11-11-2014 10:05 AM
بقلم :
قد يبدو هذا المصطلح غريبا و غامضا لغير المشتغلين بالقانون ، و لكـنـّـه دارج إذ ورد في قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 ، و يعنى به لغة و إصطلاحـا ( كـَـنــَه الأمرَ : أدرك حقيقتَه وغايتَه وجوهرَه ) .
و حديثي هنــا موجـّـه لكلّ من يقسم بالقسم الدّستوري و لكلّ مسؤول إرتضى حمل أو سيحمل أمــانة المسؤولية و هو ليس بأهلٍ لهــا .
فـكمــا نعلم جميعا ، يؤدّي الوزراء و النوّاب و كثير من المسؤولين اليمين الدستورية أو القانونية لدى تكليفهم بواجباتهم الرسمية ، و إذا ما توقفنـا عند هذه الكلمات البسيطة و التي تحمل كلّ منــها " جبلا " من الإلتزام ، سنجد أنـّـها لم تشـرع عبثا ، و لا تقف عند إطـار الشكلية فقط .
و لعـلّ القسم بـأنواعه يجتمع على مفردات كالـ ( الإخلاص ) للملك ، و ( الحفاظ ) على الدستور ، و ( خدمة ) الأمـّـة ، و القيام بالواجبات الموكولة لصاحب الوظيفة ( بأمانة ) ، و كلـّـها كلمات عظيمة الشـّـأن لها من الدلالات ما لها ، ما يقودنـا حتما إلى التساؤل ، هل فعلا أدرك كلّ مسؤول " كنــه " اليمين التي أقسم ؟
فإن كان لا يدرك و لا يدري ، فتلك مصيبة ! و إن كان مدركا و دارياً ففي ذلك مصيبة أعظــم ! و لمـّـا كانتّ " الخيانة " ضدّ الإخلاص و الأمــانة ، يكون كلّ من لم يقم بواجبه بأمانة هو " خــائن " للأمــانة و خائن للأمــّـة ، و من الذين جائت على ذكرهم الآية ( 77 ) من سورة آل عمران على أنهم " يشترون بعهد الله و أيمانهم ثمنا قليلا " صدق الله العظيم .
ففي الإخلاص ، كم من المسؤولين عاهدوا الله عهد أيمانهم بالإخلاص للملك ، و لم يفوا بعهودهـم ؟
و كم من مسؤول خـان هذه الثقة عامدا متعمـّـدا ، بعد أن أقـَسـَم على خدمة هذه الأمـّـة ، و حينــما وصل مبتغاه أوصد الأبواب في وجــه مخدوميــه و إستهتر بحقوقهـم !
و أقول في هذا الباب ، أن علينا دور و مسؤوليـّـة مجتمعيـّـة تعنى بالثواب و العقاب ، قد تكون أقسى عقوبة على هذا الخائن من حكم القضاء ، وهي تتطلـّـب ألّا يقف الأردنــيّ عند دور الراصد المتذمـّـر أو الرّقيب مكتوف الأيدي ، لا بل يحقّ له بأن يكون حاكمــاً و حسيباً ، و لـَكـَــان الوضع أفضل بكثير لو أنّ كلمة الحقّ قيلت في حقّ أولئك وجها لوجه على ملأٍ ممـّـن يسمع و يرى دون أن يخشى المواطن في ذلك لومة لائم ، لأنّ الحقّ يعلو و لا يعلى عليه ، و لكان في ذلك ردعٌ للخائن و زجرٌ لغيره ، و سيغدو حينها مشتركاً بالخيانة كلّ من حابى أو جامل خائنــا أو تزلــّـف له عبر الدعوة لوليمة على شرفه ، أو للتصدّر بجاهة أو حتــّـى بكلمة مديح بما ليس فيه .
و لا نتــّـهم بذلك صاحب الأجــر مـّـمن إجتهد و أخطــأ ، لكنها دعوة لفضح كلّ خائن و منافق ، و آيتــه أنـّـه إذا أؤتمن خــان ، و لا يقبل عقلٌ و عرفٌ أن يستوي الذي أخلص في أمانته و عمله لوطنه و ذاك الذي خــان .
و لتكن ثورة بيضاء على من خانوا الله أوّلا كمـا أسلفنا ، و خـانوا الملك و لم يكونوا عند ثقتــه و حسن ظنـّـه ، و خانوا الوطــن بكـل من فيــه إذ إستباحوا مال الشعب و مقدراتــه ، على حسـاب كــرامة الاردنــيّ و لقمة عيشه حاضرا ، و قوت أبناءه مستقبلا .
حمــى الله الأردن قيادة و شعبــا .