21-09-2014 12:26 AM
سرايا - سرايا - يعم الهدوء على سوسن خليل وكل تركيزها ونظرها يقع على هاتفها الذكي. هي تستثمر بشكل شبه يومي جلوسها على مقعد باص النقل العام لتضع السماعات في أذنيها وتبدأ بقراءة أحد الكتب التي تهواها.
سوسن مغرمة بالقراءة، وخصوصا الروايات الرومانسية، واصبح من السهل عليها تنزيل تلك الروايات على هاتفها النقال من خلال تطبيقات معينة، ما جعلها متحمسة للانتهاء من كل واجباتها تجاه أسرتها لتجلس وحدها تقرأ في المساء حتى تشعر بالنعاس وتنام.
غير أن سوزان محمود ما تزال تفضل الكتب العادية، وترى أن الإلكترونية لن تحل مكان الكتب التقليدية، فثني الصفحات وكتابة الملاحظات وما يدور في البال في تلك اللحظة قصة لها متعتها عندما يقرأ الشخص الكتاب، لكن عجلة الحياة سريعة وكثرة الالتزامات، ووجود كتب إلكترونية وتطبيقات يسهل تنزيلها على الهواتف الذكية جعل من يحب القراءة يواظب عليها في اي وقت”.
وتبين عنود الخطيب ان حبها للقراءة بدأ من خلال انتشار التكنولوجيا وذلك بعد أن أصبح لديها جهاز لوحي جعل القراءة ممتعة أكثر واسهل بتكلفة شبه مجانية، من خلال تنزيل برامج وكتب عن طريق الانترنت.
فتذكر بأن تعلقها في البداية في التكنولوجيا كان من خلال اللعب، لكنها الآن عرفت أنها تستطيع تنزيل كتب قيمة عن طريق الانترنت لتصبح اهتماماتها مختلفة تماما وتعلقها في الكتب أكبر.
ويبين الخمسيني أبو خالد بأن المجتمع القارئ هو المجتمع المتقدم الذي ينتج الثقافة والمعرفة، ويطورها بما يخدم تقدمه وتقدم الإنسانية جمعاء، ويقول “ما زلت اعشق الكتاب التقليدي الذي أمسكه بيدي وأقلب صفحاته وأعلم أين وصلت بثني الصفحة أو وضع علامة، وافضل أن أكتب ما جال في خاطري عند نقطة معينة”.
تظهر ارقام دولية ان 20 بالمئة من قراء الكتب في اميركا يستخدمون الاجهزة اللوحية الخاصة بالكتب الإلكترونية، فيما قال 20 بالمئة من قراء الكتب إنهم يتجهون لقراءة الكتب الإلكترونية خلال العام 2014.
وتكشف الارقام ان قراء الكتب الورقية يقرأون ما معدله 24 كتابا خلال العام، فيما يبلغ معدل الكتب الإلكترونية التي يقرؤها القراء 15 كتابا في العام، فيما يفضل 81 بالمئة من الاميركيين القراءة مع الاطفال بالكتب الورقية، و73 بالمئة من الاميركيين يفضلون قراءة الكتب الإلكترونية اثناء السفر.
وبحسب (IDC) المتخصصة في تحليل اسواق الاجهزة الرقمية، فقد تم بيع اكثر من 13 مليون جهاز قراءة إلكترونية في 2010، فيما تتوقع (IHS) المتخصصة في احصاءات الاجهزة اللوحية أن يتم بيع 7 ملايين جهاز قراءة كتب إلكترونية في 2016، حيث ستتراجع جاذبية هذه الاجهزة مع استمرار انتشار الاجهزة اللوحية او الحواسيب اللوحية التي يمكن ان تحتوي تطبيقات مخصصة للكتب الإلكترونية.
وتقول الخبيرة التكنولوجية هناء الرملي إن الكتب الإلكترونية قد تحد من استخدام الكتب الورقية إلى حد ما، لكن يجب أن يعزى الفضل للكتب الإلكترونية ومواقع الإنترنت بانتعاش ظاهرة القراءة وعودة جيل الشباب للقراءة، وهذا سيؤثر حتما لاستعادة عادة القراءة وبالتالي استهلاك المزيد من الكتب المطبوعة والإلكترونية.
وتضيف أن انتشار الكتب الإلكترونية بالآلاف على الإنترنت وتوفرها المجاني أو شبه المجاني يشكل خطرا على الكتاب المطبوع. لكن هناك سهولة بتحميل آلاف الكتب في الأجهزة المحمولة والاجهزة اللوحية والهواتف الذكية أينما كانوا وانتقلوا، كذلك يمكن من تأمين كتب غير متوفرة في المكتبات ودور النشر المحلية، أو كتب يتم منعها بحسب قوانين أي بلد، أو كتب توقفت عن الطباعة والنشر، توجه بعض الكتاب الغربيين على تفضيل اصدار كتبهم بنسخة إلكترونية وبيعها أونلاين. كل هذا يشكل تهديدا للكتاب الورقي ويتوعده بالاندثار.
