24-09-2014 10:14 AM
بقلم : منور أحمد الدباس
حتى تشكيل الحكومه العراقيه غير المكتمله والقائمه فعلاً على المحاصصه الطائفيه لم يغير في الواقع العراقي الذي هو في اسوأ حالاته منذ اسقاط النظام العراقي البعثي بزعامة صدام حسين ، والذي حكم العراق بالقوه والبطش والإعدامات وذلك لكل من أبدى طموحاً في تحسين وضعه القيادي العسكري أو السياسي بدون رغبه صداميه بذلك ، حيث كان تطهير منظومة الحكم البعثي الصدامي ممن اطلق عليهم العملاء والخونه هو العامل الرئيسي ، وكذلك قمع الإحتجاجات وإستعمال سلاح الكيماوي لحرق انتفاضة الأكراد في حلبجه وهي السبل التي كان يستعملها للمحافظه على استمررية حكمهم للعراق ، الى أن جاء الإحتلال الأمريكي وأنهى تلك الحقبه التاريخيه من حكم البعثيين والذين لم يسجل عليهم بأنهم كانوا طائفيين في حكمهم للعراق .
إلا ان الذين تسلموا الحكم بعد مغادرة المندوب السامي (بول بريمر ) حيث جاء علاوي وشكل حكومه تغلب عليها الطائفيه ، ثم خلفه الجعفري والذي كان كذلك طائفياً ثم جاء المالكي والذي كانت حكومته الأولى والثانيه طائفيه بأمتياز لكن سياسته تجاه السنه قد اختلفت عن الذين سبقوه للحكم حيث كان عدوا لدودا لأهل السنه عَمل على تهميشهم وإقصاء بعض زعمائهم ومنهم من هرب الى الخارج بسب تلفيق التهم لهم ، و من اقصاه من موقعه السياسي وهو عضو في مجلس النواب العراقي ويحمل حصانه ، وهناك من ادخله السجن بحجة دواعي امنيه ، وكانت ظروف العراق في زمن حكم الرؤساء الثلاثه القتل والتدمير ، وزج العراقيين بدون محاكمات في السجون بالآلاف ، ناهيك بأن اوضاع العراقيين لم تتحسن بل سارت الى الأسوأ وخاصة في عهد المالكي رغم رفضه من قبل السنه وإئتلاف الشيعه ، إلا انه رفض التنازل عن تشكيل الحكومه وإصراره على تشكيلها للمره الثالثه الا ان الضغوطات التي مارسها عليه الإتلاف الوطني العراقي الذي ينتمي اليه ، وكذلك فعلت دولة ايران وحتى الأمريكان الحليف القوي والذي يتوكأ عليه المالكي في حكمه للعراق حيث اعلنت علناً عدم التعاون مع حكومه يترأسها ،عندها تنازل بعد هذا التعنت غير الوطني ، حيث كان الهدف التشبث في المنصب ولا يعنيه ما يصيب العراق من ويلات واستهدافات من المنظمات الأرهابيه وما يحدث في شمال العراق .
وبعد ان استفحل الوضع في شمال العراق ، وخرجت كل الأمور عن السيطره ، واصبح العراق على شفا هاويه ومهدد بالتقسيم ، وبعد ان احتلت داعش شمال العراق والذي يمثل ثلث مساحة العراق ، وهم في تمدد مستمر ورغم الضربات الجويه من الأمريكان ، والتي هي فزعه لبغداد لكبح جماح داعش والتي هي في توسع مستمر رغم الضربات الجويه والتي يشكك في جدواها ، استطاع الأكراد بالتعاون مع الجيش العراقي من تحرير سد الموصل وكل المدن والقرى الواقعه حوله وفي تصريحات للقاده العرااقيين في جبهة الشمال وكذلك الأكراد انهم احرزو تقدماً باتجاه تحرير شمال العراق وإعادته الى ما كان عليه ، الا ان كل هذه التصريحات والأخبار الفضائيه تصدر من طرف واحد ، اما الطرف الثاني داعش فلم نرى أو نسمع منها شيئاً فهي محاصره اعلاميا وتم إغلاق كثير من المواقع على الفيس بوك والتويتر وكل وسائل الإعلام التي تنقل اخبارها ، لذلك لا أحد يعلم ما يحصل في جبهات القتال في شمال العراق الذي اعلنت داعش فيه دولة الخلافه الإسلاميه قي العراق والشام ونصبت البغدادي خليفه للمسلمين ، وناشدت كل المسلمين في كل العالم الإنضمام اليها ودعمها بالرجال والمال حتى تكمل حدود الدوله التي تطمح في أن تتوسع لتشمل سوريا والعراق .
وبسبب هذا الطموح العالي لداعش استنفر العالم الغربي بقيادة الأمريكان للتصدي للإرهاب الذي سوف يصل الى اوطانهم وخاصه حين ذكرت كثير من التقارير الإعلاميه بأن اعداداً كبيره من دول الغرب من الرجال والنساء قد تركوا اوطانهم والتحقوا بعصابات داعش ، وقد رفعو درجة الخطوره في أوطانهم جراء هذا الخطر الذي لا يعرفوا متى سوف يداهمهم ، من هنا جاءت دعوة الأمريكان لعقد اجتماع عاجل لحلف الأطلسي ، حيث عُقد في مدينة ويلز البريطانيه وبعد انتهاء اعمال المؤتمر يوم 5/9/2014 تم الإعلان عن التحضير والتجييش لشن حرب شبه كونيه على دولة داعش ، وصرح الرئيس الأمريكي إن الحلف الذي تم تكوينه من اعضاء حلف الأطلسي وبعض الدول العربيه ، وقد اعلن الأردن الإنضمام له والذي قد سبق بأن وجهت دعوه لجلالة الملك المفدى عبدالله بن الحسين لحضور المؤتمر ، نظراً لأن الأردن له حدود طويله مع العراق وسوريا وأن جلالته يملك من الخبرات ويقود جيشااردنياً عربياً مشهوداً له بالشجاعه والإقدام والتنظيم والولاء للوطن ، وهو قادر بالذود عن حياضه ، وإذا ما فكر أي عدو من إمتحان قدرة الأردن عسكرياً وأمنياً ويتجاوز الحدود الشرقيه والشماليه سوف يلقى اسوداً أشداء يصنعون ويجسدون على حسابه انتصارات يسجلها التاريخ بحروف من نور، وقواتنا المسلحه وأجهزتنا الأمنيه البواسل هم على اتم الإستعداد للتصدي لمن تسول له نفسه التعدي على حرمة الحدود الأردنيه أو محاولة اجتيازها ولو لمتر واحد فهو محرم عليهم ، ولكن نحن الأردنيون نرفض ان نحارب او ندافع عن الأخرين الذين تسببوا في خراب اوطانهم وضياع أمنهم وتشريد شعبهم ، يكفي الأردن انه تحمَّل كثير من السياسات الخاطئه التي عاملت بها هذه الأنظمه شعوبها واستعملت معهم العنف والإرهاب بدل التفاهم والسلميه في التصرف واحترام الرأي والرأي الأخر، وقيادتنا الرشيده هي خير من يقرر مصالح الوطن وما ينفعه ، ولها تجارب ومواقف سابقه ثبت نجاحها في سوريا والعراق ، وكانت نتائجها واضحه للقاصي والداني ، حيث نأت بالأردن والذي هو في قلب العاصفه ، عن التورط في مشاكلها ووضعته على شاطىء الأمان ، بتوفيق من الله ثم بالسياسه الحكيمه لقيادتنا الأردنيه الهاشميه ، سدد الله على طريق الخير خطاها .
