06-08-2008 04:00 PM
وقف أمام واجهة زجاجية تشف عن تنسيق بديع وذوق ملفت في عرض الملابس المتنوعة، انتفخ كديك باغته إحساس بالزهو بعد أن عدّل من وضع حاجبيه ومسح بأطراف أنامله موقع شاربه الحليق ، خطى بضع خطوات في اتجاهات مختلفة ، حتى ليهيأ للناظر أنه يبحث عن بعض ثمينه الذي فقده. عينه تحولت إلى كنانة يتطاير سهامها كلما تحرك الرأس كبندول لم يمل من رتابة الحركة الدائبة.
يا لها من جميلة يا لروعتها، أبشر هي أم ملاك؟ كان الشاب المتحفز يحدث نفسه وقد حمله الانتشاء على التوحد مع الحائط الذي الصق نفسه به ، ولعله أراد من ذلك أن يعيد لكيانه المرتبك بعض الاتزان بعد نوبة الانتشاء التي رسمته كفسيفساء صاغتها يدٌ غير ماهرة.
كانت هي ترتدي ثوبا بسيطا ، ولكنه ينم عن ذوق لا تخفى ملامحه ، وتضع نضارة سوداء رقيقة أضفت جمالا لا تخطئه العين ، مع ابتسامة ساحرة مرسومة على شفتيها ببراءة، قلتُ في نفسي وقد قادني الفضول وانتظار سيارة استقلها إلى وجهتي ، لقد سحرَتْه هذه الحسناء ، وحسبتُ أن الابتسامة رسول بينهما وأنني وفضولي مجرد إضافة في كونهما الخاص ، والشاب ما زال ينظر في كل الاتجاهات وسرعان ما يعيد رمي سهام العين على تلك الحسناء .وكأنما يريد أن ينسج حولها شباكا لا تستطيع الطريدة الخلاص منه.
الابتسامة لا تغادر الفم المكتنز ، والجسد الثابت يثير في الفتى الكثير من المشاعر ، نعم إنها تبتسم لي ، حتى أنها لا ترغب أن تبعد عينها عني ، وابتسامتها لا تتلاشى بالرغم من أن عيني ترصدها وتختزن كل تفاصيلها، ولكنها لما لا تتحرك وتجعل المسافة قابلة للاختصار، حدث الشاب نفسه وأطراف أصابعه تداعب سلسلة ذهبية عُلق في وسطها رسما غير مفهوم.
الباب ينشق عن فتاة جميلة لا تقل جمالا عن الفتاة الأخرى ، تنظر باتجاه الشاب نظرة حادة وبوجه كأنه لم يعرف الابتسام يوما ، وتمشي بخطوات ثابتة وقوية لتتأبط ذراع الفتاة الأخرى التي أعلنت عتابها لها بأنها تركتها وحيدة ، عيني تتابع الموقف ، فتاة كفيفة صاغ الخالق على شفتيها ابتسامة عفوية أروع من كل ابتساماتنا المصطنعة ، وشاب تقمص هيئة ديك دَاخَلََهُ زهو هستيري وانتابته مشاعر مضحكة حين فصَّل كوْناً لا وجود له إلا في مرآة ذاته ، فانسحب مخذولا كديك فقد معركته ، وركب قدميه وغذّ السير ليبحث عن ابتسامة أخرى قد لا تكون له أيضا.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-08-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |