12-11-2014 10:15 AM
سرايا - سرايا - (الذي لا يقهر) ، (مانديلا: طريق طويل نحو الحرية) فيلمان جديران بالمشاهدة والاعجاب حققتهما السينما في جنوب افريقيا حديثا، واختارتهما الهيئة الملكية الأردنية للأفلام للعرض في صالة الرينبو بجبل عمان يومي الثلاثاء والاربعاء من الأسبوع المقبل احتفاءً بمسيرة نلسون مانديلا في مقاومة نظام التفرقة العنصرية بجنوب افريقيا.
هما فيلمان مشبعان بالمفردات الجمالية والدرامية البليغة التأثير والمفعمة بتفاصيل الشخوص والأمكنة الافريقية وعذوبة اطياف الاداء التمثيلي وبراعة الاخراج وهو ما اتاح لهما فرصة الاحتفاء والتكريم في التواجد والتنافس القوي بالعديد من المهرجانات السينمائية العالمية الكبرى، فضلا عن حصادهما الوفير لايرادات شبابيك التذاكر في ارجاء المعمورة.
تشكل شخصية الزعيم الافريقي نلسون مانديلا محورا لهذين العملين الاثيرين، حيث يؤدي الممثل البريطاني إدريس ألبا شخصية مانديلا بفيلم (مانديلا: طريق طويل نحو الحرية)، والى جواره اضطلعت الممثلة الاميركية ناومي هاريس بدور الزوجة.
يتتبع الفيلم مشوار كفاح مانديلا الطويل ضد التفرقة العنصرية في جنوب افريقيا منذ طفولته وحتى انتخابه رئيسًا لجنوب أفريقيا العام 1994.
وفيه يجري تصوير وقائع مؤثرة من الاحداث التي عاصرتها القارة الافريقية وتحديدا في جنوب افريقيا التي وقعت تحت نير التسلط والطغيان العنصري لأكثر من نصف قرن من الزمان.
يصور الفيلم محطات ومواقف مانديلا من السجن الطويل الذي استمر سبعة وعشرين عاما قبل ان ان يتحرر منه الى فضاءات الحرية واستلام سدة الحكم في هذا البلد المتعدد الاعراق والثقافات مصورا جوانب من شخصيته البسيطة والملهمة التي اجتذبت صناع السينما العالمية وصاغوا منها افلاما متعددة الاهتمامات والموضوعات والاساليب.
في فيلم (الرجل الذي لا يقهر) الذي اخرجه احد ابرز قامات السينما العالمية الممثل والمخرج الاميركي الذائع الصيت كلينت ايستوود وفيه يؤدي الممثل مورغان فريمان شخصية نلسون مانديلا كإنسان عاشق للحرية يتمتع بخصائص انسانية تنحاز الى الكرامة والقوة والعزم لا تلين امام جبروت وقسوة النظام العنصري في تلك الحقبة، والذي اشادت بشخصيته سائر الفئات العالمية لانتصاره لقيم الحب والتسامح والسلام والتفاهم والانعتاق من كل القيود التي تكبل البشرفي عيشهم اليومي.
لقد علق اداء النجم مورغان فريمان الذي جسد شخصية نيلسون مانديلا في فيلم ( الذي لا يقهر) في ذاكرة عشاق الفن السابع حيث اداره المخرج ايستوود على نحو فريد ومبتكر في دور قوي مليء بتلك التعابير واللحظات الحميمية الدافئة لشخصية مانديلا الإنسان.
يستند الفيلم إلى أحداث وقعت العام 1995، بعد تولي مانديلا دفة الرئاسة، حين كان التوتر ما زال يسود العلاقات بين الأكثرية الإفريقية السوداء والأقلية الحاكمة السابقة البيضاء، وحين كانت الدولة منقسمة عرقياً واقتصادياً.
ويدور الفيلم الذي يكشف عن مناخ من عدم الثقة السائد بين السود والبيض جراء سياسة التمييز العنصري، مثلما يؤشر على تلك الجهود التي بذلها مانديلا لرأب الصدع بين المواطنين السود والبيض في بلاده، بعد انقسام دام لعقود، فهو يقيم علاقة وثيقة مع كابتن الفريق القومي لرياضة الرجبي في البلاد ويشجعه على قيادة الفريق في مباريات بطولة العالم للإسهام في توحيد الجانبين، إدراكاً منه لأهمية الرياضة بان تكون جسرا في الدمج والتآلف بين البشر.
اتسم فيلم (الذي لا يقهر) بتلك السلاسة في تصوير جوانب تاريخية وثقافية خفية اشتغل عليها ايستوود ببراعة حول العلاقة بين مانديلا وكابتن الفريق الرياضي وذلك من خلال تفاعلهما وتأثير كل منهما في الآخر وانعكاس ذلك على النهوض ببلدهما من كل هذه الآفات المدمرة لصور التعايش بين اطياف قاطنيه.
عالج إيستوود في فيلمه موضوع التعصب العنصري بحساسية، وبأسلوبه المتوازن والعادل المعتاد. وقد سبق له أن عالج هذا الموضوع في أفلام أخرى مثل: (بيرد) الذي تناول فيه حياة موسيقار جاز من اصول افريقية، وأيضا فيلم (جران تورينو) الذي فضح فيه ظاهرة العنصرية لدى قطاعات من مجتمعه الاميركي تجاه مواطنين ومقيمين ينحدرون من اصول أسيوية.