30-12-2014 09:34 AM
سرايا - سرايا - تسيطر مظاهر التوتر والاستنفار والقلق على أجواء العمل الذي تعمل فيه الثلاثينية ربى عبدالله، ففي كل يوم تذهب فيه الى العمل تتفاجأ بقصة جديدة وحدث غريب يتداوله الزملاء وينشغلون فيه طوال الوقت.
وتستغرب ربى من أين يأتون بهذه القصص، ليتضح لها بعد ذلك أن إحدى الزميلات وظيفتها الأولى والأخيرة في العمل هي زرع التوتر وإثارة القصص والنميمة، وخلق كل هذه الأجواء السلبية بدون معرفة مدى صحة الخبر أو عدمه.
تقول “أستغرب كثيراً من هذه الطبيعة التي تسيطر عليها والقدرة على إحضار كل يوم قصة جديدة تثير حولها الفتن والشكوك والنميمة وتزرع فيها الأحقاد بين الزملاء، الى جانب أنني أستغرب من مصادرها الذين يزودونها بهذه القصص عن الآخرين”، لافتةً الى أن هذه الفتاة ليس لها أي عمل سوى إثارة الفتن بين الزملاء.
وتضيف أن المحزن أكثر هو وجود أشخاص يسمعون لها؛ فهي تتنقل من شخص لآخر لإثارة الفتن وتجد من يسمعها ويجاريها في الحديث حتى تنشر الموضوع في المكان في فترة قصيرة جداً ويصبح الجميع يحكي فيه.
ولعل ربى ليست وحدها التي تواجه هذا النوع من الأشخاص في بيئة العمل والذي تكون وظيفته الوحيدة هي إثارة الفتن ونقل الكلام والنميمة والتخريب بين الزملاء.
ابراهيم مصطفى هو شخص آخر يعيش في بيئة عمل يتخللها الكثير من الفتن والأحقاد والنزاعات، الا أنه ومنذ مدة قصيرة بات يتنبه، الا أن هناك بعض الزملاء الذين اذا مروا بظرف وانشغلوا أو سافروا الى مكان تهدأ الأمور وتستقر في العمل بطريقة رهيبة.
ويلفت إلى أنه في البداية كان يلاحظ الأمر، لكنه لم يكن يعيره أي اهتمام، الا أنه بعد فترة بات يراقب هذا الزميل ليجد أنه في أول ثلاث ساعات من الدوام لا يعمل شيئا سوى التنقل بين المكاتب وكأنه ينشر خبرا ما، الى جانب أنه في كل مرة كان يرى أي الزملاء منزعجا لكلام ما قيل عنه يسأله عن مصدره فيخبره أنه فلان، وهو نفسه من نقل له الخبر من مصادر موثوقة.
ويشعر بالاستياء من الناس الذين يصلون لمرحلة من السذاجة لتصديق شخص منافق، يحب النميمة والتخريب بين الناس بهذه الطريقة، خصوصاً وأنه بعد فترة يصبح إنسانا مكشوفا أمام الجميع رغم الصفات والأساليب التي يتقنها، مبيناً أنه شخص قادر على أن “يخبص” كل الدنيا في بعضها ويوقع الناس في بعضهم بدون أن يشعر أحد أنه فعل أي شيء.
وتصف العشرينية هناء علي إحدى الزميلات، والتي كانت في يوم من الأيام صديقة مقربة منها بـ”المنافقة”، والسبب في ذلك هو أنها أوقعتها بكثير من المشاكل مع كثير من الأشخاص بدون أن تظهر نفسها في طريقة سيئة على الإطلاق، بل على العكس كانت بعد أن تزرع في عقلها الحقد والفتن بينها وبين زميلتها تذهب للطرف الآخر لتواسيه.
وتضيف هناء أنها وبعد فترة باتت تشعر بذلك، فلا يمكن أن يكون كل الناس على خطأ، ووحدها الانسانة الطيبة الحنونة التي تريد دائما تحذيرها من الناس، مبينة أنها اكتشفت فيما بعد أنها تفعل ذلك مع كثيرين غيرها وأنها تستمتع في زرع الفتن والكذب ونقل الكلام بين الزملاء وكأن هذه هي وظيفتها التي تأتي للدوام من أجلها.
ولعله وفي كل مكان عمل وكل مؤسسة هناك دائماً شخصية وظيفتها الأولى والأساسية خلق النزاعات ونقل الكلام بين الناس وإشاعة حالة من الفوضى والمشاكل تعكر صفو العمل وتؤخر من إنجازه.
وفي ذلك، يذهب الاختصاصي الاجتماعي د. حسين الخزاعي إلى أن السبب الرئيسي هو أن هؤلاء لم يخضعوا في حياتهم الوظيفية للمساءلة ولا العقاب ولا القانون رغم أي مؤسسة لا بد من أن يكون فيها قوانين رادعة.
وذلك ناجم عن تساهل المديرين والمسؤولين، فعدم تفعيل دور الرقابة بشكل جيد وإدارة المؤسسات بشكل جيد وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، كلها أسباب تلعب دورا في وجود هذه الشخصيات في بيئة العمل.
الى جانب أن أسلوب المسايرة والمداراة الذي يستخدمه بعض المديرين والاستسهال، وقضية الواسطة والمحسوبية تسهم في زيادة هذا الشخص لتصرفاته السلبية، مبيناً أن هناك أنماط مديرين يحبون وجود هذا النوع من الموظفين بينهم.
ويذهب أيضا الى أن طبيعة التنشئة الاجتماعية لها دور كبير في طبيعة شخصية كل شخص وأسلوبه في التعاطي مع أموره الحياتية.
في حين يرى الاختصاصي النفسي والتربوي د. موسى مطارنة، أن هذه الشخصية هي نتاج بيئة أسرية تملك هذا النمط من الشخصيات، وبالتالي فهم يسقطون هذا النقص والضعف والقهر الذي عندهم في تخريب أحوال الأشخاص الآخرين.
وتكمن سعادتهم بخلق حالة من النزاع بين الناس ليكون لهم دور واضح في المشاكل التي يتسببون فيها، ودائما يبالغون في القصص، مبيناً أن هؤلاء الأشخاص لديهم “اضطراب نفسي” ويجب أن يخضعوا للعلاج لأنهم يسقطون كل حالات الضعف على حياة الناس الآخرين.
ويشير مطارنة الى أن هذه الطبيعة من الناس “مكشوفة” ويجب توقيفهم عند حدهم، وأن يبتعد عنهم الناس، وعدم إعطائهم فرصة الاستماع أو التصديق، بدون وجود دليل ولا بد من الحذر من هذا النوع من الناس.