09-11-2014 09:28 AM
سرايا - سرايا - رغم أن الدولة تخصص ما يناهز 6 % من قيمة الموازنة العامة لخدمة القطاع الصحي في المملكة إلا أن الشكاوى من قبل مواطنين مستفيدين من خدمات التأمين الصحي من تدني مستوى الرعاية الصحية الحكومية لا تتوقف.
وتتركز شكاوى مواطنين حول عدم توفر أدوية أساسية باستمرار وقلة حجم الكادر الطبي ومزاحمة اللاجئين السوريين لهم ووجود أعطال في عدد من الأجهزة الطبية واكتظاظ المراجعين ما يتسبب في عدم إعطاء المريض الوقت الكافي لتشخيص الحالة المرضية بالشكل المطلوب.
ويقول هؤلاء إن "المبالغ المالية التي تقتطع من الدخل الشهري لموظفي القطاع الحكومي مقابل التأمين الصحي يفترض ان يقابلها مستوى عال من خدمات الرعاية الصحية".
وخلال جولة أجرتها "الغد" على عدد من المراكزالصحية والمستشفيات الحكومية في العاصمة عمان لوحظ وجود اكتظاظ كبير بالمراجعين ونقص أدوية أساسية.
وحاولت "الغد" مخاطبة وزارة الصحة أكثر من مرة للحصول على رد لكن الأخيرة لم تستجب.
وبلغت موازنة العام الحالي لقطاع الصحة 910.7 مليون دينار موزعة على 758.4 مليون دينار كنفقات جارية لقطاع الصحة و 152.3 مليون دينار كنفقات رأسمالية، حيث يظهر بأن نفقات القطاع قد بدأت بالارتفاع بشكل ملحوظ سيما وان اللجوء السوري قد بلغ ذروته خلال العامين الماضيين ما يشكل ضغطا على المرافق الصحية بالمملكة.
ويقول مستفيد من خدمات التأمين الصحي فيصل ابو غنيم ان الخدمات الصحية التي تقدمها المستشفيات والمراكز الحكومية ضعيفة نظرا لانخفاض الإمكانات والكادر الطبي والإداري في المستشفيات الحكومية.
ويبين ابوغنيم الذي يعمل في إحدى المؤسسات الحكومية ان المستشفيات والمراكز الحكومية تفتقر باستمرار الى وجود الدواء الامر الذي يدفع الى شراء تلك الادوية من خارج المستشفى بمبالغ مالية عالية مقارنة بأسعار نفس الدواء داخل تلك المراكز والمستشفيات.
ويوضح ابو غنيم الذي يعيل 5 افراد ان معاناة الحصول على رعاية صحية في المراكز الحكومية لا تتوقف عند نقص الأدوية فقط بل تطال الازدحامات بين المراجعين والمشادات الكلامية بين القائمين في تلك المراكز والمراجعين بسبب طول المدة التي يقضيها المراجع لمعاينة حالته المرضية من قبل الطبيب.
وأشار ابو غنيم إلى أحد المشكلات التي واجهها خلال زيارته مع ابنه المريض حيث مضى عدة ساعات بانتظار دوره الذي كان يصل الى حوالي 30 شخصا رغم معاناة ابنه من ارتفاع شديد للحرارة.
واضطر أبو غنيم بعدها لأخذ أبنه إلى أحد المستشفيات الخاصة لمعالجته على نفقته الخاصة.
وينتقد احد المراجعين والمستفيد من التأمين الصحي محمد الطراونة ضعف الرعاية الطبية التي تقدمها المستشفيات الحكومية التي تقتصر على معالجة المراجعين بالحد الأدنى من خلال عدم حصول المراجع على الرعاية الكاملة في تشخيص الحالة والحصول على العلاج اللازم.
ويبين الطراونة الذي يرتاد المستشفيات الحكومية منذ سنوات عديدة لاجراء الفحص الدوري نتيجة معاناته من مرض السكري؛ ان ضعف الكادر الطبي والاداري في المستشفى اضافة الى عدم توفر الادوية التي يحتاجها حال دون حصوله على خدمات الرعاية الصحية الكاملة من ادوية خاصة بمرضى السكري ما دفعه الى شراء تلك الادوية باهظة الثمن من احدى صيدليات القطاع الخاص.
ويؤكد الطراونة الذي يعمل في إحدى مؤسسات القطاع الحكومي ويتقاضى راتبا شهريا لا يتجاوز 500 دينار ان الفساد الاداري وراء المشاكل التي تشهدها المستشفيات مطالبا الجهات المعنية بوزارة الصحة ضرورة اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة بحق أي مسؤول يخالف الانظمة والتعليمات ويتعدى على حقوق المراجعين.
معاناة أبو غنيم والطراونة وغيرهم من المراجعين تشبه حال حمزة فراج الذي يراجع احد المراكز الصحية الحكومية التي ينتقد مستوى الرعاية فيها.
ويؤكد ان مستوى الرعاية شهد خلال السنوات الماضية القليلة تراجعا كبيرا نتيجة الضغط الكبير الذي تشهده تلك المراكز سيما من قبل اللاجئين السوريين.
ويقول فراج إن "من حق أي مواطن يحمل الرقم الوطني أن يحصل على كامل الرعاية الصحية من قبل الحكومة في ظل اقتطاع الدولة مبلغا محددا شهريا بدلا من الرعاية الصحية التي تقدمها الدولة".
