حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,23 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 25923

وراء كل فزعة نكبة

وراء كل فزعة نكبة

وراء كل فزعة نكبة

26-10-2014 10:45 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور شفيق علقم
من الصعب ان يسمى ما أقدم عليه العرب في الانحياز والوقوف الى جانب اميركا ومساندتها في حربها ضد تنظيم الدولة الاسلامية حلفا او تحالفا ؛ ذلك لان الحلف في اللغة هو العهد يبرم بين طرفين على التعاضد والتساعد ، وهو اتفاق على عمل موحد لحماية الطرفين المتعاقدين نفسيهما في مواجهة عدو مشترك ؛ من اجل مصالح مشتركة، وانما يمكن ان تسمية ذلك بالفزعة ، ومعنى الفزعة في اللغة : الاغاثة من خوف او ذعر ، وفي علم النفس : من فوبيا وهي حالة او شعور بالخوف المفاجىء ، والفزعة نظام وعادة اوعمل تطوعي يؤدى دونما مقابل ، وهي ليست ملزمة ولكن يمكن تلبيتها ادبيا ،وهي عادة مشهورة عند العرب ! وغالبا ما تستدعى الفزعة في اعمال الخير كالمعاونة في الحصاد او جمع الثمار والمساعدا ت المشابهة.
اما الحلف اوالتحالف فيقتضي الامر فيه الاتفاق على المبادىء والاهداف الواضحة القريب منها والبعيد ،ويتطلب الحلف اعلى مراحل التنسيق، وتوزيع الادوار، وحساب التكاليف والمحاصصة ، وحجم الرهانات ومكاسب كل طرف ، ووحدة
المصلحة ، وهو الرباط الاكثر قوة وهو تتويج لمرحلة التفاهم حول القواسم المشتركة . فهل اجتمعت هذه القواسم في الحلف الدولي الكبير الذي حشدته اميركا لمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية ،وتداعى له العرب ؟
من المعروف ان التحالفات تقوم على نوع من حرب الزعامات ،وبما ان منطقة الشرق الاوسط تمثل فضاءا رحبا وهاما ، وموقعا جذابا لبسط النفوذ ،كما انها منطقة مشحونة بالمغريات ، وفاتحة لشهية الاقوياء ؛ لاحكام الهيمنة والسيطرة عليها ، وهي منطقة ساخنة دوما تعج بالاحداث الملتهبة ، وقابلة للتحولات والتغييرات باستمرار، وهي بحالتها الراهنة تمثل منطقة شاغرة للزعامة السياسية الاقليمية ؛ تسيل لها لعاب الدول الاقوى، وتفتح شهية السيطرة والاستحواذ عليها، وعلى خيراتها المستخرجة والدفينة، وعلى موقعها الاستراتيجي ومكانتها الهامة، وبخاصة فان اي دولة عربية او اقليمية لم تظهر قدرتها على قيادتها ، سواء عبر السلطة او الموارد اوالمصداقية ؛ فالمنطقة با تحتوي عليه من خيرات اهمها الذهب الاسود الذي هو هدف استراتيجي لبسط السيطرة والنفوذ، كما ان فشل التحالفات الاقليمية في المنطقة التي اصبحت تتغير باستمرار كتغير كثبان رمال الصحراء في فصل الخريف، وما شهدته وتشهده المنطقة من انتشار الفساد المروع الذي اخذ ينخر في عظام هياكل ومؤسسات بعض الدول العربية، ويؤدي الى تآكل اسس اركانها ، وطغيان الظلم وغياب العدالة والمساواة الاجتماعية ،وطغيان الطائفية التي اورثتها اميركا المنطقة، وبخاصة في العراق مما اوجد فراغات لزعامة المنطقة ، كما ان المشهد الاستراتيجي في المنطقة يشهد كثيرا من التخبط في التخطيط ؛ لمحاولة وضع مشاريع سياسية وطنية واقليمية ؛ لعلها تنقذ ما تبقى من الكيانات! كما ان ما تبع ذلك من انهيارالتحالفات القديمة التي ادت الى تغيير موازين القوى في المنطقة، اثر ثورات ما يسمى بالربيع العربي التي هزت توازن انظمة مترنحة اصلا، واسقطت انظمة فاسدة مهترئة ، كما ان التنبؤات باقتراب هبوب عاصفة قادمة لا محالة، تجتاح المنطقة باسرها ، يزداد عصفها وتشتد رياحها بسبب تصارع الايدولوجيات، وبسبب التركيبة السكانية والاتجاهات الثقافية والفكرية المتباينة حولها ، والنار التي تحت الرماد لابتعاث الاثنيات والقوميات والطائفية والعنصرية المقيتة ،والتنبؤ بما يمكن ان ينتج عما يؤول اليه