سرايا - سرايا - ضمن سلسلة كتاب الجيب، أصدر مؤخراً اتحاد الكتاب العرب في دمشق كتاب «الغربال» لميخائيل نعيمة.
الكتاب له أثره ودوره ومكانته في المكتبة العربية, إذ وضع الكاتب في غرباله هذا مجموعة من الموضوعات المتباينة واشتغل عليها بحيادية تحكمها النظرة إلى الأثر الأدبي لا إلى أصحابها، يقول: (أجل إن مهنة الناقد الغربلة, لكنها ليست غربلة الناس، بل غربلة ما يدونه قسم من الناس من أفكار ومشاعر وميول)، ولننظر إلى هذا الربط المحكم والمقاربة البسيطة الدقيقة بين صفات الكاتب, صاحب الأثر الأدبي, والناقد، أي بين الناقد والمنقود أثره، يقول: «وإذا كان بين الكتاب أو الشعراء من لايفصل بين آثاره الأدبية و فرديته التي لاتتعداه ودائرة محصورة من أقربائه وأصحابه فذاك الكاتب أو ذاك الشاعر لم ينضج بعد, وليس أهلاً لأن يسمى كاتبا أو شاعراً، كذلك الناقد الذي لايميز بين شخصية المنقود وآثاره ليس أهلاً لأن يكون من حاملي الغربال أو الدائنين بدينه».
في (محور الأدب)، وهو العنوان الذي كان مقدمة لمجموعة الرابطة القلمية، يدون المؤلف بشكل مكثف ومعبر حالات الأدب الذي هو أدب وسمات الأديب الذي هو أديب فيحار القارئ ويجد نفسه رهين الدهشة: «فربّ قصيدة أثارت في المتلقي عاصفة من العواطف، ومقالة تفجرت لها في نفسه ينابيع من القوى الكامنة، أو كلمة رفعت عن عينيه نقاباً كثيفاً أو رواية قلبت إلحاده إلى إيمان، ويأسه إلى رجاء، وخموله إلى عزيمة، ورذيلته إلى فضيلة. تلك هي مملكة الأدب لا ينازعه فيها منازع، إذاً فالأدب الذي هو أدب، ليس إلاّ رسولاً بين نفس الكاتب ونفس سواه، والأديب الذي يستحق أن يدعى أديباً هو من يزوّد رسوله من قلبه ولبّه».
ومما جاء في الغربال ضمن موضوعة (الزحافات والعلل، الشعر والعروض: «فانقلب الشعر بهلواناً وأصبح ضرباً من الحلج والجمز والمشي على الأسلاك والانتصاب على الرأس ورفع الأثقال بالأسنان، ولف الرجلين حول العنق، إلى ماهنالك من الحركات التي تجيدها القردة أيما إجادة... ومن المضحكات المبكيات يا صاحبي أن هذه الحركات البهلوانية كانت ولاتزال تعرض في سوق آدابنا (كشعر)!! وسيظل الأمر على هذه الوتيرة مادام الشعر لاحقا والوزن سابقاً» .