29-07-2008 04:00 PM
اتجه الإعلام تصنيف الاعتداء الذي تم بجانب المدرج إلى الروماني إلى جريمة " جنائية " و من المؤكد أنها ليست جنائية في المعنى المعتاد لمثل هكذا حالات فلا يوجد ثأر بين الشاب و المصابين أو أي تعامل فني أو تجاري. في المقابل الشاب ليس إرهابيا أو مخططا لعمل يعرف نتائجه ولا أريد الخوض في أثار الإرهاق النفسي والفشل الحياتي للبيئة الشعبية الفقيرة التي سوف تسيطر على تصرف الشباب الذين يعيشون اليأس والإهمال بها مما يجعلهم يفكرون من الانتقام من الذين قد يعتقدون أنهم سببا في شقائهم ،ولكن لو كان الشاب كان يفكر بذلك لأرتكب فعلته في مكان يكثر به في الأثرياء . هذه ليست العملية الأولى التي يستهدف بها مجموعات من السياح في منطقة "وسط البلد" فقد طعن مواطن سائحا ألمانيا قبل ما يقارب العام قرب المسجد الحسيني . ولو تمعنا في الحادثتين لوجدنا أنهما تخلوان من أي تخطيط لعملية إرهابية لأن الألمان ليسو أعداءً للعرب ولا يتجه مواطنوهم إلى دعم إسرائيل ولم يشاركوا في الرسوم المسيئة لرسول التي كانت تشعل في نفوس المسلمين الغضب ضد الغرب . أما العملية الأخيرة فقد كان ضحاياها مواطنين لبنانيين ومواطنة فلسطينية، أي لم يأت العمل من تخطيط وتربص أو انتماء لحركة جهادية كما يحدث في العمليات الإرهابية التي تضرب من تريد في زمان ومكان معلومين. لنعود قليلا إلى ما قبل العمليتين ونقرا الخطاب التحريضي الغوغائي الذي يؤثر جديا في عواطف العوام ولولا ثقافة ووعي المواطن الأردني لنتجت أفعالا قد تؤثر في أمن الوطن وفي سمعته خارجيا. فقد سبق مهرجان الأردن حملة تتهمه بأنه مهرجانا صهيونيا وأسلوبا من التطبيع ، ومن كان يقرأ بعض الأماكن الإعلامية من العوام غير الواعيين ظن أنه إذا قتل أحد أفراد المهرجان أو المشاركين به أو منعه فسوق ينتقم من الدولة التي تنكل من الفلسطينيين مع أن الضحايا الذين أنقذهم الله بأعجوبة لم يكونوا أصلا من المشاركين بمهرجان الأردن بل مهرجان خاص للأطفال . ولكن حملات التحريض جعلت في عقول الناس أنهم أمام استعمار جديد مع أن الحملة المناهضة لم تكن تستقصد حدث غنائي وبذخ في غير وقته لشعب يتضور جوعا بل تصفية حسابات شخصية. من الخطأ أن ننشغل دوما في شخصية مرتكب الجريمة وتفسير قراءاته واعتقال أقاربه ومن كان يجلس معه فكثير من الشباب ليس لهم دوافع سياسية أو اتجاهات دينية متطرفة بل شعور بالظلم والقهر ناتج مما يرونه على الشاشات من قتل وتدمير للمسلمين في بعض الدول العربية ، يقابله تضليل إعلامي وخطابي يصور لهم بأن الغرب كله أعداء لهم وهو بإجماعه من يرتكب هذه الجرائم . وبدل أن نقرأ ونعيد متابعة من أثر في عقلية رجل طعن سائحا ظنا منه أن كل الغرب يسيئون للرسول الكريم ويروجون تلك الرسومات أو شاب قرر أن يقدم شيئا لوطنه بعد أن ظن أن المشاركين في مهرجان هم صهاينة دون أن يدرك مثلا إن جاز لنا التأويل بعد وفاته بأن الشركة المنظمة يشتبه فيها بدعم مهرجان احتفالية إسرائيل بستين عاما على تسيسها . ثمة فرق بين حرية الخطاب إن كان مقروءا أو مسموعا عبر الصحف أو ما يلقى على المنابر وتوجيهه ليصبح تحريضيا مضللا يستغل عواطف الناس وإثارتها على حساب تحديد أسباب الظلم الذي نتعرض له ، فخطباء الجمعة مثلا كانوا يوجهون دوما دعواهم لله كي يهلك الغرب بأكمله وكذلك الصحف والمقالات تستعمل دوما كلمة الغرب . مع أن كثير من الدول الغربية تقدم لنا أشكالا متنوعة من الدعم الاقتصادي والمعرفي ، وفيها يعيش مئات الآلاف من الجالية المسلمة في أمان وحرية ، وهذه العمليات لن تضر أو تؤثر في الدول الغربية حتى المعادية لنا بل ستدمر قطاع السياحة والفندقة وتشوه صورتنا أمام الدول الأخرى بأننا شعوب عصابات وقد تحرك بعض المتطرفين للثأر من الجاليات العربية . ليس كل من يقرأ مقالا أو يستمع لخطبة جمعة لديه القدرة على التمييز من يعيش بحالة سلم ودخل بلادنا وقد أمنا عليه وبين العدو في حالة حرب ، فلنوقف الخطاب التحريضي ولنبحث عن خطاب نهضوي يخرجنا من الضياع الذي نعيش به والذي سببه نحن وليس الأخر . Omar_shaheen78@yahoo.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-07-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |