05-10-2014 09:48 PM
بقلم : علي الحراسيس
إن اخطر ما يواجهه المثقف العربي هذه الأيام وقوعه في حيرة من أمره حيال التطورات السياسية والأجتماعية الجارية في المنطقة ،والتي يقف أمامها بحيرة و" ارتباك "عما يدعو اليه ويطالب به ،فالأنطمة التي كانت تقول بالاشتراكية مثلا و بالرغم من الأستبداد والظلم والقهر الذي مارسته بحث شعوبها ، او حكم فئة او طائفة ، كانت تجر معها مثقفين وكتاب غلب عليهم الميل نحو الأشتراكية وشعاراتها ، فلم يستطيعوا نقد او لوم تلك الأنظمة وممارساتها القمعية بحق الشعوب بدعوى أن ذلك قد يخدم الأمبريالية !
الكثير من الكتاب العرب ومثقفيها وقعوا في مصيدة دعم ومساندة تلك الأنظمة ، وكانت الخشية من أن توجيه النقد لتلك الأنظمة سيواجه بتهم معاداة الاشتراكية والانحياز للامبريالية " المعادية لتحرر الشعوب " ، وهذا ما جرى مع المثقفين في مصر في عهد ناصر او نظامي الحكم في العراق وسوريا .
وقعت حرب حزيران 67 ، وانكشف الغطاء عن تلك الأنظمة التي سرعان ما اظهرت عدائية لتحالفها الشرقي وانجرت مباشرة خلف معاهدات ومبادرات تقدمت بها أمريكا ، بل وقفزت تلك ألأنظمة بعد ذلك لمشاريع صلح مع اسرائيل كما فعلت مصر ، وتجميد عملها العسكري مع إبقاء الشعارات " الوطنية والقومية والأشتراكية " المعادية للغرب وامبرياليته والأنشغال بالداخل فقط على حساب القضية المركزية كما جرى في العراق وسوريا وحتى ليبيا ..
وقف المثقفون حينها في موقف لايحسدون عليه في تلك الدول ،ووقعوا في حيرة من أمرهم ، لمن يكون انحيازهم ! للانظمة المتسلطة أم الشعب المقهور! فخرج القليل منهم ليدافع عن الشعب ويطالب بمساحة أكبر لحريته ، فتعرض خلالها البعض للحبس والملاحقة وحتى الإعدام ، ومنهم من صمت واشترى حريته وأعلن إما دعمه لتلك الأنظمة بأنتظار " التوازن والمشروع النهضوي المواجه لإسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية أو جلس في بيته يرقب التطورات ، فيما فر البقية الى دول المهجر هروبا من قمع الأنظمة وتسلطها .
اليوم يقف بعض المثقفين مرة أخرى في حيرة من أمرهم ، فالاستبداد والظلم والقهر الذي تعانيه الشعوب يستدعي وقوفهم وتضامنهم ،وكانوا هللو لربيع عربي ينتقل بالشعوب الى الديموقراطية والرية وحكم الشعب ، لكن معادلة الاسلام المتطرف " الموسوم بالارهاب " اوقفهم مرة أخرى في حيرة من أمرهم ، فهل يقفون مع الأنظمة بالرغم من استبدادها وظلمها في مواجهة تلك المليشيات القادمة من الظلام والتي تبشر بظلام !
المثقف العربي في حيرة من أمره ، فلا دولة الخلافة التي يبشرنا بها " الارهابيون " هي الحلم الذي يمنح المواطن العربي فترة نقاهة من العدالة ألجتماعية بعد " وعكات "الظلم والفساد وتقييد الحريات ونهب الثروات وحكم الأقليات ، ولا الأنظمة القائمة تبشر بتحقيق حلم المواطن العربي بالحرية والعدالة والحياة الأفضل !
ولذلك لا عجب أن يقف المثقف حائرا ،وأحيانا متناقضا وأحيانا تائها بين مشروعين لا ثالث لهما في المستقبل القريب ، دولة الخلافة الظلامية او مشروع الانظمة المتسلطة الظالمة لشعوبها ...