02-12-2014 09:56 AM
سرايا - سرايا - أكد باحثون ومهتمون أهمية المكتبة المدرسية، وإن ما يتم اقتناؤه في المدارس من مراجع يساهم في تدعيم مناهج التربية وتطوير آفاق الطلبة وتقديم ما هو متاح من إبداعات عالمية ومحلية من اجل النهوض بهم.
مختصون أشاروا إلى أن منع الكتب عن هذه المكتبات أو السماح بها إلا بما يتوافق وسياسة التربية والتعليم فيه إجحاف بحق الطلبة ويعد رقابة صارمة على وعيهم ومحاولة واضحة لتنميطهم.
وأكد مختصون أهمية ربط مخرجات التعليم بالثقافة والوعي والتنوير، مستدركين أن ما قدمه وزير التربية من حقائق صادمة عن ضعف الخريجين في مختلف التخصصات، تعد أسباباً بنيوية أسست لخلخلة نظام التعليم بشكل عام.
فلسفة التربية وحظر الكتب
رئيس لجنة الحريات في رابطة الكتاب الأردنيين الباحث عبدالله حمودة تحدث عن أهمية إثارة هذا الموضوع الآن، مؤكدا على أن الجهة الوحيدة المخولة بالدستور لمنع الكتب هي دائرة المطبوعات والنشر وان هنالك نصوصا قانونية تخولهم صلاحيات ذلك مع العلم ان الكتاب الذي يمنع يحتاج الى قرار محكمة خاصة، وان القانون النافذ المفعول يسمح بطباعة أي كتاب دون أي موافقة مسبقة من المطبوعات والنشر، ويستثنى من ذلك الكتب التي تطبع في الخارج فدخولها يحتاج لموافقة دائرة المطبوعات وإجازتها ذلك، وتعتبر هذه الإجراءات متقدمة قياسا بغيرنا.
ويمكن أيضا للمطبوعات والنشر ان تحصل على قرار محكمة مستعجل بمنع تداول كتاب، وهذا يكون بعد الطبع ، ومن له الحق في رفع دعوى ضد الكتاب هو المتضرر وليس أي جهة رسمية.
وذكر أن ما تم منعه منذ عام 1955 ولغاية1987 نحو 1200 كتاب، «بحسب إحصائية قام بها» وشارحاً أن الكتب تمنع لأسباب تتراوح بين المس بالعائلة المالكة وأسباب دينية او سياسية مختلفة، وهذا يؤكد انه ما يزال هناك منعاً للكتب بغض النظر عن الحجم والأسباب.
وعبر حمودة عن استغرابه أن تمنع الكتب بتعميمات وزارة التربية على مكتبات المدارس تحت عناوين منع مختلفة منها فلسفة وزارة التربية أو عدم ملائمتها للمستوى الفكري للطلبة، لافتاً أن قائمة كبيرة من الكتب التي منعت ولأسماء أدبية وفكرية مهمة محلية وعربية وعالمية، متسائلاً ، كيف يتم منع ناشئتنا من فرصة الاطلاع على هذه الأعمال الإبداعية والأدبية «الكبيرة» تحت «حجج واهية وغير مهمة»، وإذا كان السبب هو فلسفة وزارة التربية فما هي الخطوط الرئيسية لهذه الفلسفة وإذا كان المستوى الفكري فكيف لي أن انهض بهذا المستوى إن أعطيته كتب بمستواه.
تشجيع المطالعة
كما تساءل حمودة عن فكرة تشكيل اللجان التي «تمنع وتسمح»، وكيف تشكل، وماهي الأسس التي تشكل على أساسها، موضحاً، الأصل أن تكون الوزارة مسؤولة عن المناهج، وليس عن الكتب التي توجد في المكتبات، وان تشجع الطالب على المطالعة إلا إذا كان هناك قرارا بتحديد آفاق الطلبة ومستواهم العلمي وهو ما ينعكس سلبا على مستوى التعليم والمشهد الاجتماعي برمته، ويتراجع الوعي بفكرة الإصلاح والتطوير، ولعل غياب بعض الرموز عن كتب المناهج مؤخرا يأتي في هذا السياق، متوقفاً عند منع عدد من العناوين لقامات إبداعية مهمة في رابطة الكتاب الأردنيين عن مكتبات مدارسنا، فان لم يستفد منها الطلبة فان المعلم بحاجة ماسة لهذه الكتب.
الانتقائية والشللية
الكاتب المختص بأدب الطفل يوسف حمدان لفت إلى أهمية «النزاهة» في تشكيل اللجان وما ينعكس ذلك على قدرات اللجان في انتقاء الأفضل وتقديمه للناشئة، مشيرا إلى أن اللجان في السابق كانت تشكل من أعضاء المناهج الذين لهم ارتباطات في رابطة الكتاب مما أضفى عليه صفة «الشللية»، مضيفاً حمدان الذي أنجز عشرة دواوين وأربعة مجموعات قصصية للأطفال، انه تقدم عدة مرات بكتب تتوافق وفلسفة التربية التي تعتبر أحيانا شماعة يعلق عليها أسباب الرفض، معبراً عن استهجانه «الانتقائية» في اختيار العناوين بعيدا عن الجودة والأسماء المكررة.
وعن كتابه رسائل روكس بن زائد العزيزي الذي قدمه للاقتناء في مكتبات مدارس التربية والتعليم، أكد حمدان أهمية محتوى هذا الكتاب ، معبراً عن أسفه حرمان مكتبات مدارسنا منه لأنه يقدم قيما أدبية وإبداعية جميلة، وانه كتاب نادر يحتوي على جهد كبير ومع ذلك لم يقبل.
