05-10-2014 07:48 PM
بقلم : د. محمود أبو فروة الرجبي
لا أحد ينكر أهمية الأضاحي في محاربة الفقر، وإعطاء فرصة للفقراء كي يحصلوا على اللحوم، وهي مادة باتت شبه معدومة لكثير من الأسر في العالم العربي في ظل الطبقية المتصاعدة التي تعيش فيها هذه المجتمعات، ولكن شأن هذه الشعيرة الإسلامية شأن غيرها، يعتريها إشكاليات كثيرة في التطبيق لها علاقة بالعقل العربي، وقدرته على إفراغ العبادات من محتواها، وما أطلق عليه أنا من مصطلح "عكس الأهداف" أي تطبيق الشريعة بطريقة تخالف أهدافها.
أول هذه الإشكاليات طريقة الذبح التي تتم في الشوارع في غالب الأحيان، حيث تسيل الدماء هنا وهناك بطريقة غير حضارية، وقد تسبب الأمراض، وتجعلك تشعر بالقرف رغم أن الأصل في هذه الشعيرة أن تشعرك بالعكس.
ثاني هذه الإشكاليات جعل الأطفال يحضرون الذبح، وهذا أمر غير تربوي، وله آثار سلبية قد تزيد من مخزون العنف في دواخلهم.
والأمر الثالث هو طريقة التوزيع التقلِيدية للحوم التي تجعل من بعض العائلات ترمي جزءاً من الأضاحي التي تحصل عليها في القمامة لأنها لا تجد مكاناً تخزنها فيه، بينما تبقى هذه العائلة طوال السنة لا تجد لحوما تأكلها.
الحلول لهذه المشاكل تكون بحصر ذبح الأضاحي في الأماكن المغلقة المجهزة بعيداً عن الشوارع، ومنع الأطفال من حضور الذبح، وكذلك تجميد أجزاء من الأضاحي لتوزع على الفقراء طوال العام، وإن كانت هذه الحلول مطبقة فهي بشكل جزئي، وأحياناً تجد معارضة من العقل التراثي الذي يعيش في الماضي، ولا يقبل بتشغيل عدوه الأزلي (العقل).
العقل العربي يحتاج إلى عملية إعادة تفكير في مختلف جوانب الحياة، وما يحصل من سلبيات في تطبيق هذه الشعيرة هو جزء من المرآة التي تعكس عدم فعالية العقل العربي الذي يحول بقدرة قادر كل الأشياء الجميلة إلى أخرى بشعة لا يقبلها العقل والمنطق.