ويضيف الفراج ان ما تمر به المراكز الصحية والمستشفيات من ضغط كبير للمراجعين ادى الى نقص كبير في انواع بعض الادوية والتي اكتشفها بعد ان كتب له الطبيب وصفة لصرف علاج لما يعانيه من انفلونزا الا انه تفاجأ من عدم وجود ما كتبه الطبيب من ادوية في صيدلية المركز الامر الذي اجبره الى شرائه على نفقته الخاصة.
من جهته ؛ قال نائب رئيس الوزراء الاسبق د. جواد العناني لا "احد ينكر ضعف كفاءة الخدمات المقدمة من القطاع الصحي الحكومي رغم وجود انفاق حكومي كبير؛ ذلك لان الإدارة الحكومية بحاجة الى تفعيل ورفع أداء العمل".
وبين العناني ان هناك ضغطا كبيرا على القطاع الصحي الحكومي من قبل المواطنين الامر الذي يضعف كفاءة الخدمة المقدمة.
واوضح العناني ان زيادة الانفاق لا يعني ضرورة تحسين الخدمات المقدمة ؛ مشيرا إلى أن الإدارة القوية والمراقبة المستمرة تمنح انتاجية افضل.
من جانبه ؛ قال وزير الصحة الاسبق د.عبد اللطيف وريكات إن "على القطاع الصحي الحكومي ضبط التحويلات الى المستشفيات الخاصة التي تهدر الكثير من الميزانية".
وأضاف الوريكات "يمكن تحسين كفاءة الخدمات المقدمة في المستشفيات الحكومية من خلال ادارة قوية ودعم قوي ".
الى ذلك؛ قال الخبير الاقتصادي د.يوسف منصور ان "الانفاق الحكومي على الصحة متركز على دفع الرواتب و التوظيف وليس لتطوير الخدمات وتحديث الأجهزة".
وبين منصور ان الانفاق الحكومي على الصحة لا يذهب الى مكانه الصحيح من الجانب التطويري للمستشفيات والأجهزة وانما يذهب الى الجوانب الثانوية، ومن هنا دعا لضرورة وجود ادارة توقف الهدر المالي ووضع خطة حقيقية لرفع سوية القطاع الصحي الحكومي.
ودعا منصور الحكومة الى بذل جهد أكبر بتخطيط و تنفيذ لضمان خدمة جيدة ترقى بالقطاع الصحي الحكومي.
ومن الجدير بالذكر أن إحدى الدراسات عن التأمين الصحي والانفاق الحكومي على الصحة في الأردن 2010 نفذت مسح التأمين الصحي في الأردن خلال الربع الرابع من العام 2010 على عينة من الأسر بلغ حجمها حوالي 13 ألف أسرة موزعة بطريقة تضمن التمثيل على المستوى الوطني الحضر والريف، الاقاليم الثلاثة والمحافظات دائرة الاحصاءات العامة.
وبلغ المعدل العام للتغطية بالتأمين الصحي في المملكة حوالي 70 % (حوالي 71 % للاناث مقابل حوالي 69 % للذكور ) وحوالي 85 % من الافراد في اقليم الجنوب مؤمنين صحيا والمناطق الريفية أكثر شمولا بالتأمين الصحي من المناطق الحضرية حيث بلغت (83.5 % و66.7 %) لكل منها على التوالي.
وأشارت الدراسة ان غالبية سكان محافظة عجلون مؤمنين صحيا (حوالي 90 %).
وبينت الدراسة ان جميع الاطفال الأردنيين دون سن السادسة مؤمنون من قبل وزارة الصحة ( التأمين الصحي المدني)، و97 % من الاطفال دون سن السادسة مؤمنين صحيا بعض النظر عن جنسيتهم.
واوضحت الدراسة أن حوالي 64 % من الأفراد الذين اعمارهم 15 سنة فأكثر مؤمنون صحيا، وحملة المؤهل التعليمي بكالوريوس فأعلى هم الأكثر حظا في الحصول على التأمين الصحي ، وان ثلثي من سبق لهم الزواج مؤمنون صحيا.
واضافت أن أعلى نسبة تغطية للتأمين الصحي بين الافراد الذين اعمارهم 15 سنة فأكثر كانت لغير الناشطين اقتصاديا بنسبة بلغت حوالي 67 % ، وحوالي 61 % بين الافراد المشتغلين ، وان جميع الافراد المشتغلين في المهنة المشرعين وكبار الموظفين والمديرين مؤمنون صحيا، حوالي 39 % فقط من المشتغلين في الحرف وما يرتبط بها من مهن يشملهم التأمين.
واشارت الدراسة إلى أن 61.4 % من افراد المجتمع المدني الأردني مؤمنون صحيا لدى جهة واحدة فقط من جهات التأمين المختلفة ، 8.2 % منهم لديهم ازدواجية في التأمين، وان تأمين وزارة الصحة هو تأمين الأكثر انتشارا بين افراد المجتمع الأردني بنسبة بلغت حوالي 55 %مع احتمالية وجود جهة / جهات اخرى تغطيهم بالتأمين.
وقالت الدراسة ان " 39 % من الافراد غيرالأردنيين مؤمنون من وكالة الغوث دون ان يكون لهم أي تأمين صحي آخر، وان أكثر من ثلثي المشرعين وكبار الموظفين والمديرين مغطيين بتأمين من وزارة الصحة و10 % منهم مغطيين بتأمين خاص".
وبينت الدراسة ان مستشفيات القطاع الخاص هي أكثر المستشفيات التي يدفع فيها الافراد مبالغ نقدية على تلقيهم خدمات الرعاية الصحية حين دخولهم اليها، وان أعلى متوسط انفاق للافراد الذين دخلوا المستشفيات داخل الأردن كان في مستشفيات القطاع الخاص بمتوسط بلغ 940 دينارا اردنيا.