11-11-2014 11:49 AM
سرايا - سرايا - يرى «الفتى الظاعن في «تداعياته» أن «التطور أسطورة» وأن «التحولات التي تعرفها الموجودات خاضعة لسنن دائرية، تبدأ من نقطة وتعود إليها». ما تَقَدَّمَ يُشَكِّلُ غيضاً من فيض الكاتب الزميل إبراهيم العجلوني، وهو فيض جمع بعض تجلياته في كتابه «صِوانُ الأحزان» الصادر عن دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع في عمان كجزء من أعماله الفكرية.
فيض لا يبقي ولا يذر، يميل ميلته نحو الشعر والقرض العمودي في تشابيهه المتقاطعة مع تجربة أديب العربية مصطفى صادق الرافعي، وتحديداً في كتابيه: «حديث القمر» و»رسائل الأحزان». ثم يرتد ردته نحو السرد أو نظم الحكاية المصاغة برويّة كلاسيكية محافظة متمسكة برونق الحرف العربي، وفسحة التقعير فيه.
فيض يكاد يوهم القارئ أنه ليس أمام 161 صفحة فقط من القطع المتوسط، تحتوي بين سطورها 79 نصاً مراوحاً بين الشعر وبين القصة وبين المقال وبين المقام وبين الحكمة وبين الخاطرة أو الفكرة أو الأرجوزة، بل أمام بداية ليس لها نهاية، ومجرى ماء سلسبيل لا يتكرر مرتين.
«تنوّرتها قبل الهزيع فهمتا
وصرتَ إليها في الصباح فهبتا
قصاراك من هذا التعشّق لهفة
وحسبك أنْ حول المنازل حُمْتا
وأنك قد آنست ناراً فجئتها
وأنك ظمآن الجوانح عُدتا».
هي ذي اللهفة في أكثر تجلياتها حرارة، والسهد في مرتقاه العالي وغيلانه المستعر.
حواريات فذة وعميقة يقودها العجلوني داخل صفحات كتابه الذي أشرف فنياً على إصداره محمد الشرقاوي، فها هو يَخْلُصُ بعد حوار مهمٍّ مع صديق له أن الفكر من أجل الإنسان وليس الإنسان من أجل الفكر، فالمسيح، كما يورد حوار العجلوني، قال لآباء التشنج المذهبي: «السبت من أجل الإنسان، لا الإنسان من أجل السبت». هو حوار المحبة التي يتفيأ العجلوني صاحب الإنجازات المعرفية الفكرية اللافتة، ظلالها.
وفي الكتاب، إلى ذلك: «فصل من عتاب»، و»صداقة»، و»مفارقة»، وفيه يعاين الكاتب «تهافت الدهر، وتهافت التهافت، حين تزحف عتمة الأيام منذ مطلع الفجر، وتظل تتكاثف حتى تلقي السليم صريعاً.. هناك، ومع الهزيع الأول لعتمة أخرى، يتمطى الألم بصلبه فوق روح جريحة وقلب أتعبته الأيام».
حول دلالات العنوان ومراميه، يقول العجلونيُّ موضحاً: «لا تخلو الحكمة من أحزانها الهادئة العميقة، ولا تنفَكُّ العَبَراتُ دليلاً؛ في مسار التجارب المُرّة، على العِبَرِ والمَثُلات». وفي سياق تعريفه الكتاب ومحتواه يقول: «إن «صوان الحكمة» هذا ضربٌ من التأليف الجامع بين ألوانٍ من التعبير الأدبي».