الصراع الدامي والحروب الاهلية والايدولوجية والمذهبية في المنطقة وبخاصة في سوريا والعراق من اعادة تشكيل المشهد الاستراتيجي برمته في المنطقة . لهذه الاسباب ولاسباب اخرى خفية ؛ فان المنطقة تعيش تحت وطأة تحالفات دولية بين المرغوب فيها والمرهوب منها للهيمنة والسيطرة على المنطقة وفي هذا الباب، يجب ان لا ننسىى ان للولايات المتحدة اهدافا تقليدية ثابتة ومتجددة في المنطقة، فهي لم تغمض عينيها قط عن رعاية وحماية مصالحها ،وتحقيق اهدافها الاستراتيجية ؛ فهي في ظل هذه الظروف المواتية تعمل سرا وعلانية على تجديد وتحديث بناء استراتيجياتها وتحقيق اهدافها واولها الحفاظ على امن اسرائيل وتعزيز قدراتها ومنعتها ؛لتبقى سيدة المنطقة وحارسها الامين ، وفي سبيل تحقيق جميع اهدافها الاخرى تسعى اميركا وبكل السبل والوسائل للانفصال عن ماضي المنطقة المترهل ،وتغيير خريطتها السياسية للمحافظة على حيوية اهدافها الكثيرة، المتمثلة في استقرار انسياب النفط ،كما ان النجاحات التي حققتها بعض الحركات الاسلامية ، وظهور بعضها الآخر كقوة رادعة في المنطقة ، باتت تؤرقها مما وضع المنطقة في حالة عدم الاستقرارالدائم ، فقد كان نجاح حركة حماس في غزة في مواجهة أعتى آلات الحرب الاسرائيلية، في عملية العصف الماكول، وضعضعة الامن في اليمن وتراجعه ،وتقدم الحوثيين لاسقاط صنعاء ،وهيمنة قوات من تنظيم القاعدة على بعض المدن والمناطق ، والتحدي الذي يمثله تنظيم الدولة الاسلامية المكون السكني في المنطقة ، وقناعة اميركا بان هذا التنظيم اصبح خطرا داهما على الولايات المتحدة نفسها ،وعلى العالم اجمع ، فغدا من القوة والصلابة بحيث يصعب على الجيش العراقي والمليشيات الشيعية التابعة له وقوات البشمركة الكردية مواجهته؛ لذلك فان اميركا تسعى من خلال حلفها العتيد الى تغيير خريطة منطقة الشرق الاوسط ،ونصب عينيا تحجيم وابعاد وشرذمة المكون السني عن قيادة المنطقة اوالهيمنة عليها، والعمل على تمكين المكون الشيعي الذي بدأ يفقد سيطرته وتهتزاركانه وتتراجع معنوياته في العراق وسوريا ؛ فلا ريب ان اميركا والحالة هذه ،تهدف من وراء هذا الحشد وهذا التحالف الى تجزأة المنطقة سياسيا ،واحياء الطائفية الدينية والاثنية العرقية والعودة الى المنطقة بقوة مرة اخرى ؛ مما يخدم اسرائيل ويسهل سيطرتها، وتسليم قيادة المنطقة وزعامتها الشاغر منصبها الى الفرس ؛ لكسر شوكة العرب واذلالهم؛ لانهم رفضوا ويرفضون الوجود الاسرائيلي بين ظهرانيهم في المنطقة .لذلك كله، فقد لا تسلم اي دولة عربية من شر التقسيم والتجزأة ،فيصبح انضمام العرب للتحالف الامريكي المشبوه ومساندتهم وفزعتهم لاميركا تقسيما وتجزأة لهم ووبالا عليهم وخيبة امل لهم وندما ولات حين ندم !
لذلك، فان فزعة العرب مع اميركا ستجلب لهم خسارة وجناية بحقهم ، فهم يسهمون في تقسيم انفسهم مرة اخرى بانضمامهم الى تحالفات اميركا ومن التجارب نعلم ؛ ان غالبا ما تكون وراء الفزعات نكبات ومصائب ، تعود على اصحابها بالويلات والخسائر ،كما حدث لذلك الخروف الذي سمع الطبيب البيطري يقول للمزارع ان حصانه ان لم يتعافى خلال ثلاثة ايام يجب ذبحه، ففزع الخروف للحصان ،ونصحه بان طلب منه في اليوم الاول ان ينهض ، ولكن الحصان كان متعبا جدا فلم يقوى على النهوض ، وطلب منه في اليوم الثاني ناصحا ان ينهض بسرعة، فلم يقدر الحصان على ذلك ايضا ، وفي اليوم الثالث طلب الخروف من الحصان ان ينهض والا سيذبحوه ، فحاول الحصان حتى تغلب على تعبه ومرضه ونهض ، ففرح الفلاح كثيرا وقال:- اذبحوا الخروف احتفالا بشفاء الحصان ! وهذا جزاء فزعة الخروف للحصان !!

acusc2001@live.com








طباعة
  • المشاهدات: 25923
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم