29-11-2014 11:02 AM
بقلم : الدكتور المحامي إبراهيم النوافلة
وصفي ، فقدك موجة وحشيّة الأحلام ، وليس من بعدك من مساحة خضراء...... غيبتك تذكي تجاعيد الكلام وحرقة البسمة ... بغيبتك طووا خرائط أول الفتوحات . غدروا بك قراصنة الغرب وميليشيات الدرب .... إخوتك لوّثوا قميصك بالدم ونسبوا فعلتهم للذئب.
من بعدك، غدونا - وعلى أطراف أصابعنا - نجر آخر خيبات الخلود .....آنت وجعنا المتسكع على أرصفة المدن وبلدان المنافي ومخيمات التهجير واللجوء...نتجرّع فقدك سما زعافا ولفظة أنفاسك هزيمتنا التي نتنفسها شهقة بشهقة.
من بعدك طمسنا أكفّنا بالحبر ورسمنا وجودنا - فقط - على المنابر ..... من بعدك ثار بركان الكلام وجف ينبوع الفعل. ... من بعدك نرى في ألوان الفجر كل دم الليل المهزوم ..من بعدك سجّلنا ملامتنا لدى العمر في كل سفر للمكان .
وصفي ، للشتاء قلائد تشتهيها العين ويغازلها البصر وأنت غيمتنا التي تلاشت على أيدي وضمائر الغدر.
يقتلنا الحنين إليك والاغتراب في الوطن ......وما رثائنا لك إلا إقرارا بجمود الحياة وجفاف الموت.....
... من هم بعدك هم ألف ألف دلالة للشك وأنت دلالة اليقين ....
ما زالت روحك تزور البيوت المطفأة وتقدم الحلوى للطاهرين ....... الصغار حدثتهم عنك عيون أتلفها البرد والحنين ......المطر الحزين نسمع فيه صوتك المخلخل والغيمة المثقلة نرى فيها وجهك المبجّل. لقد رحلت وتركتنا نروّض الوجع المتكبّر بأعذب صمت.
أكاليل نعشك بطيئة الذبول ..اختار الله لك الجنة واختاروا لذواتهم الجحيم...وهذه روحي التي تتشظّى طينا جنوبيا تعانق روحك التي تقطر طينا شماليا ليعلم الكون كيف تكون وحدة الطين.