وتضيف ان الكتاب المطبوع وصل إلى مرحلته هذه بعد أن مر بمراحله التاريخية من الكتابة على الألواح الطينية وجلود الحيوانات ولفائف البردي حتى وصل إلى الورق وظهور الطباعة وانتشار الكتاب في متناول الأيدي. وبمتابعة تاريخ الكتاب وأصوله لا يمكن أن يوقف عملية تحوله ليأخذ شكل الكتاب الإلكتروني الذي بدأ ينتشر في عصرنا نتيجة تزاوج التكنولوجيا وتقنيات “الملتيميدما” مع محتوى الكتب والمعلومات.
وتشدد الرملي على أن المؤشرات لصالح الكتاب الإلكتروني فهو من الناحية الاقتصادية لا يحمل صاحبه عبء الطباعة وتكاليفها من ورق وأحبار وتجليد، ويريحه من مسؤوليات النشر والتوزيع المتداولة لوصول الكتاب على ارفف المكتبات لا لتتلقاها ايدي القراء وإنما لتكون مساحات مسطحة للغبار وتكدسها.
ومن أفضل التطبيقات التي يمكن بها تحميل الكتب العربية من خلال الهواتف الذكية مكتبة نون، العبيكان هي دار نشر ومكتبة تعمل مع وزارات التعليم في منطقة الشرق الأوسط لتطوير المناهج التعليمية، وبالتالي يمكن للمرء أن العثور على الكتب التي نشرتها دار العبيكان فقط، رفوف، وارتقاء، وسيبويه.
ومقابل طفرة الكتب الإلكترونية في العالم، كما ذكر في إحدى الدراسات التي نشرت مؤخرا، تبقى الدول العربية بعيدة بأشواط كثيرة مقارنة بالدول الغربية، نظراً لتدني حركة التأليف والنشر وانتشار ظاهرة العزوف عن القراءة.
ويبين اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع أنه لايمكن غض الطرف عن فوائد الكتاب مهما كان نوعه إلكترونيا أو تقليديا، فالمجتمع الذي ينتج الكتاب ويستهلكه يعمل على تنمية فكره وتوسيع مداركه، ويصبح لديه قدرة اكبر على النقد وإصدار الحكم.
ويكمل بأن للقراءة أهمية في حياة الفرد والمجتمع، فهي تزود الأفراد بالخبرات وتنمي مداركهم، وتدفعهم ليكونوا روادا في مجتمعهم، فهي بلا شك العملية الأساسية في فهم التراث الثقافي والوطني، والاتصال بتراث الآخرين، ووسيلة للاتصال بباقي العلوم، وعن طريقها يشبع الفرد حاجاته، وينمي قدراته ويوسع آفاقه.
ويبين التربوي د. محمد أبو السعود بأن القراءة لها دور كبير في تنمية الطفل وخلق شخصية جميلة وواثقة، فهي تسهم في تكوين الشخصية النامية المبدعة المبتكرة، وتشكيل الفكر الناقد للفرد وتنمية ميوله واهتماماته.
ويرى أن القراءة من أهم وسائل استثارة قدرات المتعلم وإثراء خبراته وزيادة معلوماته ومعارفه وتمكينه.
ويكمل “على الفرد ان يستثمر وقته في قراءة الكتب، وتنمية تفكيره وتقوية لغته، فالكتاب يفتح آفاقا واسعة، ويطل به لعالم مليء بالمعلومات المفيدة والجميلة”.
ويقول “بما أننا نعيش عصر الإنترنت فقد ظهرت الكتب الإلكترونية والتي صار لها روادها، ولها مميزات كثيرة، لذلك بذلك يجب اغتنام ولع الأولاد بعالم التكنولوجيا وتشجيعهم على القراءة الإلكترونية”.
وتتحدث مسؤولة مكتبة في إحدى المدارس الخاصة ميسون عبد الرحمن بأن للكتب التقليدية اهمية كبيرة وهناك من لا يستطيع استبدالها بغيرها، غير أن الكتب إلكترونية تتميز بسهولة استخدامها باي مكان، خصوصا لمن يتنقل كثيرا، ويستطيع أن ينزل عشرات الكتب في جهاز صغير، فهناك من يستصعب حمل الكتب الثقيلة او اخذها بسهولة الى كل مكان.
وتضيف عبد الرحمن بأن السرعة والخط من مميزات الكتب الاكترونية فيمكن تغيير الخط والحجم بكل سهولة، ويمكن أن يكون الكتاب الإلكتروني خيارا جيدا إذا كان الشخص ممن يحبون القراءة على السرير لوجود اضاءة واضحة.