09-10-2014 04:05 PM
بقلم : حلمي تيم
" ستي " عجوزٌ من بيت محسير ***** أرضُ سحاب كان وطنُها الأخير ماتت وبقلبها وطن
لم يكن حِلمها بالعودةِ رمادٌ أو دهنُ كلمات
بها ومقعدة بثلاثِ جلطات بها صوتٌ وبضعُ كلمات حلمت بعودةِ للوطن
قريتها كانت قرية أقلُ القرى جمالا لكنها " لستي " وطن
وقطرةُ ندى بفيِ الزمن فلجدتي وطن وأنا إبنٌ لجدتي
تبعثرت جدتي بصوتِ عودتها مراراً فكانت بدمشقٍ وبيروت وتونس والخرطوم والقاهرة ، فلم تجد إلا فلسطين
هي الوطن
حملت مفاتيحَ بيتها وكشانُ أرضٍ ببقجةٍ
فلها كنزٌ بالوطن
لم يسكت لسانها الرصاصات ، أو مرضِ السكر أو الجلطات الدماغية
لتموتَ مع اقترابها لتسعين
فكانت "ستي " وأصبحت جدتي بلا وطن
فوطنها قبرٌ صغير ، صمت به وبقيت أحلامُ عودتها قطرةُ نيام
لم أرى خاتماَ بإصبعها ’ لكني شاهدتُ مفاتيحَ دارنا هناك
وكم كانت قصصها جميلةٌ عن" بيت محسير ودير محيسن "’ وراعي الغنم ******
وحكايةُ أفاعي البساتين وتلكَ الحيةُ التي عضتها وهي عروسٌ بينَ صمتِ العرسِ وحقولِ الزعتر
نامت بمكانها الأخير ، لتعيشَ طيورِ الزمانِ والمكان
لم تغفل من ذكرِ الوطن ، ولم تعشق الموتَ بثقوبه
كانت هي وطن
جميلٌ أن تكونَ جدتي وطن
ترابهُ بينَ شجرِ الزيتون وقمحُ الأرض
فلها وطن منه صنعت ضحكاتها
وساقت أحزانها
بينَ قناديلِ عشقها ومتماتُ الصمت
لجدتي وطن ، وكروم عنب وشجر رمان وجذور تين
أطفالها بالحزنِ أصبحت جفونِ دموع ُ وطن وحباتُ خردلٍ ونفسُ ماء
ما زالت حتى بعد موتها منذُ عشرين عاما أحلامها نوائمهَ
وغريرُ صمتها حائرٌ
فالرومانُ كانوا هنا
والبيزنطي كانَ هنا
وأحلامُ صيفِ العصافيرِ منذُ الآلف السنينِ هي هُنا
فأمتعتةُ وطنَ جدتي ثقيلة
فموتٌ وترحالٍ و صفاراتُ إنذار وأحلامها تندثرُ مع كلِ ليل
لا أحدُ يعشقُ الموت
لابدَ أن نموت ، حتى تكونَ حياة
وتتكونُ عائدةٌ من جديد
لتنامَ أعينُ الضعفاء فلا تقطيع للنومِ بعد الآن
ولا خاتمٌ لسليمان بعد الآن
ولا هيكلِ تحت الأقصى
كان لجدتي قصةُ ووطن يمسحُ دموعَ الأطفال
فأشعلت بحبها ، نورَ المجدِ مراراً ، كي لا يختفي ضوءَ الشمس
ويبقى لنا وطن
****قرى قرب القدس