06-12-2014 10:33 AM
بقلم : أ.د رشيد عبّاس
لحظة انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في مدينتي, خرجتُ مسرعا للشارع العام المحاذي للمنزل, طبعا لشراء «الشمع» الذي أصبح برائحة ولون الفاكهة كي أكمل سهرتي مع باقي أفراد الأسرة, كان في الشارع احد المارة يكلمُ نفسه غاضبا بعبارات سمعتُ منها: كل شيء أصبح هذه الأيام على الكهرباء! تذكرتُ أنا وعندي نفس المشكلة مقالة قديمة لأحد الكتاب الألمان, كانت هذه المقالة بعنوان, هل يجرؤ احد على سرقة الكهرباء؟
بصراحة لو جاء الألماني «فون غيركة», وهو أول من اكتشف الكهرباء عام1681م, لو جاء على مدينتي التي يتكرر فيها انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في فصل الشتاء, لوجد أن سرقة الكهرباء أصبحت حلال, وان الناس أصبحوا يغذوا أولادهم على سيل من الالكترونات بالحرام ,..الغريب أن احدهم اعترف لي يوما دون خجل أو وجل, اعترف أن لديه (6) مدا فيء تعمل على الكهرباء موزعة في جميع أنحاء بيته, والأغرب من كل ذلك, أن ساعة الكهرباء عنده تعمل على تخفيف قراءة العداد إلى أقصى ما يمكن, متناسيا انه هو وأمثاله قد تسبب فيما يسمى بالأحمال الزائدة على الشبكة والتي تؤدي إلى نزول قاطع الشبكة, وبالتالي انقطاع التيار الكهربائي, على خلق الله في هذه المدينة.
عند هذه المشاهد اقسمُ لكم أن «فون غيركة» لن يعلنَ أسلامه في مدينتي, وسيندم على الساعة التي اكتشفَ فيها الكهرباء, فهو توقع أن يَسرقَ البشر كل شيء في هذه الحياة عدا الكهرباء, وتوقعَ أيضا أن لا يكتب احد عبارة لقد سرقوا الكهرباء من بعدَك يا فون غيركة, فأنا والحديث ما زال لفون غيركة اكتشفتُ الكهرباء لكي تَلعنْ البشرية الظلام من بعدي.
..أعزائي الكرام القصة هي قصة ضمير, ويحق لنا أن نقول: ما ذنبنا نحنُ أصحاب عدّادات الكهرباء الصادقة نُحرمْ من مشاهدة صورة الوطن وصوته لحظة انقطاع التيار, وما ذنب أبناؤنا قد كتبوا واجبات الرياضيات في دفاتر الإنشاء لحظة انقطاع التيار, ما ذنب سمك السردين وقد عصرنا عليه البرتقال بدلا من الليمون لحظة انقطاع التيار, وما ذنب «عقارب» ساعة الكهرباء أن تستريح شيء من الوقت لحظة انقطاع التيار, وقد صممت هذه العقارب أن تسير ليل نهار, وأتساءل هنا, كيف يرى سارق الكهرباء الأشياء من حوله؟ هل يرى أن الناس شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ و«النار».
..أؤكد للجميع أن هؤلاء قد خسروا فهم هذا الحديث, وأن الكهرباء تختلف تماما عن «النار», وان سارق الكهرباء, هو سارق وطن, ومن يسرق الوطن يستحقُ أن يتركَ في ظلمة دون إبصار, وندعو شركة الكهرباء إلقاء القبض على هؤلاء متلبسين بالجرم المشهود, عندها سيعرفوا هم وغيرهم أن الله حق, وان نور الله فوق كل نور, بقي أن نقول لصاحبنا«فون غيركة», ..لقد سرقوا الكهرباء من بعدك, وان مقالة احد الكتاب الألمان, والتي كانت بعنوان هل يجرؤ احد على سرقة الكهرباء؟ هذه المقالة للأسف الشديد قد سقطتْ أرضا, كضمير هؤلاء, ولن أبالغ إن قلت لكم أن بعض هؤلاء في الصفوف الأولى يوم الجمعة, يبحثوا عن فتوى تنجيهم.