حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,26 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 31973

«قواعد العشق الأربعون» .. صراع الزمن المجنون

«قواعد العشق الأربعون» .. صراع الزمن المجنون

«قواعد العشق الأربعون»  ..  صراع الزمن المجنون

22-09-2014 10:10 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - في خضم رائحة الدم وأنين الخراب وآهات الآرامل ودموع المشردين وسط مشاهد الذبح المريعة والقتل والويلات في المنطقة التي الهبتها نار التطرف و الفتن و الطائفية العمياء , تتعطش أرواحنا لنسمات الحب كي نحيا من جديد, فكل الم مهماً كان يبرأ بقطرات من مرهم الحب الحقيقي الذي هوما نفتقده بشده في زمننا هذا .
وما بين ثنايا رواية «قواعد العشق الأربعون» للروائية التركية «ايليف شافاق» تتسلل خيوط حب ذهبية تشرق من نسيج ثلاثة روايات بأزمنة مختلفة ومتداخلة تسكن رحم الرواية الأم , لشخصيات تتشابك ملامحها والتحامها وسط مفارقات وصدف نسجتها المؤلفة ببراعة وأتقان شديدين.
وتسحب الرواية قارئها الى مساحات تريح النفس البشرية وتغدو بها بعيداً عن كدر الحياة وفتات الشهوات الدنيوية, تسكنه عالم الحب الالهي الخالد ذلك الحب الذي يسمو بالنفس الى آفاق سامية , وغير مستغرب أن كل من لمح عنوان الرواية خطر بباله أن يكون ذلك الحب الذي يربط الرجل بالمرأة ضمن تلك النهايات المحتومة.
وتستهل الرواية الاحداث بعام 2008 مع قصة «ايلا» الزوجة التي تحيا حياة تسكنها الملل والروتين وسادت معالم البرود العاطفي زواجها فما كان الا أن وظفها زوجها خبيرة في دار للنشر كي يشغلها قليلاً عن مغامراته العاطفية وخياناته المتكررة لها , ومع قراءة الصفحات الأولى من رواية « الكفر الحلو» لمؤلفها زاهارا حتى بدأت الانعطافات تغزو حياتها, وهي بداية حكاية شمس الدين التبريزي ذلك الدرويش ذو المواقف الغريبة والآراء المحيرة وهو من تمحورت منه قواعد العشق الأربعون حيث كان له التأثير في قلب معتركات حياة المتصوف جلال الدين الرومي الداعية والخطيب ذو الاتباع الكثر في القرن الثالث عشر الذي خاض رحلته الغريبة والمليئة بالتشويق والإثارة مع التبريزي مخلفاً داخله تلميذاً متلهفاً للعشق الإلهي , مترفعاً عن كل ماهو عشق دنيوي. وبنفس التـأثير الذي أثره التبريزي على جلال الدين الرومي تلقى «ايلا» نفس التأثير من التبريزي لكن بقالب آخر من مؤلف رواية « الكفر الحلو» «زاهارا» الذي ينشأ بينهما تواصل عبر الايميل الى ان تنتهي بتولد مشاعر حب خالصة تستنزف الكثير منهما , ويعتنق زاهارا الهولندي الاسلام ويصاب بمرض يسوقه للموت حيث يدفن في قونيا المدينه نفسها التي دفن فيها جلال الدين الرومي.
وتمشي قواعد العشق الاربعون بمريدها في نفق سري تأخذه من متاهات الدنيا الى عرش العشق الالهي فهاهو جلال الدين الرومي يترك عباءته ويطير بأشعاره في ملكوت الله, ويدعو للتسامي عن كل ماهو مادي و التحليق بسماء تسودها التسامح والعشق الالهي .
الأربعون مفتاح أهدته لنا الروائية ايلف لنفتح أبواب الحب في غمرة ما يحيط بنا من ويلات الفتنة والتعصب وشعارات الطائفية , ذلك الحب الذي يغرس فينا الراحة والطمأنينة والتسامح ويبدد بنوره ظلمة القلوب السوداء , و يرتقي بنا من الطقوس المجردة الى حالة الايمان والعشق الروحي السامي الذي يهذب النفس و يصفي ما بها من شوائب التعصب وافكار التكفير وانعدام الانسانية والضمير. «مالم نتعلم كيف نحب خلق الله فلن نستطيع أن نحب حقاً ولن نعرف الله حقاً».








طباعة
  • المشاهدات: 31973

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم