01-11-2014 09:55 AM
بقلم : مـ.هشام القضاة
قبل أن نبحث في هذا الأمر الشائك والمهم اريد على عجالة الإجابة على تساؤلين ،لماذا كفر معظم علماء اليهود في المدينة وهم الذين كانت هجرتهم للمدينة من قبل لعلمهم بظهور خاتم النبيين هناك السبب بسيط لماذا محمد عليه السلام ونحن الذين قضينا عمرنا نتعلم ونبحث عن العلم كيف لله أن يختار نبياً أميا فيعلمه وتكون له الأفضلية علينا .لماذا كفر أبو جهل الذي كان يلقب من قبل ابو الحكم ،قال الله تعالى {وقالوا لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم}الآية(31)الزخرف الإعتراض أيضا على اختيار الله بل هو اتهام صريح لله بسوء الإختيار فيرون أن شخص رسول الله لا يليق بمقامهم ثم قالوا لا بأس نقبل بهذا الإختيار السيء لكن بشرط قال الله تعالى {أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك }الآية(12)هود،وليس هنالك رد خير من قوله تعالى {قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون }الآية(18)يونس، وهنالك من آمن ثم كفر لأن مقتضيات الايمان لم تعجبه قال الله تعالى{ان الذين كفروا بعد ايمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم}الآية(90)ال عمران.
كيف يصل الخلاف بين من قال لا اله الا الله حتى يتفرقوا الى 73 فرقة كلها في النار الا واحدة ؛ الاختلاف مشروع وطالما لم يؤدي للتصادم فحتما سيؤدي للتكامل ، الا أن الاختلاف اذا كان سببه سوء الظن بالله فهنا الطامة الكبرى لأن التصور الذهني والوجداني لله يحدد استرتيجيتنا للتعامل مع أنفسنا ومع الآخر فالخطأ في معرفة الله ينتج التنطع والتشدد في غير موقع الشدة وتصغير الكبير وتكبير الصغير وتقديم الخبر وتأخير المبتدأ وقلب الأولويات ، قال تعالى {يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية} الآية ؛آل عمران ،وقال تعالى {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين} الآية(23)فصلت. وتبعا لهذا الظن يرضون لله مالا يرضى لنفسه ولا لعباده وتكون لهم مذاهب حاقدة تضيق ما وسع الله في التعامل مع الآخرين والحكم عليهم وبسرعة وبأرخص الأثمان تستباح الدماء والأموال والأعراض وتكون النظرة للدنيا على غير ما أراد الله فتصدر الأحكام وتُحدد أولويات في التعامل لم يتبعها رسول الله و لا الرسل من قبله.
أولا:- من حسن الظن بالله طلب الهداية من الله مباشرة وبدون وسيط موقنين أن الله لن يضيعنا.
ثانيا:- إن من عدل الله أن يكون كل انسان مستعدا لأن يمتحن نفس الإمتحان الذي امتحنه لإبليس بآدم عليه السلام فلا تحملنا طاعة ولا علم ولا جاه ولا قوة أن نرى لأنفسنا فضل على أحد فرب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ،بل لربما اصطفاه الله يوما واستخلفه علينا.
ثالثا:- أن دين الله هو فضل الله على خلقه وسيعم هذا الفضل و لن يستشير الله أحد ولن يستعين بأحد في سبيل ذلك ولن يضطر الله لتغيير سنته في الكون من أجل ذلك،و أن الله تعالى لا يعجل لعجلة أحد من خلقه وهو غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
رابعا :- ان من سوء الظن بالله ابتغاء الأجر والثواب من الله في انفاق المال فيما لا ينفع وفي ذلك ظنا واتهاما لله عز و جل بأنه عبثيا ،كمن يشتري مجموعة مصليات ويضعها في مسجد رغم علمه أن المسجد مفروش بالسجاد ،أو يجلب له ثلاجة رغم علمه أيضا أن الثلاجات الموجودة كافية ،ومن الناس من يطبع المصاحف ويوزعها وهو يعلم أن لا منزل يخلوا من مصحف ،وفي ذلك هدرا لمال الله ، وصدا لذوي العقول عن سبيل الله ،واشارة الى أن أوامر الله عبثية، وفي ذلك قسوة للقلوب عندما تختفي نية المنفعة للغير من حياتنا.
خامسا:- نحن خلفاء الله في صفاته وليس من صفات الله عز وجل أنه (الحاقد ) ، كما تقتضي الخلافة أن نتعلم كيف يعامل الله خلقه وكيف يمهل ،كما أن عقاب الله لا يخلوا من الرحمة بل هو الرحمة بعينها فلن يستخلف الله على عياله من يحقد أو من لم يلتمس لهم عذرا أو من زكى نفسه عليهم أو من فقد الأمل في صلاحهم ،نذكر عندما بعث الله جبريل لمحمد صلى الله عليه وسلم ليستشيره هل أطبق عليهم الأخشبين فأفرح رسولنا محمد عليه السلام ربه حين قال بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يوحد الله فاستحق بذلك دعوة له من الله لاستضافته في السماء حيث اسري به وعرج إلى السماء ليسافر في الزمان والمكان فيؤم الأنبياء و يرى الماضي والمستقبل رأي العين .
سادسا:- بوصلة المسلم موجهه نحو الآخرة وعينه وقلبه في الجنة هناك يشبع وهناك يرتاح ،أما الدنيا فقد زينت للإبتلاء والإمتحان وليس فيها ما يشبع عاقلا ،وسيجعل الله ما عليها صعيدا جرزا ولن يعز على الله منها لا قصرمشيد ولا ناطحة سحاب ولا سيارة ولا طيارة بل جعل الله الشبع والتطاول في البنيان عيبا أصبحنا نتباهى به بل نظنه جزءا من عمارة الأرض التي أرادها الله ،ولا نسأل أنفسنا كيف يريدنا الله أن نبني شيئا سوف يهدمة هو جل جلاله ويذره قاعا صفصفا .
اول خطوة في النجاة قول لا اله الا الله ثم يجب أن نصحح العقيدة في ما يلي:- من هو الله تعالى وما الذي ارتضاه لنفسه وما الذي لم يرتضيه لنفسه وما الذي ارتضاه ولم يرتضيه لخلقه وكم يحب خلقه و ما مدى رحمته وحبه لهم وما الطريقة التي يحبنا اذا تعاملنا فيها معهم ،من الملائكة ومتى ينزلون وما اهمية وجودهم وماذا نكسب اذا دخلوا بيوتنا وماذا نخسر اذا خرجوا منها ، من هو عدونا الحقيقى (الشيطان) وما واجبنا لنخلص اخواننا البشر منه والحرص على أن نفرح الله بهدايتهم ما قيمة دمائهم و أموالهم عند الله وما هي أولويات التعامل معهم في السلم وفي الحرب ،ومن نحب منهم ومن نكره وكيف نكره وكيف نحب .ما هي الدنيا عند الله وما اهميتها وما حجمها بالنسبة للآخرة كيف يريدنا الله أن ننظر لما حولنا وما تعريف ومفهوم الأشياء التي نراها وما قيمتها .
ما معنى محمد رسول الله ؛ مثال الله و قدوته في الأرض وهو أكثر من عرف الله ومعيار اكتمال ايماننا أن يكون هوانا تبعا لما جاء به ، ولا ينبغي لأحدنا ان يقول ليته قال أو فعل كذا أو ليته لم يقل أو لم يفعل كذا ولن يقبلنا الله الا من خلاله ولن نزداد معرفة بالله الا باتباعه فنقدم ما قدم ونؤخر ما أخر ونعظم ما عظم ونصغر ما صغروننشغل فيما اشتغل،ونتبع خطواته في السلم والحرب ونسقط حياتنا على حياته اسقاطا وعلى الخلفاء الراشدين الذين بشروا بالجنة من بعده ،ان الذين يعترضون على سنة رسول الله لو قدر لهم أن عاشوا في زمانه لكانوا في زمرة المتكبرين من المنافقين ،لكنهم اليوم يتبعون اسلاما عرفيا تتهاوى بهم الأرياح وتملؤ اشداقهم احاديث التشدق والتفيقه ولا يذكرون الله الا قليلا .
هناك مفاصل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لا بد للمسلم أن يعلمها ويفهمها ويفقهها ،دعوته في مكة و أولوياته في الدعوة ، معاملاته مع اليهود وحلمه وتدرجه في التعامل معهم ،صلح الحديبية وحرصه على دماء أهل مكة ارضاء لله فهم عياله يطعمهم ويكسيهم ، غزواته عليه السلام ،ماذا فعل بعد 23 سنة من اخراجه من مكة حين قال أحد الصحابة- الذي ما زال ينقصه الدرس الأخير في معرفة الله- حيث قال اليوم يوم الملحمة فقال عليه السلام بل اليوم يوم المرحمة .
ان أهم اولوية للمسلم بعد الإيمان بالله وملائكته و كتبه ورسله واليوم الأخر والقضاء خيره وشره هو القيام بمسؤولياته تجاه اخوانه من بني آدم في التفكير بهدايتهم وبذل في سبيل ذلك المال والنفس والصفات الحسنة الجذابة وثم آخر شيء الكلمة ولنا في رسول الله أسوة حسنة حين قالوا عنه(يا قوم اسلموا جئناكم من عند خير الناس يعطي عطاء من لا يخشى الفقر) وهو عليه السلام و صحابته يتلوون جوعا ثقة بأنهم سيشبعون عند الله تعالى ،هؤلاء فقط من يستحقون أن يرفعون السلاح في وجه من وقف حائلا بين الناس وبين وصول نور الله اليهم ،وليس من أوليات المسلم زيادة ملك المسلمين وأرضهم ولا قيمة لفتح البلدان دو الرغبة الكاملة والمطلقة في هداية البشر قال الله تعالى (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير و أبقى) طه آية 131،وقال الله تعالى( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون)الزخرف آية33 هذا وسأتبع هذا المقال بآخر بعنوان مفاتيح في فهم السيرة.