وقال حمدان إذا قمنا بدراسة مقارنة للكتب التي تم التنسيب لاقتنائها في المدارس خلال السنوات الماضية سنجد «خللاً منهجياً» في اختيار الأسماء، وان هذه الأسماء في اغلبها تربطه علاقات مع أعضاء اللجان وليس هناك تنوعا يمثل أشخاصا أو تيارات، وكانت «المزاجية» واضحة في عملية الانتقاء.
أسباب فنية وموضوعية
لعدم الاقتناء
خبير المناهج التربوية، رئيس قسم اللغة العربية سابقا في إدارة المناهج في وزارة التربية والتعليم، الدكتورعطاالله الحجايا، أكد أن هناك اسبابا موضوعية وفنية تؤدي إلى اتخاذ قرار بمنع الكتب من الوصول إلى مكتبات المدارس في وزارة التربية والتعليم، منها: عدم انسجام الكتاب مع فلسفة التربية والتعليم أي انه يخالف الأسس التي تقوم عليها الدولة وهي الأسس الدينية والقومية والأبعاد الاجتماعية والثقافية والأعراف والتقاليد التي يمارسها الشعب الأردني. إضافة إلى ذلك عدم مناسبة الكتاب لمستوى الطلبة العمري والفكري، وان يحتوي الكتاب على ألفاظ غير مقبولة. إضافة لذلك ميزانيات المدارس المحدودة حيث أن شراء الكتب يتم عن طريق المدارس، وان المدارس لاتملك ترف دعم المؤلف إذ أن الكتاب الذي لا يستخدمه الطالب فان المكتبة في غنى عنه. ومن الأسباب الفنية لعدم اقتناء الكتاب، الأخطاء الإملائية واللغوية والطباعة التجارية.
رقابة الأهل والمجتمع
وعن المستوى الفكري للطالب ومن يحدده أكد الحجايا أن ذلك يحدد وفق أعمارهم ويخضع لدراسات علمية ، وأن المكتبات تستخدم من قبل الطالب والمدرس وما يمنع على الطالب يمنع على المدرس أجاب الحجايا أن التربية لاتحرم المعلم من الانتفاع بالمكتبة، وان مكتبات المدارس هي مكتبات نوعية وليست مكتبات عامة وبالتالي لايمكن إدخالها أي كتاب غير مطابق للمواصفات التي يحددها مختصون في ذلك، خاصة وان الوزارة أحيانا تلجأ إلى أشخاص من خارج الوزارة لتقييم هذه الكتب.
وأضاف الحجايا أن هناك سلطة أخرى تفرض رقابة من نوع آخر وهي رقابة الأهل الذين يراقبون أبناءهم ماذا يقرؤون، وهذا يعني ان الكتاب في الغالب يخضع لتقييم الأهالي وان هناك مشاكل حدثت من بعض الكتب التي تم استعارتها من قبل بعض الطلبة، وزاد أن الكتب لا تمنع إلا إذا كان هناك أسباب موجبة و»أنا شخصيا مع هذه الرقابة وبصورة مستمرة».
حماية الناشئة
مدير إدارة الكتب والمناهج المدرسية وفاء العبداللات، في سياق ردها على ما أثير من عدم اقتناء بعض العناوين، أكدت أن هناك عددا كبيرا من الكتب في مكتبات المدارس لايستفيد منها الطالب وتشكل لجان من إدارة المناهج اغلبهم «تربويون مؤهلون» ولديهم خبرات تربوية «عالية» في تأليف المناهج وهذه اللجان فقط من وزارة التربية ، وتوزع عليهم الكتب التي يطلب أصحابها اقتنائها في مكتبات المدارس وبناء على التقرير المقدم من اللجنة يتم منح الكتاب إجازة اقتناءها في المكتبات وبناء على قدرات المدارس شراؤها لان الكتب يتم شراءها من ميزانيات المدارس.
وأضافت لايوجد منع للكتب ولكن نحرص ان يتوافق اقتناء الكتب مع الإطار العام لفلسفة التربية التي تتمحور حول حماية الناشئة من أي اختراقات لها علاقة «بالعقيدة»، وان ما يوجد في المكتبات يتوافق مع «مناهجنا» ويدعمها، خاصة ان هناك سلطة او رقابة أهلية على ما يوجد في مكتباتنا. عن أهمية الكتب الأجنبية التي تتحدث عن المواطنة كما يقول احد المهتمين أكدت العبداللات: هناك «قيم» ، لكنها «لا تتوافق مع قيمنا» و»لاتنسجم مع معتقداتنا الدينية والسياسية»، وبالتالي دورنا ان «نحمي الناشئة» حتى يصل إلى مرحلة عمرية يستطيع معها ان يميز وله الخيار بعد ذلك ان يقرأ ما يشاء في هذا الفضاء المفتوح.
وأشارت العبداللات في سياق ردها على شطب رموز لها تاريخها في الإسهام في بناء الدولة الأردنية ومنهم: فراس العجلوني، قالت إن هذا الأمر له علاقة بتجويد المناهج وإعادة بنائها بما يتوافق وقدرات الطالب العقلية وقدرته على ربط التاريخ بالمادة المطلوب تدريسها، وانه ليس هنالك قصدية في ذلك، وان موضوع المواطنة والتربية عليها لم يغفل، وهو موزع على جدول زمني له علاقة بالمنهاج وتطوره وبما يترافق مع عمر الطالب وقدراته.