05-10-2014 09:51 PM
بقلم : قحطان السعيدي
تمر الجيوش بمحنة الانكسار ...لكن القادة الوطنيين لا يفقدوا رشدهم في اصعب المواقف .. بل تتجلى لديهم روح القيادة في اعلى مراحلها.. ويصار الى تفهم المعضلة من حيث الأسباب والنتائج بغية إيجاد الحلول والمخارج.. وتحمل مسؤولية الانكسار اما بنتيجة الانتحار او الذهاب طوعا للمحاكمة وإعلان الحقائق.
لنتفق اولا على الثوابت الوطنية .. ان اي قطرة دم عراقي تراق هي مسؤولية قانونية وشرعية وأخلاقية... وان العسكرية الحقة شرف الأمة وعنوانها.
ولكن ما شهدته المؤسسة العسكرية من الوهن والهزال بسبب غياب المعيارية المهنية والعقيدة العسكرية وهشاشة الضبط وتدخل الأحزاب بواسطة "ضباط الدمج" بمواقع عالية النفوذ ... سابقة لم تألفها المؤسسة العسكرية منذ تأسيس نواتها الاولى (فوج موسى الكاظم ) عليه السلام إبان فترة نشوء الدولة العراقية.
لكن الآفة الكبرى هي زج الجيش في تماس يومي مع المواطن داخل المدن مما افقد الهيبة والبريق وأواصر الثقة بين المؤسسة العسكرية والمواطن.
ولو أمعنا النظر في غالبية النظم الدستورية لم يمنح القائد التنفيذي مدة مفتوحة في استخدام الجيش للمعالجات الأمنية الداخلية (اي اعلان حالة الطواريء) الا لمدة محدودة وبموافقة البرلمان لتقييم الأوضاع .. فكيف نجد النتائج المترتبة على استخدام الجيش العراقي لعقد من الزمن داخل المدن؟
وحين نقيّم المؤسسة العسكرية منذ نشوئها الحديث بعد عام (٢٠٠٣) نجد مايلي:
١- غياب الضبط والتدريب والعقيدة العسكرية واضحة المعالم.
٢- عدم استثمار المعاهدة العسكرية الامريكية في التمارين التعبوية والمناورات التدريبية مع الجانب الامريكي.
٣- الفساد في عقود التسليح والتجهيز ... وعلى سبيل المثال فضيحة الصفقة الروسية التي أبلغت موسكو القائد العام بتفاصيلها وتم التستر عليها لاشتراك رجالات السلطة المتنفذين في عملية الفساد.
٤- فقدان الثقة من جانب المؤسسة العسكرية الامريكية لتجهيز الجيش العراقي خوفا على تسرب تكنولوجيا السلاح الحديثة الى ايران ..او المنظمات الميليشياوية التابعة لها في المنطقة.
٥- اضافة للفساد المالي والتنظيمي والإداري وظاهرة "الجنود الفضائيين" الذين يأخذ نصف رواتبهم ويجلسوا في بيوتهم .. وما يشوب عقود الإطعام والتجهيزات والقائمة تطول.
٥- تورط بعض الوحدات العسكرية الحدودية بالسماح لمافيات تهريب المنتجات النفطية وغيرها مقابل عمولات.. ذلك ما أعلنه مجلس محافظة الموصل.
نتفق ان المؤسسة التنفيذية برئاسة السيد المالكي كانت عصية على البرلمان طيلة الفترة الماضية وجميع مواقعها تدار بالوكالة دون مصادقة البرلمان على اي منصب عسكري ..وكان الأجدر بعد دويّ سقوط الموصل وما لحقها من مدن ونكبة سبايكر يتطلب حضور القائد العام للقوات المسلحة السابق السيد المالكي لقبة البرلمان ليبيّن وجهات النظر في القرارات المتخذة حينها ويدافع عن قراراته وتدابيرها ،ويعلن تحمل المسؤولية وإحالة من تعثر في تنفيذ الأوامر ومتسببي الكارثة للمحاكم المختصة.
نضع سؤالا: هل ان حجم الكارثة الذي أودت بانكسار الجيش وسقوط تلك المدن بيد الإرهابيين الدواعش يتحمل مسؤوليتها السيديّن گنبر وعلي غيدان وقائمة بسيطة من الضباط الذي تم إحالتهم من قبل السيد العبادي دون إحالتهم للمحاكم المختصة.
لذا يمكننا القول ان البرلمان العراقي اطلق رصاصة الرحمة على مؤسسة الجيش في تلك الجلسة البائسة لمناقشة تداعيات سبايكر من حيث لايدري .. وما يقوم به السيد العبادي لاصدار قوائم لعدد من الضباط بإحالتهم للتقاعد نقول للسيد العبادي " ما هكذا تسقى الإبل" أية مهزلة لتقييم الكارثة التي حلت بالعراق وأي استخفاف بأرواح الشهداء من أبناء القوات المسلحة... وما هي الخطوات اللاحقة والسريعة لبناء مؤسسة الجيش ومدن العراق تتهاوى واحدة بعد اخرى بايدي الدواعش.
ولكن من مرّر السيناريو دون محاسبة المقصرين وإحالتهم الى المحاكم العسكرية... أراد ان يرتقي بنظرية الجيش الرديف ليشرّعن تشكيل حرس الثورة... ويعلن الموت السريري لمؤسسة الجيش.. ووضع العصي في دواليب التحالف الدولي تحت شعار .. كلا كلا أمريكا .. وليذهب العراق للجحيم.
وقد حذرنا في مقال سابق بعنوان:
الجيش الرديف .. واستنساخ التجربة الايرانية.