08-12-2014 10:24 AM
سرايا - سرايا - إنه الرجل الّذي يصعد داخل الجهاز الأمني السوري، عُرف بشاربه البعثي الخفيف وقبعته العسكرية المائلة على جبينه، العقيد سهيل الحسن ـ المعروف باسم “النمر” هو المهندس الرئيس للاستراتيجية الّتي أطقتها دمشق في ربيع 2013 ضدّ التمرّد.
في رصيده رفع الحصار عن الأحياء الموالية في حلب واستعادة السيطرة على القرن في الشمال الشرقي للمدينة وبداية التطويق الممكن لمحاصرة الأحياء الشرقية الّتي يسيطر عليها المتمرّدون. في شهر تشرين الاول، بعد أن تمّ تخريبها من خلال البراميل المتفجرة، استعادت قوّاته السيطرة على مدينة مورك في ريف حماة الّتي يمكن للقوّات الحكومية استخدامها كمنصة لإطلاق الصواريخ نحو ريف إدلب.
هذه الأعمال العسكرية منحت سهيل الحسن هالة منقطعة النظير داخل الأوساط الموالية. عشرات الصفحات على فايسبوك أنشئت لتمجيده ويتابعها عشرات الآلاف من الأشخاص. ويتمّ الاحتفاء بالعسكري كـ “رجل المرحلة” و”رمز النصر” أو أيضًا “بطل من زماننا”.
مكافح النيران في دمشق
لهذه العبادة المستشرية دلالة كبيرة حول الاضطرابات في السلطة السورية. “إنهّا متلازمة سمير جعجع”، وفق ما يعتقد المحللّ السوري جهاد يزجي في إشارة إلى تحوّل في السياسة ، فـ”الحسن سيطالب أيضًا بما له عند نهاية الصراع، ولكن عليه ألّا ينسى أنّ في النظام السوري الشخصية الوحيدة الّتي يمكن تأليهها هي الرئيس”.
العقيد الذي يرجح أنه في الخمسين من عمره لديه ورقتان رابحتان في اللعبة: مركزه داخل مخابرات جيش الطيران، الجهة الأمنية الأقوى في البلاد وانتماؤه إلى الأقليّة العلوية الّتي تنتمي إليها عائلة الأسد.
عسكرة الانتفاضة السورية في 2012 فتحت الطريق أمام صعود الحسن، فـ”القوّات البريّة كانت أمام تحدّ إمّا التكيّف أو الموت ،حسب أرام نرغيزيان الخبير في الشؤون العسكرية في الشرق الأوسط . الوحدات الكبرى تمّ تقسيمها إلى وحدات أصغر وأكثر تفاعلية. وتمّ تهميش القادة غير الأكفّاء أو كبار السنّ مما سمح للعساكر الأقلّ خبرة الحصول على مسؤوليات أكبر”.
ظهر “النمر” شيئًا فشيئًا كمكافح النيران الطائر في دمشق. على الحجم يعرف كيف يعوّل على الدعم رفيع المستوى. “عندما يطلب قصفا جويا، يحصل عليه دائمًا”، يشهد محمد عبود، المنشق الّذي أصبح زعيمًا لمجموعة من المتمرّدين. طريقة الحسن تعمل في زمنين: قصف بالقنابل والصواريخ بداية ثمّ التطهير بيتًا بيتًا، تكتيك الأرض المحروقة يطبقه بحماس استثنائي. إنه من بين العساكر الذين أطلقوا النار على المتظاهرين غير المسلحين في 2011، رغم أنّ التعليمات الرسمية دعت إلى تهدئة الوضع”، يتّهمه عبّود.
كان من المنطقي أن يجبره النظام السوري على عدم الظهور لحمايته من الثوّار ولتهريبه من فضول المنظمات غير الحكومية الدولية الّتي تحقّق في جرائم الحرب المرتكبة في سوريا، ولكن في الربيع، تمّ رفع أوّل فيديو لـ “النمر” على الإنترنت، وقد تمّ تصويره من قبل “سما تي في”، وهي قناة تابعة للنظام، ظهر فيها بصدد زيارة قواته على جبهة حلب. في صلابة مسرحية، استمتع لأحد رجاله يلقي قصيدة له قبل أن معانقته.
الرجل المناسب
المشهد فتح الباب على مصرعيه لـ “الهوس بالنمر”. رأى العلويون المتعبون من ارسال ابنائهم الى القتال والموت في العقيد الحسن الرجل المناسب. “إنّه ذكاء من قبل النظام”، يرى فارس بيوش، وهو عسكري سابق التحق بالثورة.
وفي رأيه، “لا يمكن أن نحارب من غير صورة البطل الّذي يشدّ من العزائم. أحد أسباب فشلنا هو عدم قدرتنا على إظهار شخصية جامعة”.
ولكن العديد من المؤشرات تؤكّد على أنّ الإعجاب الشديد بأصحاب الرتب العليا لا يروق تمامًا للنظام. في أواخر شهر اب، اعتقلت المخابرات محامياً مواليا للنظام، مضر حسان. طالب السلطات على “تويتر” بالكشف عن اختفاء مئات الجنود في المعارك مع “الدولة الإسلامية” ودعا الى تتويج النمر وزيرا للدفاع. في الوقت نفسه، تمّ إنشاء صفحة على “فايسبوك” تدعو إلى “تتويجه كرئيس للجمهورية السورية”. وهناك إشاعات لم تتأكّد صحتها، تنتشر عبر الصحافة العربية، تؤكّد أنه مرشح الروس والإيرانيين في حالة الانتقال السياسي.
العديد من العناصر قد تعجّل بسقوطه، حيث إنّ نظام الأسد في الواقع لا يتسامح لا مع الصاعدين ولا مع الطموحين: الجنرال علي دوبا، “بارون” نظام حافظ الأسد والد بشار تمّ إجباره على التقاعد سنة 2000 وغازي كنعان من المرجّح أنّه قد “انتحر” في 2005. “أنتظر أن يعاد التاريخ”، يقول فارس بيوش معتبرا ان “سهيل سيكمل المهمّة القذرة ويتمّ التخلّص منه بعد ذلك”.