07-12-2014 09:29 AM
سرايا - سرايا - «من سيل عمان إلى القصر» هو العنوان الذي اختاره المصور الخاص للملك الحسين في اللقاء الذي أقيم في مؤسسة عبد الحميد شومان في العاصمة الأردنية عمان.
زهراب ماركاريان قصة طموح وإرادة بدأت في أفقر مناطق عمان، حيث توفي والده وهو صغير ولم يتمكن من إتمام دراسته، وكان مولعا بالموسيقى إلا أنه تركها رغبة في الوصول إلى القصر.
يقول: «حين انضممت إلى القصر للعمل فيه كمصور، أرسلني الملك حسين إلى نيويورك من أجل تعلم اللغة الإنكليزية والتصوير الفوتوغرافي، لقد كان مساندا لي ودعمني في جميع مراحل حياتي، فهو لم يكن ملكا فقط، بل ابا حنونا فقدته منذ سنين طويلة».
22 عاما كان فيها زهراب نافذة الملك التي يطل بها على وسائل الإعلام، يقدم الصور التي تحمل في زواياها ألف قصة ومشهد وموقف ولحظة ملكية خلدها التاريخ في حياة ملك ترك الأثر في العالم أجمعه، من خلال حنكته ورؤيته السياسية والاقتصادية والأهم إنسانيته.
وعن مدى قرب المصور من شخص الملك وحضوره للقيام بواجبه من دون أن يكون مزعجا بصوت كاميرته، يبين زهراب:» لقد كنت على الدوام قريبا جدا من الحسين ولم أشعر يوما بأنني غريب عنه، حيث كان متواضعا إلى أبعد الحدود. ومن أهم ما أقوم به كمصور اختيار الزاوية المناسبة للتصوير بهدف عدم ازعاج أي أحد من الحاضرين».
ويروي زهراب أحد المواقف التي حصلت معه:» في أحد العروض العسكرية، حضرت جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية، وبالطبع كان الملك يرتدي بذلته العسكرية، وكان يضع باكيت الدخان في جيبه القريب من النياشين المعلقة على صدره، وكان جزءا من الباكيت ظاهر، لذلك قمت بالوقوف أمام الكاميرات واقتربت منه بشكل ملاصق وأخرجت الباكيت، من دون ان يستغرب تصرفي او يسألني عن السبب أو ما أقوم به، وهذا دليل الثقة التي بنتها سنين عملي معه».
ومن المواقف التي لن ينساها زهراب وسيكتبها في مذكراته التي ستصدر قريبا، ما حدث اثناء تخريج نادي الضباط في الزرقاء. حين تقدم شيخ كبير بالسن من الملك وكان واضحا عليه الغضب، وحينما اقترب منه أخبره بأنه حلف يمينا بأن يضرب الملك كفا حينما يراه بسبب قراره بحبس ابنه، والصورة موجودة حتى الآن، وكان الشيخ رافعا يده. حينها تحدث معه الملك بكل هدوء وطلب من مساعديه أن يفرجوا عن الشاب، وتحدث إلى الشيخ سامحا له أن يضربه طالما أنه حلف اليمين، مما دفع بالشيخ إلى البكاء واحتضانه على الفور.
يتابع زهراب حديثه: «لم يتعامل جلالته في يوم من الأيام مع أي مواطن أو شخص على أنه ملك، بل كان قمة في التواضع ويتعامل مع الناس على أنه واحد منهم». ومن المواقف التي يذكرها «بينما كان الملك قادما من العقبة عن طريق الأغوار البحر الميت ليلا وعندما وصل الموكب الملكي إلى مفترق طريق الأغوار الكرك وكانت الساعة الواحدة فجرا وشارف بنزين سيارته على النفاد، توقف جلالته عند محطة الوقود لتعبئة السيارة بالبنزين وقام بنفسه بتعبئتها، ذلك لكي لا يزعج العامل في المحطة. ولحظتها رأيت العامل يسرع مهرولا نحو الملك وهو يقول عفوا يا سيدي. احتضنه الملك وقال له: أطلب ماذا تريد؟ فقال العامل: أريد الصورة التي تصورتها معك الآن أن تصلني. وطلب مني جلالته إيصالها إليه شخصيا وفعلت ذلك.
التصوير بالنسبة إلى زهراب حلم وتحقق. ففي بداية حياته كان مصورا مع الأمير الحسن وعائلته وكان يرى جلالته وهو يقوم بزيارة الأمير الحسن في منزله وذات يوم التقط صورة لجلالته حازت إعجابه وأحبها كثيرا وسأل الأمير الحسن من الذي صورها فأخبره بأنني الذي صورته يومها طلب 500 صورة منها ووزعها على أصدقائه وضيوفه.
وبعد فوزه بمسابقة التصوير في الأردن حصل على هدية «كاميرا» من الملك الحسين والملكة علياء، وبعدها طلبني إلى قصر الندوة ليخبرني بقراره بأن أكون مصورا خاصا له.
ويتذكر زهراب أول كاميرا امتلكها من نوع «زنت» روسية وثمنها 30 دينارا إلى أن أهداه الملك كاميرا غالية الثمن نوع «فوجكا بانوراما» لتصوير المناظر الخلابة وما زال يحتفظ بها.
بعد وفاة الحسين علق زهراب يافطة كبيرة فوق العمارة التي يوجد بها الاستديو على دوار عبدون وكتب عليها «سيدي لن ننساك ولن نودعك وستبقى للأبد في قلوبنا» وذات يوم مر الملك عبدالله الثاني وشاهد اللوحة ودار مرتين لكي يقرأ اليافطة وقال لزهراب: «خليت الدمع في عيني يسقط وأنا اقرأ اليافطة وأقوم بالدوران مرتين»."الوطن يغرد"