بقلم :
حكومة الذهبي الحاصلة على أعلى نسبة ثقة برلمانية، تسلمت مسؤولياتها بعد انتخابات بلدية وبرلمانية أشرفت عليها حكومة سبقتها،أعني حكومة "البخيت" ..وليس يهمني هنا ذكرها الا من أجل التذكير بالانتخابات وبقصة "الكازينو" الشهيره، أما الانتخابات فقد أفرزت مجلسا نيابيا "متعوب عليه"، فهو
أي المجلس النيابي؛ يتولى عدد قليل من أعضائه مسؤولية القيام بطلعات سياسية غير ناضجة ضد الحكومة ، وضد سياساتها وضد بعض أعضائها من الوزراء أو "الوزيرات".. ولعل من أكثر ما يستوقف المتابع للمشهد السياسي الأردني هو هذه الحملات (العشوائية) ضد حكومة الذهبي وسياساتها..حيث انطلقت من المجلس النيابي قبيل أشهر هجمة ضد بعض السياسيين والمسؤولين،وأثارت أكثر من سؤال وقدمت سابقة في المواضيع التي استند اليها المهاجمون وقتئذ،ورأينا وبالعين المجردة كيف تم التراجع عن ذلك الهجوم.. بعد حديث الملك لوكالة أنباء بترا..
قبيل أيام تم الشروع ومن أعضاء في المجلس النيابي ذاته بحملة أخرى ضد بعض أعضاء الحكومة،بدعاوى تنويرية هادفة لتبصير الشعب بالخطر الكامن في أداء وشخوص بعض أعضاء الحكومة،أعني الهجوم على باكير والخطيب وغيرهن من أعضاء الحكومة.. وهو هجوم نثير حوله أكثر من علامة استفهام، والاستفهام في الواقع،ليس على مضامين الهجوم وما احتواه من "سواليف فارطه"!!،الاستفهام أولا عن مآلات صمت إعلام الحكومة(أو هكذا نسميه اصطلاحا)،حيث أذكر – فيما أذكر- أن بعض الكتاب (تنطعوا) بمقالات دفاعا عن فكرة اتفاقية الـ(كازينو) وتجاوزوا كثيرا من المفاهيم الثقافية والوطنية الأردنية، وقالوا صراحة أن "الكازينو" مشروع تجاري مفيد!! ولم تسعفهم قريحتهم الكتابية ولا الوطنية أن يصفوا الهجوم "الولادي" باي وصف.. حيث ارتضوا مثل هذه التفاهات كما ارتضوا أن يكون هناك كازينو، والأمر هنا متعلق بتأييدهم "لفضائح" حكومة سابقة وتأييدهم للهجوم على حكومة حالية،قيل بأنها حازت ثقة وصفت بالذهبية..وهذا بلا أدنى شك موقف يبعث على الارتياب من أداء إعلامنا (الحكومي)على اختلاف تصنيفاته..ويثير أسئلة عن مآلاته.
رموز بعض القوى السياسية في مجلس النواب،يشعرون بأنهم تعرضوا للإقصاء،فاعتمدوا إثارة الغبار هنا وهناك،وبعد بطلان مفعول المجلس بسبب من سيطرة تيار نيابي عريض على قراره(أعني تيار المهندس عبدالهادي المجالي)،حيث تمت ترجمة "شراكة"فعلية بينه وبين الحكومة وبمباركات من جهات أخرى قوية، وهي تلك الشراكة التي جعلت بعض الرموز (يخرجون من المولد بلا حمص)،مما دفع الخاسرين للقيام بطلعات أخرى (بائسة) ،لكنها هذه المرة من نوع (ما بيصير الوزيرات يعملوا هيك!!)..وهي محاولات طبيعية تصدر عنهم بعد هذه الخسائر الكبيرة..
يحاول البعض تحليل ما يجري بأنه صراع طبيعي بين قوى سياسية أردنية قديمة وبين ليبراليين ،وهو تحليل أعتبره ليس بالواقعي، لأن القصة محصورة في مسألة من تم إبعاده ومن تم تقريبه، بغض النظر عن فكره السياسي،هي صراعات على مصالح،ظن البعض أنها (وقف) طبيعي لهم ولسلالاتهم من أبناء ومريدين،وارتفعت حدتها بسبب تلك الشراكة المذكورة آنفا،والملفت للنظر أن هناك جهات تفعل كالاعلام وتلوذ بالصمت ،تعبيرا عن الرضى عما يجري،وانتظار نتيجة (تكسير الفخار لبعضه)،فأية وطنية في هذا الموقف؟!.
على هذه الخلقية السياسية يقوم الملك – وحيدا- ببذل مجهود كبير لتحسين أوضاع الناس وتحسين الأداء السياسي،وهو جهد يتعاظم بسبب من هذا الانشغال (الحكومي - البرلماني – الاعلامي) وبعض القوى الأخرى
خارج النص (الوطني) المطلوب منهم جميعا..
ونلاحظ كذلك؛ صمت لا نفهمه إلا بدافع من (حساسية) الوضع، وهو صمت بعض الأجهزة المهمة في الدولة واحتفاظها بمسافة ثابتة من كل الأطراف،وهو أمر ما كان ليحدث لو لم يكن (الذهبي) نادر رئيسا للحكومة،وهذه إجابة على تساؤلات أثيرت فيما مضى حول مدى تأثير وجود أخوة أشقاء على رأس جهاز أمني ورأس حكومة.. مثل هذا التأثير ربما أصبح معدوما كما نرى..!!
الأمر الثابت للمتابع أن هذه الهجمات الانفعالية المتكررة،تخشى التعرض لأداء رئيس الحكومة نادر الذهبي،لكنها تحاول استهداف أعضاء من فريقه الوزاري،وإتباع الهجمات من هذا النوع بأحاديث حول (تعديل وتبديل) وزاري،الأمر الذي يؤكد أن البعض ينظر للمسألة من باب مصالحه الخاصة، وبفكرة (المحاصصة) ليس إلا.. نلفت عناية المتابع هنا،أن المشهد السياسي الأردني قد شهد قبل هذا حالات من ابتزاز سياسي للحكومات،مما أرغم بعض الحكومات على الاستقالة أو التعديل والتبديل بما يرضي المهاجمين والمنتقدين، لكنها في حالة حكومة الذهبي لم تفلح حتى الآن،فالجهة الوحيدة التي يمكنها ذلك تربطها مع الحكومة "بشراكة" تفرض عليها ابقاء الأمور على ما هي عليه..لأنها أيضا مستهدفة من مثل هذه الهجمات المتكررة.