04-12-2014 03:58 PM
بقلم : د. نزار شموط
كانت اخر مسرحيه شاهدتها وقدمت على خشبة مسرح حقيقيه بعنوان ( الزعيم ( قبل عقدين من الزمن واستمرت احداثها لثلاث ساعات , اما المسرحيه الاخيره والتي استمرت احداثها ثلاث سنوات كانت بعنوان ( محاكمة الرئيس ) وانتهى اخر فصولها قبل ايام , واسدلت ستارتها على مرآى ومسمع العالم اجمع , وانتهت احداثها ببرائة بطلها (الرئيس ) مما اوكل اليه من تهم , برائة الذئب من دم يوسف .
وللأمانه تميزت هذه المسرحيه بحبكة متقنة في النص وترابط الاحداث , وتخللتها مواقف تراجيديه شدت الجميع , افرزت تارة تعاطفاً مع ابطالها , وتارة اخرى نقمه وسخط عليهم , الا ان المخرج استطاع بحنكته ومهارته ان يقود الجميع للتعاطف مع بطل المسرحيه , ويجعل كل المحلفين يقروا ببراءته , رغم ان ادله الادانه كانت واضحة وضوح الشمس , حتى ان الارواح الغاضبه للمتظاهرين الذين قتلوا ظلماً وقمعاً , كانت تصرخ على مسمع الجميع للانتقام لها في قاعة المحاكمه , لكن المخرج ابى الا ان تكون الخاتمه براءة الرئيس .
وهذا ما كان .
بعد انتهاء المسرحيه تباينت اراء كل من شهد احداثها , البعض قال ان بطل المسرحيه هذا الرجل الذي وصل الى ارذل العمر , نال عقابة من خلال احضاره للمحاكمات على سرير طبي , وهو تحت العنايه الطبيه , وخلال فترة المحاكمات التي استمرت لثلاثة سنوات .
والبعض الاخر قال ان جميع من شارك في الحكم والمحاكمة وصلوا لما وصلوا اليه من مراكز قضائيه عليا بعهد الرئيس المتهم وفضله , لذا كان من حسن الشكر والجميل له , التعاطف معه وتبرأته وهو بهذا الحال .
وهناك من كان اعمق في تحليلاته , وقال لا يجوز ان يصدر حكم باتهام وادانة رئيس بثقل وخبرة هذا الزعيم , لانها ستكون سابقه , تطال من هم في مقامه من الزعماء , اذا اتهموا بقضايا مشابهه.
واخرون تعاطفوا مع ما قام به الرئيس من قمع وقتل المعارضين له , فقد كان الهدف وئد الفتنه , على قاعدة درء المفاسد خير من جلب المصالح , والاصل ان لا يقوم الناس على الحاكم اذا كان لا يمنع الصلاة فيهم , وهو لم يفعل هذا البته .
اما الغالبيه فاجمعوا اننا نعيش في زمن المسرحيات , التي تعتمد حبكاتها على قلب الاحداث والثوابت والواقائع , بحيث بات يصدق الكاذب , ويخون الامين , ويؤتمن الخائن , ويحاسب ويحجم من يقول الحق , ويسيد من ينافق ويداهن ويرائي . ويبرء صاحب الشأن الرفيع حتى لوارتكب المذابح .
وفي ظل ما نشهد من احداث ومتغيرات وطفرات , تجعل الحليم حيران , سنشاهد مسرحيات دراميه اشد حبكة من مسرحية محاكمة الرئيس .