حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,26 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 20016

«قدرات غير عادية» و«بتوقيت القاهرة» .. بين الجماليات البصرية والأبعاد الصوفية

«قدرات غير عادية» و«بتوقيت القاهرة» .. بين الجماليات البصرية والأبعاد الصوفية

«قدرات غير عادية» و«بتوقيت القاهرة» ..  بين الجماليات البصرية والأبعاد الصوفية

17-12-2014 10:03 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - قدمت السينما المصرية في مهرجان دبي السينمائي الذي يختتم فعالياته اليوم الاربعاء، فيلمين من احدث انجازاتها هما: الفيلم الروائي الطويل (قدرات غير عادية) للمخرج المخضرم داود عبدالسيد، وفيلم (بتوقيت القاهرة) للمخرج الشاب امير رمسيس، جرى فيهما طرح الكثير من الاسئلة الشائكة التي تدور في مناخات محملة برؤى وافكار مستمدة من واقع صعب يطل على المستقبل حينا ، والماضي القريب حينا آخر، عبر تحولات في العلاقات الانسانية.
في (قدرات غير عادية)، يواصل عبد السيد مسيرته الابداعية في طرح الكثير من المشكلات التي تواجه الافراد والجماعات باحساس فطن ومتين للغة البصرية امام تغول الواقع وشراسته، وذلك عندما ينطلق بطلة الطبيب الشاب الذي يأخذ مضطرا اجازة بحث علمي للتفرغ في ابحاثه حول طاقات الانسان الكامنة، وامام هذه المهمة، يتوجه الى شاطيء مدينة الاسكندرية ليقيم في احد الفنادق الصغيرة الى جوار صاحبة النزل وابنتها واحد العمال، ليكون واحدا ضمن مجموعة من النزلاء الذين لديهم قصصهم وحكاياتهم الخاصة فهناك مغني الأوبرا والعازف والمغني والمخرج التسجيلي والفنان التشكيلي وهم على رغم خلافاتهم البسيطة، الا انهم اصدقاء يتضامنون معا بعد ان اجبرتهم ظروف خاصة سواء ما يتعلق منها بالعمل ومعاناتهم مع التهميش وخريف سنوات العمر، الاقامة بهذا المكان بعيدا عن بيئتهم او اسرهم .
يرسم الفيلم بدقة خطوطا وفواصل تعرض لكثير من الاحداث داخل هذه المجموعة البشرية التي تبدو كانها محصورة في النزل، والذين نادرا ما يخرجون منه الى الامكنة المحيطة في شوارع الاسكندرية الصاخبة، لكن يحدث الكثير من المصادفات التي يلتقي فيها الدكتور الشاب مع صاحبة النزل سواء في المقهى او في القطار الخفيف، الامر الذي من شانه ان يعمل على حل طلاسم مثل هذا التكرار في صدفة اللقاءات.
يصعّد عبدالسيد من وتيرة التوتر والتشويق في الفيلم عندما يكتشف الدكتور ان الطفلة ابنة صاحبة النزل لديها قدرات غير عادية في التنبؤ يتبين لاحقا انها موروثة عن والدتها ايضا!، الى ان يدخل على خط هذه القدرات الخفية احد ضباط الامن الذي يعمل جاهدا التعرف على اسرار القدرة الخارقة لدى الطفلة والاستفادة منها في اعمال التحري، وذلك بعد ان يكون الدكتور قد انخذ قراره بالنأي عن المشاركة في توظيف قدرات الطفلة في اعمال بعيدة عن البحث العلمي وهو ما يجعله يتوارى عن الانظار والاقامة لدى احدى الجماعات الصوفية، حيث يعمل شيخ الطريقة على صرفه تلافيا للدخول في مشكلات مع الحكومة.
واضح ان موضوع الفيلم يلامس تلك القضايا الكبيرة التي طالما عاينتها كاميرا المخرج عبد السيد في العديد من اعماله السابقة : (الصعاليك) ، (الكيت كات)، (مواطن ومخبر وحرامي)، و(رسائل بحر) فهو هنا يظل مشدودا الى البحر وينسج شخصيات منسلخة عن بيئتها وتدلف الى واقع جديد تبدو فيه كانها هائمة وباحثة عن ملاذ للنجاة والاستقرار لكن دون جدوى رغم ما تتمتع به من حضور طافح بقيم ومزايا الايثار والاخلاص والحب والنبل وقبول الآخر، الا ان الواقع المثقل بأزماته يظل يلقي بظلاله على مصائر هؤلاء الافراد.
برع عبد السيد في وضع هذه الشريحة المتنوعة من الناس داخل بوتقة من المتعة والبهجة رغم الكثير من المواقف والمحطات السوداوية، حيث تطغى على الفيلم تلك الموسيقى العذبة التي وضعها الموسيقار راجح داود والمتآلفة مع الاجواء الصوفية ونقرات الالات الايقاعية والمتناغمة مع موسيقى واناشيد شعبية آتية من نشاطات احدى فرق السيرك الجوالة وهي تدعو البسطاء الى عروضها عبر مكبرات الصوت، ومثلما يحسب ايضا للعمل اختيارات مخرجه وادارته المحكمة والجريئة لطاقات ادائية راسخة الى جوار تلك الوجوه الجديدة حال كل من: خالد أبوالنجا ونجلاء بدر ومحمود الجندي وحسن كامي والطفلة مريم تامر، جميعهم ساهم في اثراء العمل بطاقات تعبيرية مشحونة بالاحاسيس والمشاعر الإنسانية البليغة .
على النسق ذاته، حضر فيلم (بتوقيت القاهرة) مغموسا بالحنين الى تلك السينما الاتية من زمان مضى من خلال تتبع ملامح اطياف من ذكريات لثلاث من نجوم السينما المصرية ابان حقبة عقد السبعينات من القرن الفائت: نور الشريف وميرفت امين وسمير صبري، نجح المخرج الشاب في اقناعهم بالوقوف امام الكاميرا بعد سنوات من الغياب ليرسموا مرثية لتلك السينما الموؤدة جراء ما عاصره المجتمع من تحولات عصيبة قادت الى الجشع والاثراء السريع والتطرف.
ينطلق الفيلم بنجم سينمائي يعاني من فقدان الذاكرة قابع في منزله الى جوار اسرته التي تنظر اليه بغير حنان وعتب على ماضيه باستثناء ابنة تعمل قدر استطاعاتها ان تقف الى جواره، قبل ان يمضي باحثاً عن نجمة زميلة كان يشكل معها ثنائيا ناجحا في افلام تلك الفترة ولا يقوده الا اليها سوى مهرب مخدرات شاب.
الفيلم الذي اهداه المخرج الى زمن شادية، يسلط الضوء على حقبة ذهبية من تاريخ السينما المصرية التي كانت مجبولة بافلام الرومانسية قبل ان يأفل بريقها في الوقت الراهن، هو من الافلام المصرية النادرة التي نجحت في تقديم ادانة ساخرة الى ثقافة سائدة اختلطت فيها الامور بين الحقيقة والخيال .








طباعة
  • المشاهدات: 20016

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم