حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,24 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 30617

أين انتم أيها المثقفون ؟

أين انتم أيها المثقفون ؟

أين انتم أيها المثقفون ؟

18-10-2014 09:40 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : فيصل تايه
في اعتقادي أننا بحاجة ماسة إلى الكلمة المخلصة الصادقة من كتابنا ومثقفينا ، وتكثيف جهودهم في مختلف النشاطات الثقافية الوطنية ، لان الثقافة قيمة إبداعية وإنسانية وجمالية وغيابها يعني إفساح المجال للصراعات وخيارات العنف لتفرض نفسها ، وكذلك حين تغيب فاعلية الرؤى التي يحيا بها مجتمع المثقفين , أو حين يتحوّل المثقف إلى مصدر ابتزاز أو تزييف أو مداهنة في ظروف ترتبط بشراء مصداقيته وتحييد إرادته وأماته ضميره وأداة من أدوات إذكاء الفساد وخراب الوطن ويرتضي أن يكون نصاً بين يدي الساسة ويعاد بناءه وفق المصالح ، ويسترزق على النفاق, وعندما يخط قلم بعض المثقفين بما يشاء إرضاءً لأهواء سادته فتلك مأساة عظيمة ، وذلك يعني دلالات ومؤشرات تبعية فجه .

إننا نشعر اليوم أن فئة معروفة من المثقفين باتت عاجزة في إطار علاقاتها بالمجتمع والمواطنين وما يتعلق بالشأن العام ، ذلك بسبب التزلف أو الانبطاح أو الارتهان لطموحات تبعية ومادية ، بعيدا عن شرف الكلمة والضمير ما يفقدها شرعيتها الثقافية ، وقناعاته المرتبطة بالتمسك بالقيم العليا ، ويعطل مفعول خطابها وممارساته التي باتت لا تمت بصلة إلى سلوكيات المثقف النبيل والنشمي الأصيل ، بل إن بعضاً منهم استهوى ثقافة المحاباة والتدليس والتأصيل والترويج لها ، ومنهم من ارتضى لنفسه بأن يكون جزء من منظومة الفساد والمفسدين .

إن المثقف صاحب الكلمة الحرة يمثل اليوم بالفعل خطاباً بالغ التأثير بما لديه من إمكانات بلاغية ساحرة تنجح في تخدير جمهور القراء وحمله على التأييد والمآزرة خاصة في القضايا الوطنية التي تحتاج منا جميعا تعرية للمواقف ، لكن بعض الأقلام المزيفة والموتورة وللأسف تستخدم هذه الصفة للإيهام والتخييل بعيدًا عما يحصل في الواقع , ولذلك قد يصطدم الكثير منا بواقع مختلف بعيداً عما يدور في المخيلات . ذلك أن بعض المحسوبين من جمهور المثقفين لا يحملون رؤية حقيقية ، لأننا بتنا أمام كائنات تكتب أكثر مما تقرأ , وإذا قرأت لا تقرأ إلا في اتجاه واحد , مكتفية بالقدر الذي يمكّنها من نسف أي فكر آخر, ولهذا فلا ينبغي أن ننتظر منها أي دور فاعل ، وبذلك فان تلك الفئة تتحمل جزءًا من وزر ما يحصل اليوم في الوطن من أزمات اقتصادية واجتماعية وحتى سياسية .

كذلك فان الكثير من كتابنا المثقفين وللأسف انخفض صوتهم وغاض ماء عقلهم ، وأصبح فكرهم الثقافي وموروثهم المعرفي مادة قابلة للذوبان, والمطلوب منهم اليوم إعادة ترتيب العلاقة مع قرائهم ومتابعيهم ليعود القهم ويستعيدوا حسن الظن بهم ، وكما كانوا كتاباً مثقفين فاعلين وقوة مجتمعية قادرة على فرض خيارات ايجابية تسير بالوطن إلى حيث ينبغي أن يصل .

للأسف الشديد الكثير من المثقفين اليوم حاضرون أصواتا لا رؤى , خاصة مع اختلاط السياسة بالثقافة حتى تلبّست كل الأفكار الثقافية في أذهانهم لبوسًا سياسيًا, وحتى غدت الثقافة ليست إلا طريقًا لدخول عالم السياسة ، لذلك .. كثيرة هي الأسئلة التي تطرح نفسها في واقع اليوم , لاسيما في ظل الكثير من المآلات التي وصلنا إليها , فما نحتاجه اليوم للكاتب وللمثقف الأردني مزيداً من الاهتمام بمختلف قضايا وطنه ، وهموم وغموم المواطنين ، بانتماء صادق إلى شرف الكلمة الصادقة والثقافة العالية ، والفكرة البناءة ، والتزاماً بقيم العدل والمساواة ، والحرية وحق الإنسان في الأمن والعيش الكريم ، فتطوّر المجتمعات ونهوضها ومعالجة مشكلاتها تكون دائمًا مرتبطة بشريحة المستنيرين ورؤاهم وإبداعاتهم وخياراتهم الحالمة التي تضغط في اتجاه تصحيح المسار الوطني وتكوين الرأي العام والمشاركة في تحقيق أية أهداف وطنية يراد بها الخير للوطن والمواطن .

لا نريد أن نقول أننا افتقدنا المثقف الحر الواعي وغاب نشاطه بالشكل الذي يجعلنا ندرك أن الكتابة الواعية والكلمة الحرة عندنا لا يمكن أن تمرّ إلا في ظل الهيمنة , وإذا عطست تلك الهيمنة أصبح من المحتم أن يُصاب المثقف بالزكام , وكأن ما يقوم به ليس صناعة حضارية لها مسارها الخاص الذي تنهض به الشعوب وإن فشلت في مختلف جوانب الحياة .
ودمتم سالمين









طباعة
  • المشاهدات: 30617
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم