09-12-2014 09:38 AM
سرايا - سرايا - في المساحة المشعة بين الإلقاء والغناء، بين التلقي والاستمتاع، أقام الشاعر الفلسطيني عامر بدران يرافقه العازف والمغني الفلسطيني باسل زايد، على مسرح أسامة المشيني في جبل اللويبدة قبل أيام، حفل إطلاق مجموعته الشعرية الرابعة «فوق عنق الغزال» الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في عمّان.
بدران يرى أن الشعر فن للقراءة وليس للاستماع، مستدركاً «لكن وبما أنه فن فلا بد أن يحمل جانباً كبيراً من المتعة. هذه المتعة تحديداً هي متعة المتلقي لا متعة الشاعر. الشاعر يأخذ متعته من عيون مستمعيه وتمتماتهم. أما الشعر فلا يتغير. إنه يظل كما أقول دائماً محاولة فاشلة لفهم الأشياء، إذ لو نجحت هذه المحاولة لما اضطررنا نحن الشعراء، لإعادتها كل يوم وكل دقيقة».
قصائد الديوان وقصائد بدران عموماً، تبتعد عن الصورة الشعرية الفلسطينية المعهودة، التي تعكس صورة الفلسطيني المحارب للاحتلال، إذ يرسم بدران حالة شعرية احتفالية، تسعى لتكريس إنسانية الفلسطيني بعيداً عن الاحتلال، وعن خياره الطبيعي في أن يضعف ويعشق ويبكي:
«ما سأكتبه الآن
لم يكن هكذا
كان أطول، سطراً أو اثنين
كان يُلمس باليد والشفتين
وكان يُرى
ما سأكتبه الآن ظنّني قمرا
وأرسل لي ضوءه
فأضأت على جانب، صار وجهاً
وأعتمت من جانب، صار ظهراً».
يقول بدران في السياق إن صورة الفلسطيني المعهودة كمحارب للاحتلال «هي تحديداً ما شكّلت لدي محفزاً لا لكسرها بل لإكسابها عناصرها اللائقة» موضحاً «الفلسطيني الإنسان، القادر على البكاء والعشق هو القادر على الوقوف في وجه الظلم ومحاربته، فما بالك إن كان هذا الظلم يمارس ضده هو. كما أنني اعتقد أن من يجب أن تخلو صورته من الأنسنة هو المحتل لا الواقع تحت الاحتلال».
باسل زايد غنى بمرافقة عوده الرنان عدداً من قصائد الديوان مثل «أعرف مرضي» وأغنية «مرت دورية بالليل» إضافة إلى عدد من المقطوعات المؤلّفة خصيصا للقصائد.
تتراوح قصائد الديوان بين النثر والتفعيلة، وقصائد يكاد الإيقاع فيها يصبح غير محسوس في لحظة حتى وهو حاضر، ولعل ذلك يعيدنا إلى الجدل الدائر منذ زمن حول ما هو الشعر. ويفسر بدران «مع ميلي وانحيازي التام حالياً لقصيدة التفعيلة إلا إنني ارفض وبشدة أن يتم تعريف الشعر بناء على الشكل لا المضمون. بمعنى أن التعريف الكلاسيكي له ككلام موزون ومقفى فقد صلاحيته منذ زمن بعيد. وعليه فإن قصيدة التفعيلة شكلاً هي انعتاق جزئي من القافية والإيقاعات الكلاسيكية».
«لا يعجب الغيمَ لونُ السماء فيحجبه
ثم يعجبه ذلك الاختفاء
أنا حين أظمأ
أحسب اللمعان في عينيك ماء».
قصيدة «الخروج» تنطوي على توظيف جديد لأسطورة سنمار:
«كما سنمار
أنفقت عمري
أشيّد للحب قصراً
إذا انكشف السرّ فيه، انهدم
فتقتلني وحدتي ودهائي
فهل ينفع الشعراء الندم».
عامر بدران هو شاعر وطبيب فلسطيني من مواليد 1967، «فوق عنق الغزال» هو الرابع له بعد: «ولم أر بدراً»، «حين أتى» و»ظلي وحيداً» إضافة إلى ديوان بالعامية بعنوان «هم بكرة لبكرة».
باسل زايد مغن ومؤلف أغان للقوالب الموسيقية العربية إضافة إلى كونه عازفا على آلتيّ العود والبيانو، وساهم في تأسيس عدد من الفرق الموسيقية من أهمها فرقة «تراب».
ولسنوات ممتدة ما يزال بدران وزايد يشكّلان ثنائياً أثمر عشرات الأغنيات الموزعة في ثلاثة ألبومات. وهذه هي المرة الثانية التي يقدمان بها هذا العرض الشعريّ الموسيقيّ بعد استضافتهما من قبل متحف محمود درويش في رام الله تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.