (مكندشة) ليرضي هذا ويكسب ثقة هذا ليصل الى مجلس النواب حيث الحرارة الملتهبة تحت القبة وندرة المياة الصحية وايام العمل المضنية بمقارعة الحكومات وضغوطات الناخبين ومطالبهم التي لاتنتهي والضغط النفسي والارهاق الجسدي الذي تسببه الرحلات الجوية الى العالم، وجاهات الافراح وعطوات الحوادث والمناسبات، الا يستحق بعد كل هذا العناء ان يحصل على ثلاثة الاف (ملطوش) تؤمن له حياة بسيطة بعد كل هذا الجهد.
الاشارات جميعها تقول ان صاحب القرار قد حسم امره بحل المجلس وان هذه الخطوة الاستباقية للمجلس الموقر قد جاءت ضربة المعلم في اللحظات الاخيرة من عمر المجلس حتى لايخرج النائب من تحت القبة صفر اليدين وان (يهبش) هبشته من خزينة متهالكة افرغها فساد الفاسدين فلا احد احسن من احد ولكن باختلاف الطرق فهذا (هبش) قانوني ولا يعتبر فساداً من وجهة نظر النواب, وتقاعد الثلاثة الاف دينار مبلغ زهيد لايستحق كل هذه الجلبة حوله وان كان يساوي رواتب عشرة متقاعدين من زمرة فلاح.
اذا كانت هذه القرارات تصدر عن مايعتبره الاردني ملجأه وصوته وجهازه الرقابي على الحكومات التي نهشت جسده حتى وصلت الى العظم، فلمن نشكو الدجاجة اذا كان القاضي ديكاَ؟