14-12-2014 10:29 AM
سرايا - سرايا - وسط حضور كثيف ضمّ شخصيات سياسية وأدبية وفنية، وقّعت الروائية والصحفية الزميلة رشا عبدالله سلامة كتابها الأخير "إضاءات فلسطينية"، الصادر عن دار موازييك للنشر والتوزيع، والذي جاء بعد روايات ثلاث كانت قدّمتها في الأعوام الماضية "تماثيل كريستالية"، "جلابيب قاتمة"، "حتى مقطع النَفَس".
الحفل الذي اقيم أول من أمس في المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، بدأ بكلمة للناشر والشاعر سلطان القيسي شكر فيها الحضور وبارك لسلامة هذا المنجز الثقافي الرابع، وشارك في الحفل القاص والكاتب رسمي أبو علي.
أبو علي وصف سلامة بقوله إنها من "الجيل الفلسطيني الثالث الذي يتحدّى نبوءات إسرائيلية ومقولة غولدا مائير: "اقتلوا كبارهم فينسى صغارهم"، حيث "ظنوا بأن القضية في طريقها للاندثار مع تقادم الوقت"، مستعرضا محتويات الكتاب الذي كتب بأسلوب سلس يجعل القارئ يستمتع به، إلى جانب تنويهه أنه يعرف معظم من وردوا فيه بشكل شخصي أثناء تواجد الثورة الفلسطينية في لبنان.
وتحدث ابو علي عن ملابسات كلمة "نكبة" التي قد ترمز لنكبة طبيعية كالزلازل، فيما التسمية الأصح قد تكون "التطهير العرقي"، مضيفاً أن معلومات جديدة كان قد عرفها من خلال الشهادات الواردة في الكتاب مثل قتال أهالي دير ياسين ببسالة.
واشار ابو علي إلى أنه كانت تربطه علاقات بالعديد من الشخصيات التي جاءت في هذا الكتاب الذي استمتع في قراءته وما قدمته سلامة من اضافة ولقاءات مع ابناء هؤلاء المناضلين.
بدورها، قالت سلامة أن محتوى الكتاب مؤلم وبأنه استنزف منها الكثير على مدار عشرة أعوام قدمت مواده فيها من خلال الصحافة الأردنية، واعدة بترجمته قريباُ للإنجليزية.
وشكرت سلامة كل من وردوا في الكتاب، قائلة "أشكر باسم وإيمان الوزير، ابنيّ الشهيد خليل الوزير أبو جهاد، وهما من منحاني من ذكرياتهما الكثير لأدوّنها، وتحديداً باسم الذي استضافني في بيته مراراً مقدماً لي كل ما يلزم من معلومات"، منوهة إلى كون بيته هو ذاته بيت الشهيد أبو جهاد حتى العام 1986.
وأضافت "عائلة الشهيد كمال عدوان استضافتني أيضاً، أكثر من مرة، لذا لزام عليّ أن أشكر السيدة مها الجيوسي، التي هي بحق امرأة فاضلة وأم عظيمة استطاعت تربية طفليها ولم تتجاوز أعمارهما حين حدث الاغتيال الثلاثة والأربعة أعوام، واستطاعت أن تسدّ مكان الأم والأب معاً، و أن تكون أنموذجاً فريداً للمرأة الفلسطينية القوية".
وشكرت كذلك عائلة الشهيد ماجد أبو شرار، وتحديداً ابنه سلام، وعائلة الشهيد هايل
عبد الحميد، وتحديداً زوجته السيدة نادرة الشخشير التي وصفتها بالأم الصابرة "التي ما تزال تشد الرحال كل عام لضريح زوجها في تونس".
وحيّت سلامة ابن عم الشهيد كمال ناصر، الذي قالت عنه "عذراً أني أبكيت أديب ناصر وهو يتحدث عن ابن عمه كمال الذي كان وسيماً ومزهواً بقذالة شعره، لكن حين حاول أديب أن يمسدها له قبل الدفن غارت أصابعه في جبهة الوسيم كمال التي اخترقها الرصاص، الذي صُبّ بكثافة أيضاً في فمه؛ ذلك أنه كان ناطقاً باسم منظمة التحرير الفلسطينية في ذلك الحين".
كما ترحّمت على روحي المناضل بهجت أبو غربية، الذي وصفته بـ "الموسوعة التاريخية المتنقلة والقامة الجهادية والوطنية الرفيعة"، وروح الدكتور المصري عبد الوهاب المسيري، الذي قالت عنه "قابلته في عمّان أثناء زيارته الأخيرة بينما كان يعاني مرض السرطان، والذي أصرّ على أن يرقد في مستشفى فلسطين وأن يحلّ على فندق القدس؛ ذلك أنه يولي التفاصيل هذه أهمية لا تقل عن موسوعاته الضخمة التي كتبها عن الصهيونية ومشاريعها".
وحيّت كلا من المناضلتين تيريز هلسة وعايدة سعد، وكذلك المفكر الفلسطيني د. عزمي بشارة والنائب العربي في الكنيست حنين الزعبي
ود. مصطفى البرغوثي وشخصيات أخرى كثيرة.
وقدمت سلامة التحية للفنانة التشكيلية تمام الأكحل، والتي قالت أنها استضافتها في دارتها وحدّثتها كيف ألقت النظرة الأخيرة على يافا وهي تحترق، وكيف أنها حين عادت في التسعينيات وجدت فنانة إسرائيلية تسكن بيتها، لتقدم الأكحل مداخلة، أثناء الأمسية، قالت فيها إن بيتها الآن بات متحفاً فنياً إسرائيلياً.
وعن شهود النكبة والنكسة والمجازر قالت "أشكرهم على بيوتهم التي فتحوها لي وعلى حديثهم الذي منحوني إياه، وعلى القواشين التي أبرزوها امامي، وتحديداً الناجية من مذبحة دير ياسين الحاجة شفيقة سمور التي نجت وطفليّ شقيقها فيما العائلة برمتها قضت في المجزرة"، مضيفة "أشكر زميليّ العزيزين محمد أبو غوش وساهر قدارة، من قسم التصوير في جريدة الغد؛ إذ هما من أرشداني لمعظم من أدلوا لي بهذه الشهادات، وهما من كانا يلتقطان الصور ويقلاّني لهناك ويمكثان معي ويستمعان ويوجهان الأسئلة التي كانت تغيب عني".
ووقّعت سلامة الكتاب للحضور، بعد إلقائها كلمتها، قائلة "في النهاية الشكر، كل الشكر لفلسطين، التي تمنح حياتي جدوى ومعنى رغم الجرح الغائر في العمق".