وليعلم الغرب والأمريكان بأن الجندي الأردني هو غالي على اهله ووطنه ومليكه ولا يمكن ان يحارب عن الأخرين ، الأردن يكفيه مما هو فيه من اعباء الوجود السوري على اراضيه ، وتقصير المجتمع الدولي الواضح غير المقبول في تقديم المساعدات لإيواء الإخوه السوريين ، الذين شردوا من وطنهم وترك الحمل الثقيل على كاهل الأردن قياده وشعباً ، وعلى النظام السوري والعراقي أن لا ينتظر من يطهر ارضه من المنظمات الأرهابيه التي نشأت وترعرعت بمعرفتهم وتحت اجنحتهم ، واستعملوها ادواتاً لتدمير اوطانهم وقتل وتشريد شعبهم ، ثم بعد ان سمنوا وقوي عودهم انقلبوا عليكم فهي بذور زرعتوها وهذا هو حصادها القذر .
غريب هذا الزمان وهذه التطورات ، والحرب الإعلاميه العالميه التي يشنها الغرب على داعش في العراق والشام ،
وهذه التحركات والإجتماعات ، وتكوين الأحلاف ، وكأن العالم على شفى حرب كونيه ثالثه ضد منظمه داعش التي الأن لا نسمع عن أخبارها وإين وصلت حدود دولتها ، العالم كله اصبح مشغولاً ومرعوباً من هذا العدو الذي يملك الطائرات والاف الدبابات ومليون مقاتل ، لو كانت قوة داعش بهذه المواصفات كيف سيكون الأمر ؟ وهل سيجهز الغرب جيوش ويرسلها الى سوريا والعراق لمنازلة جيوش داعش ؟ !! وحتى لو كان الأمر حقيقه ، أجزم بأن الغرب بقيادة الأمريكان لا يمكن ان يرسل جندياً واحدا ليحارب على الأرض ، وستكون امريكا قد فتحت خط اتصال مع داعش لتفاوضها على المحافظه على مصالحها وتتفق معها اذا لم تكن قد اتفقت معها من قبل وتم تحديد الواجبات الموكله إليها معهم أو مع من يدعمهم .
ليس الغرب الذي عرفناه في الماضي ، فهو مكشوف وكل تحركاته وسياساته اصبحت مألوفه ، لكن لا تزال لغة التهديد والإبتزاز هي ديدنه يستعملها بكل وقاحه ، حيث انه في توظيفه لكل الأعلام العربي والعالمي في تضخيم داعش وخطورتها على المنطقه وإقناع جميع الدول في الشرق الأوسط بخطر داعش ، وحتى ان العواصم الغربيه رفعت درجة الإستعداد القصوى للتصدي للخطر الذي سيزحف على اوطانهم في الغرب ، وفي اعتقادي بأن هذا يمكن أن يكون محض خيال فهو اشبه بفلم سينمائي أو لعبة امم بموجبها يستطيع الغرب بقيادة امريكا ابتزاز الدول العربيه الغنيه في الخليج وإجبارها على دفع كلفة مواجهة البعبع داعش ، وتقديم النصح لها بشراء الأسلحه لحماية اوطانها وذلك لتصريف بضاعتها من السلاح التقليدي وليس المتطور خوفا من وقوعه بيد الأخرين وهذه ليست المره الأولى التي يفتعل الغرب الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وذلك لتغطية اقتصادهم وبنوكهم شبه المفلسه، وستمر هذه اللعبه التي بطلها داعش ، ومنتجها ومخرجها الأمريكان ، وممولها ومسدد فواتيرها العرب ، وتبقى الأمور على ما هي عليه والحروب مشتعله في العراق وسوريا ، والذي سيختلف هو زيادة الحروب اشتعالاً بعد ان يكون الأمريكان قد قطفوا ثمار اللعبه الأمميه واشبعوا ورفعوا التناحر فيها للحد الأعلى ، وتبقى الأيام المقبله حبلى بالأحداث الداميه في اوطان دجله والفرات ، وقد نرى بعد سنين اقطاراً عربيه تولد من جديد ولها عواصم جديده ، يزحف حكامها الى الغرب يمدون ايديهم طلباً للدعم والمساعده والإعتراف بهم والله اعلم .
dabbasmnwer@yahoo.com