27-10-2014 04:11 PM
سرايا - سرايا - من دواعي السرور أن يشارك الإنسان أهله بالتنويه عن سفر جامع تم الحصول عليه في منتصف شهر أيلول الحالي بعد أن تم صدوره في الآونة الأخيرة ، وهذا الكتاب يقع في جزئين وتبلغ صفحاته 1275 صفحة مما يجعله بالفعل تاريخاً جامعاً شاملاً لمنطقة إربد خلال المائة والخمسين سنة الأخيرة وقد تحسبت للوهلة الأولى من الاستطراد الظاهر في ثناياه ، إلا أنني وقد بدأت تقليب صفحاته أصبحت أسيراً لهواية القراءة المستمرة ولذا قضيت الأسبوع الفائت وأنا أنهل مما ورد فيه من معلومات موثوقة وأستمتع بمعرفة الكثير من الأمور التي لم تكن لي بها أية معرفة عن هذه المنطقة الهامة من بلاد جنوب الشام.
قد يكون ولعي بالقراءة السبب الأول لهذا الاهتمام بالكتاب إلا أنني وللإنصاف أذكر أن سجل الدكتور زياد أبو غنيمة في حقول التأليف المختلفة كان له أثر فاعل في كل ذلك لأن جهوده الكريمة في إثراء المكتبة العربية بكتب التراث العربي كانت قد أوجدت لدي الرغبة لمتابعة الاطلاع وخصوصاً بعد أن كنت قد استمتعت بقراءة كتب له نشرت سابقاً مثل «جولة في ذاكرة الوطن» و»التمثيل العشائري والعائلي في الحكومات الأردنية» و»الوزراء الحزبيون على خارطة الحكومات الأردنية» التي كانت اضافة ثمينة إلى المعلومات المنشورة عن مسيرة الأردن خلال تلك المدة.
يبدأ الكتاب بالاهداء إلى ستة من أقرب أفراد العائلة للمؤلف والديه وعميه وشقيقيه ثم بشكر وتقدير للدكتور محمد خلف التل الذي أبدى التشجيع المتواصل وقدم الدعم الكريم لاصدار الكتاب «إربدي يتذكر» بما يليق بإربد وجوارها إلا أن الشكر والتقدير الذي أسعد المؤلف تقديمه إلى المئات من الأخوة والأخوات الاربديين كان جديراً بالملاحظة فهذه الصفحات العديدة التي تعج بالمعلومات وتطلع علينا بمئات الصور ما كان لها أن تتجمع خلال بضع سنوات ليعيد المؤلف نشرها بهذا الشكل الوافي لولا تعاون الأهل الذين قدموا تلك الصور والمعلومات الموثوقة عن طيبة خاطر وإنني قد كانت لي تجارب كثيرة في هذه المجالات عند تأليف كتبي ، أرغب في انتهاز هذه الفرصة لأشيد بالروح الكريمة التي يظهرها أهلنا عندما يطلب إليهم تقديم ما لديهم في سبيل إنجاز أي عمل جدّي موثوق.
الكتاب مؤلف من حلقات بلغ عددها الواحد والتسعين الخمس الأولى منها عن تاريخ إربد القديم ثم حلقة عن العهد العثماني وحلقة عن عهد ظاهر العمر الزيداني والحملة المصرية والحكومة العربية يبدأ بعدها الحديث عن إربد الحديثة في جميع مجالات الحياة السياسية والنيابية والادارة ومقاومة الاستعمار ومساندة الثورة الفلسطينية والتعليم والتطور السكاني والاقتصاد والتجارة والحياة الثقافية وقد كان هنالك اهتمام خاص بالعائلات الاربداوية والعائلات التي رحلت إلى إربد واستوطنت فيها مع تفصيلات وافية عن أول إحصاء غير رسمي لسكان مدينة إربد عام 1914 من قبل المرحوم سامح حجازي ورفاقه مما يعطي صورة واضحة لتزايد أعداد السكان حتى أثناء فترة السفربرلك (النفير العام) وهي فترة الحرب العظمى الأولى (1914-1918) عندما اضطر عدد كبير من الناس في بلاد الشام وخصوصاً الأرمن إلى الرحيل عن منازلهم هرباً من الظلم والاضطهاد والقتل.
أود أن أشكر المؤلف على ما قام به من إنجاز وخصوصاً هذا التوثيق الوافي لمئات الصور مما جعل الكتاب مرجعية يعتمد عليها لصور رجالات إربد وجوارها في أعمار مختلفة ، كما أنني أشيد بالروح البناءة التي جعلت المؤلف يتحدث بكل هذا الاعتبار عن دور المرأة في حياتنا مع إيراد العديد من الصور لهن مما يؤكد عدم وجود أي تمييز ضد المرأة في الوجدان الشعبي مؤكدا كذلك احترامي لهذه الصراحة التي تميز بها حديث المؤلف والصدق في وصف الأحداث والنتائج وخصوصاً عند الحديث عن حياته الخاصة وعن حياة أفراد عائلته وهو ما يعطي القارىء الفكرة الصحيحة التي كان يعيشها أهلنا قبل أكثر من مائة سنة على سيف الصحراء رغم شظف العيش وقلة الموارد وانعدام الهدوء والاستقرار في أغلب الأحيان.