15-12-2014 10:10 AM
سرايا - سرايا - ألقى الخبير العسكري الدكتور عودة السوالقة محاضرةً في اتحاد الكتاب حول معركة (حِدّ الدقيق) بوصفها من معارك الثورة العربية الكبرى، وجرت في الطفيلة ضد الحكم التركي آنذاك، متناولاً الأمجاد الخالدة لأهل الطفيلة واستبسالهم، معرّفاً بمسمى المعركة، وموقعها، والأشعار التي قيلت قبل الانتصار.
وقال السوالقة إنّ (حِدّ الدقيق) هي المنطقة الفاصلة بين الأرض الوعرة والسهلة، مبيناً أنّ (الدقيق) معناه الأرض الوعرة، حيث حدثت المعركة بما يقارب عشرة إلى خمسة عشر كيلو شمال الطفيلة، وخاضها ثوار الطفيلة ضدّ قوة تركية تُقدّر بلواء كان على درجة عالية من الإعداد والتسليح القيادة.
وعاد السوالقة إلى 25/1/1925، في عهد الخليفة التركي محمد رشاد الخامس، مبيناً حالة الجوع والضنك التي كانت سائدة في المنطقة العربية بسبب الحرب، وتحدث عن حزب تركيا الفتاة والاتحاد والترقي وجمال السفاح وحالة التنكيل الشديدة ومحاولات التتريك في اللغة العربية والتعليم، وهو ما حدا بمجموعات من الشباب والرجال وبعض القيادات العشائرية إلى إن تهاجم سرايا الحكم العثماني وتوقع بها خسائر عام 1910.
وتناول السوالقة الإصرار القوي على المقاومة، مارّاً على التنسيق مع ثورة الحجاز، متحدثاً عن الأوضاع الأليمة في القحط والزلزال والمرض، وما تناهى إلى ثوار الطفيلة من قيام ثورة عربية في مكة على يد الشريف الحسين بن علي، ومقابلتهم الأمير فيصل في القويرة عام 1918، واستعدادهم للتعاون مع الثورة لتخليص الطفيلة من ذلك الظلم. وذكر السوالقة توجه الأمير زيد بن الحسين نحو الطفيلة. وتحدث بالتفصيل عن استسلام الحامية التركية، وانضمام قائدها رمزي الحلبي إلى جانب الثوار، لتخرج العناصر التركية باتجاه الكرك والحسا، كما تناول السوالقة استعداد الطفايلة لرد الهجوم اللاحق بعد هذا الانسحاب.
وذكر المحاضر أن الطفيلة تناهى إليها في غمرة الفرح بالنصر أن الأتراك قد توجهوا بحملة كبيرة قدمت من عمان إلى الطفيلة للثأر، وقد وصلت وادي اللعبان ( وادي شمال الطفيلة بحوالي 20 كيلو متر)، قادمة مع طريق العيناء ( منطقة شمال وادي اللعبان)، فأعلن الثوار النفير العام، وقاموا بإرسال من يُخبر القرى والبوادي بحملة الأتراك، فتوافدت جموع المقاتلين من بدو وحضر، وبسرعة في الإجراءات، وصلت الثوار إلى العيص، وتقدموا إلى الشمال، ليستطلعوا الأرض، ويضعوا خطة التصدي للعدو.
واستعاد السوالقة القصائد التي قيلت في أثناء طلب الثوار من الأمير زيد التحرك إلى الأمام، ونقل قيادته من حاصدة (اسم منطقة جنوب الطفيلة بـ 5كم) إلى مرتفعات الطفيلة الشرقية، ومنها:
(يا زيد وانزل بالسهل/ حنّا العباة الضافية/ نعلّي البيارق في اللظى نحميها وهيّ الغالية/ يا زيد حنّا رجالك/ والأمر بيدك يا زيد/ يا زيد وانزل يمّنا/ بارض الطفيلة العالية/ والعهد كار رجالنا/ في جبالنا والبادية/ يا زيد حنّا رجالك/ والأمر بيدك يا زيد).
وتحدث السوالقة عن مجريات المعركة، واتجاه الأمير زيد إلى العيص (جبل شرقي الطفيلة بحوالي 8 كيلو متر)، وهكذا استمر المحاضر يتناول وجود لورنس في الطفيلة، نافياً أن يكون له أي دور عسكري، لأنه في الأصل طالب تاريخ ومرسل من القائد اللنبي، فليس لديه أية خبرة قتالية، مبيناً أنّ (لورنس) أنكر جهد الطفايلة في هذا المجال.
كما تحدث عن قوة الحملة وتأثيرها وتصميم الطفايلة وإلحاقهم الخسائر بالحامية التركية، معرفاً بشهداء المعركة.
وشرح السوالقة كيفية انتظام قوة الطفايلة في المشاة وعيمة والقوة النظامية، متناولاً كشف المعركة واستطلاعها، وطبيعة الأرض المساعدة في خوض المعركة الدفاعية، وعوامل الطقس، وتصميم المعركة،
وبعد أن عقد مقارنة جغرافية تاريخية عسكرية بين الطرفين، تحدث السوالقة عن أهم نتائج المعركة العسكرية الميدانية والاستراتيجية وتمثيلها نكسة في الفكر العسكري التركي في بلاد الشام.
كما تحدث عن مبادئ الحرب المطبقة في معركة حد الدقيق في تحديد الهدف والحشد والاستخدام الجيد لطبيعة الأرض والخدعة والمفاجأة والمبادأة وإدامة المعنويات، ليذكر أنّ من أهم النتائج المستفادة من هذه المعركة أهمية التلاحم والتعاون بين أفراد المجتمع والطاعة والانضباط، وذكر السوالقة ما قاله الآخرون عن المعركة، وتحديداً العقيد حامد فخري قائد الحملة التركية في شهادته عن استبسال أهل الطفيلة وتمرسهم في حرب العصابات في ذلك اليوم، إضافة إلى قراءته فحوى رسالة الشريف الحسين بن علي للأمير فيصل التي يعلن فيها إعجابه برجال الطفيلة وصمودهم وما أحرزوه من نصر، وذكر السوالقة، في المحاضرة التي أدارها عدنان عصفور وحضرها رئيس الاتحاد عليان العدوان، أنّه سيصدر كتاباً قريباً في هذا المجال، يتناول تفصيلات المعركة بمزيد من التحليل.