18-10-2014 09:47 AM
بقلم : المهندس خليل المشاقبه
ان من اكثر المظاهر المجتمعية شفقة وبؤساً ومثاراً للأسف هي ظاهرة اطلاق العيارات النارية في الأعراس والمناسبات الاجتماعية المختلفة .
ولعل ما يعزز دعوتنا للأسف هو ان الأغلبية ممن يمارسون اطلاق النار هم ممن ينتسبون الى الأجهزة الأمنية والعسكرية التي نبقى نحترم وذلك لدورها المفترض في حفظ امننا ووطننا .
وهي دعوة منا لعلماء النفس والاجتماع والسلوك والشريعة ولأجهزة الدولة المختلفة لمقاربة دراسة ناضجة لهذه الظاهرة المؤلمة في سبيل ايجاد الحلول المناسبة لها , خاصة وأن هذه الظاهرة تملك مصفوفة كبيرة من الانعكاسات السلبية لا تشوبها ايجابية واحدة , اذ لا تنحصر هذه الانعكاسات الى فقدان اعزاء كثر ذهبوا ضحية لهذه الممارسات التي تجلت فيما تجلت باخراج طلقات كثيرة جابت الكثير من مدننا وقرانا وشوارعنا وجامعاتنا وعشائرنا الى ان وصلت حتى الى برلماناتنا .
فيما يضاف اليها انعكاساتها الامنية والاقتصادية والسياسية والنفسية وغيرها من المساحات على المستوى الوطني , اضافة الى الترويع والتخويف والأذى للناس ذاك الذي دعى اسلامنا العظيم الى تجنبه من خلال مقارباته الغارقة في المسؤولية فيما يتعلق بأعلى مستوى للدور المناط بالدولة في حفظ الأمن في المجتمع صعُب على النظم الوضعية اليوم امكانية ملا مسة تخومه البعيدة ، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا) , وهو اضافة الى ذلك إتلاف للمال بلا فائدة وتبذير وإسراف نهى الله تعالى عنه بقوله : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء/27.
ولعله سيبدوا انه من المناسب ان نقول ان من اهم واجبات رؤساء الأجهزة الأمنية للدولة متابعة منتسبيها والذين ادعي انهم يشكلون النسبة الأكبر من المخالفين في هذا المجال , وهو الأمر الذي طالما تم القفز عنه من قبل الكثير من المعنيين من المسؤولين والمفكرين والكتاب ورؤساء الأجهزة الأمنية نفسها للأسف الشديد , والمؤلم ايضاً ان لا يكون لأذرع هذه الأجهزة الأمنية الوسائل الكافية والمناسبة التي تتيح المتابعة لهؤلاء الناس ومحاسبتهم وردعهم , اما اذا كانت هذه الأجهزة ممثلة برؤساءها يجهلون ذلك فربما يشكل ذلك عندنا كمواطنين العذرالأقبح من ذنب , ذاك الذي دبّجته ادبياتنا التراثية وكتبت فيه اكثر مما قاله مالك في الخمر , اما ما قاله مالك في الخمر فيبدوا ان ذلك سيشكل قصة اخرى لا مجال لسردها في هذه العجالة.
وهنا يحق لنا ان نسأل :
هل يكون هذا السلوك انعكاس لقواعد الاشتباك الصارمة التي تفرضها الأجهزة الأمنية على منتسبيها في مقابل الخصوم من المجرمين بكافة اطيافهم , حيث تمنعهم من اطلاق النار الا في لظروف الاستثنائية التي تم رسم اطارها بشكل صارم فينفس هذا الأمني عن نفسه باطلاق رصاصاته في الميدان الخطأ في المناسبات , فترتاح ؟؟؟؟
وهل لغياب بوصلة الأمة انعاكسا لغياب العقيدة القتالية التي تملك بوصلة صحيحة تشير الى العدو الصحيج في انفس افراد الشعب وعلى الرأس منهم افراد هذه الأجهزة في تسييل واضاعة الاتجاه الذي كان من الصائب ان يسدد علية هذه الطلقات فتكون في اعلى مدى من الانتاجية الحدية والاستثمار لهذه الموارد البشرية وما يتبعها من موارد اخرى لا زالت تضيع رغم شحها وندرتها التي ندّعي ؟
وما هو تفسير هذه العلاقة التي ادعي انها عضوية بين لأجهزة الأمنية والعسكرية التي يفترض فيها حماية امننا وممتلكاتنا وبين هذا النوع من التهديد الذي يأتي مُصَدّراً من ذات الجهة اطلاقا وقتلا وعويلا وجنازات , خاصة وأن الكثير منهم يمتلكون غابة كبيرة من مختلف انواع الأسلحة لا يدري مجتمعنا من اين يأتون بها ؟؟؟
وهل من الممكن تعديل التشريعات واعتبار ان هذا النوع من الجريمة هي جريمة قتل او ايذاء واضحة مع سبق الاصرار والقصد والترصد بهدف ان لا يتم التخفيف فيها للعوقبة , وذلك في طريق الامعان المثمر والجاد في تشديد التشريعات , تلك التي تعتبر الفلسفة العميقة في سبيل مستوى عالي ومرضي لطموح وطني واسع يرتجيه الناس للردع من ارتكاب الجريمة التي بات ميدانها سهلا وفي المتناول ؟؟؟
وهل يمكننا مناجات القيادات المجتمعية من الشيوخ والوجهاء وقادة المجتمع والطلب منهم ادانة جميع هذه الممارسات وفضح كل من يتستر عليها وذلك بعدم المقاربة لأي جاهة عشائرية تدافع عن هذا النوع من المجرمين وتساهم في ضياع حقوق الناس وخسارة لا يمكن تعويضها في اغنى موارد الوطن الذي نحبه ؟؟
كلها اسئلة ربما تحتاج لاجابات شافية لمعالجة مرض اجتماعي اتعبنا وأفقدنا الكثير من ألأحبة , والمؤلم ان هذه الساحة ما زالت المعركة فيها مفتوحة على كافة الاحتمالات مع غياب واضح ومريب لكافة اجهزة الدولة التي باتت تفقد دورها المطلوب حتى في المستوى الأدنى من فلسفة التدخل فيما اطلق علية تاريخياً بـ مفهوم الدولة الحارسة.
kmashaqbeh@yahoo.com