04-11-2014 09:03 AM
سرايا - سرايا - بالرغم من التحديات الكبيرة التي واجهت مسيرة التعليم العالي في الأردن، إلا انه تمكن مـن تحقيق إنجازات كمية ونوعية في هذا القطاع؛ حيث تم وضع الإجراءات المناسبة لتحسين دوره، وليحقق نقلة نوعية ذات جودة عالية تتناسب والتطورات الحديثة التي استوعبتها المؤسسات التعليمية الأردنية.
فالتعليم العالي بالأردن بدأ بإنشاء دار المعلمين في عمان عام 1958، بمستوى السنتين بهدف إعداد المعلمين لمدارس وزارة التربية والتعليم، ثم تتالى إنشاء دور المعلمين، وأصبح يطلق عليها معاهد المعلمين، وتطورت تلك المعاهد لتصبح كليات مجتمع في عقد السبعينات.
أما التعليم الجامعي فقد بدأ بتأسيس الجامعة الأردنية عام 1962، وفي العام 1989 أسست أول جامعة خاصة وهي عمان الأهلية، ثم شهد هذا القطاع خلال العقدين السابقين تطوراً ونمواً ملحوظين تؤكده الزيادة في عدد مؤسسات التعليم العالي وإعداد الطلبة المسجلين وأعضاء هيئة التدريس وأعضاء الهيئة الإدارية والزيادة في حجم الإنفاق والدعم الحكومي لهذا القطاع التعليمي المهم؛ إذ بلغ عدد الجامعات الرسمية عشر جامعات وسبع عشرة جامعة خاصة وواحد وخمسين كلية مجتمع متوسطة، بالإضافة إلى جامعة العلوم الإسلامية العالمية.
هذا التطور في أعداد الجامعات صاحبه زيادة في إعداد الطلبة الدارسين فيها؛ حيث تقدر أعداد الطلبة الملتحقين في الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة لمختلف البرامج والدرجات بحوالي 236 ألف طالب وطالبة، منهم 28 ألف طالب وطالبة من دول عربية وأجنبية.
وأصبح دور الأردن التعليمي دورا فاعلا في المنطقة؛ حيث تستقطب الجامعات الاردنية أعدادا كبيرة من الطلبة العرب والاجانب، ما يشكل مصدراً إضافياً للدخل الوطني عبر تشجيع السياحة التعليمية انسجاماً مع التوجه العام الحكومي في تشجيع المبادرات الفردية في الاقتصاد وتشجيع القطاع السياحي.
فالطالب العربي أو المسلم غير العربي يصرف عملات صعبة داخل البلاد سواء تكاليف دراسته أو معيشته أو زيارة ذويه له ... إلخ، إضافة إلى الاستقطاب الكبير لخريجي الجامعات الأردنية للعمل في المؤسسات والدوائر العامة والخاصة العربية والإقليمية.
كما أن تخصيص مقاعد جامعية لخريجي الثانوية العامة في بلدهم الأردن بدلاً من التحاقهم بالجامعات في الخارج يوفر العملات الصعبة على الأردن، كما يوفر الكثير من الهدر لهذه العملات، حيث قدرت الأموال التي كانت تنفق على دراسة الأبناء في الجامعات خارج الأردن سنوياً بما يزيد على الـ500 مليون دولار، الأمر الذي يوضح إسهام الجامعات في وقف الاستنزاف لمصدر مهم من مصادر الثروة القومية.
ما سقناه هنا يستوجب السماح للطلبة غير الأردنيين وخاصة العرب بالدراسة في الأردن بدون تحديد حد أدنى للمعدل في جميع التخصصات؛ حيث أن كثيرا من الجامعات العربية والعالمية تستقطب مثل هؤلاء الطلاب، ويخسر الأردن هذه الميزة نظراً للقوانين غير المدروسة من التعليم العالي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هؤلاء الطلبة سوف يعودون لبلادهم والعمل فيها ليساهموا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلادهم.. ولا يتأثر الأردن بمشكلة تعيينهم ولا علاقة لهم في مشكلة البطالة التي نعاني منها لأنهم غير أردنيين.. لذلك نأمل إعادة الدراسة للقبولات الجامعية بشكل عام وخاصة للطلبة غير الأردنيين، ما يساهم في رفد الاقتصاد الوطني للعملات الصعبة، وحل مشاكل البطالة في بلدنا، وأيضا حل مشكلة الجامعات الخاصة في ظل نقص عدد الطلاب الناتج عن التشدد في امتحان الثانوية العامة، ما أثر سلباً على حجم القبولات في الجامعات الخاصة التي هي مؤسسات وطنية تسهم في تنمية المجتمع، وفي رفد الاقتصاد الوطني وحل مشكلات البطالة.. وهذا ما يدعو له جلالة الملك عبدالله الثاني باستمرار لناحية حل مشاكل البطالة وايجاد فرص عمل في جميع القطاعات.
فماذا يحصل لو رفع التعليم العالي نسبة الاستثناءات لهؤلاء الطلبة من 10 % الى 20 %؟!
فلماذا الجامعات في الخارج تقبل الطالب الأردني الذي يحمل معدلا منخفضا في الثانوية في تخصصات مختلفة ولا نفتح نحن المجال امام الطلبة العرب والاجانب للالتحاق بجامعاتنا وفق تسهيلات وقوانين مشابهة؟!، إن ذلك يعد مصدرا كبيرا رافدا للدخل القومي في الاردن، وهو أمر يستوجب من المعنيين أن يعيدوا النظر في تشجيعه وتطويره.
إن جميع الجامعات ذات المكانة المرموقة والمحترمة تعتمد امتحان القبول، بحيث يتم اعطاء الجامعة الحرية الكاملة لاختيار الطلبة المناسبين في كل تخصص على حدة، وبذلك نسيطر على جودة التعليم، فضلاً على أن الطالب الذي يقبل في تخصص معين يقوم بتغيير تخصصه.
* نائب المدير العام
جامعة عمان الأهلية.