10-01-2015 09:40 AM
بقلم : فيصل تايه
ما من مسلم على هذه البسيطة يقبل أن يسيء أحد لسيد البشرية رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، الرسول الخاتم الذي جاء ليتمم مكارم الأخلاق، ولهذا فإن الإساءة لرسولنا الكريم يعد تعدياً على أفضل مخلوق وجد على هذه الأرض ، ويحتاج منا إلى الغضب والانتصار للحبيب المصطفى.
ولكن السؤال الذي يجب أن نسأله لأنفسنا ، كيف يكون شكل الغضب؟ وما هي حدوده، وماذا نريد أن نوصل من رسائل للآخرين عبره؟ لو وعينا هذه الأسئلة الثلاثة المهمة لسلكنا مسلكاً آخر غير الذي سلكه البعض .
فالغضب المغلف بالعنف والذي يضر أولاً بالمصالح ويسئ لديننا الحنيف ، لن يجدي نفعاً، بقدر ما يسيء إلينا، فكما أن الإساءة مهما كانت فيها قدر كبير من التعدي على معتقدات الآخرين من أناس يدعون حرية المعتقد، وحرية المعتقد من وجهة نظرهم تتمثل في ازدراء أديان البقية، ولهذا لا يمكن أن نجاريهم في الإساءة ، فعلاوة على إساءتهم لنبينا الأعظم، نشاركهم الإساءة لديننا الحنيف، الذي شرع لنا الحرية في كل شيء شريطة عدم التعدي على غيرنا .
اثنا عشر شخصاً قتلوا في صحيفة فرنسية، قالوا إن القتلة انتقموا للرسول ممن أساءوا له عن طريق الرسوم، لم يقل لهم الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، لكن زين لهم الشيطان، فالرسول كان ينشر دعوته عن طريق العفو عمن أساء إليه وظلمه ودعوته هي دعوة الحلم والتسامح ودفع السيئة بالحسنى.
هؤلاء يؤلبون العالم على الإسلام، ويحرضون ضد المسلمين والقتل ظلم عظيم وعلامة ضعف وانعدام حجة.. ولقد اعتبر الإسلام أن قتل نفس واحدة كقتل الناس جميعاً وإنقاذ نفس واحدة إحياء لكل الناس فالاسلام دين حياة وليس دين موت، والحرية للإنسان هي علامة الحياة الفاضلة، وحيثما وجدت الحرية واحترام الإنسان، فهي أقرب إلى الفطرة، ودعوة محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام الذي خذله قومه قديماً وحديثاً، وبعدوا عن تعاليمه فأخذوا يقتلون أنفسهم والناس بدون سبب، حتى هانوا عند أنفسهم والآخرين وأصبحوا بلا قيمة.
إن أردنا حقاً أن ننتصر لرسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، فما علينا إلا أن نُريّ هؤلاء الحاقدين كيف كان صلى الله عليه وسلم يتعامل بكل سماحة وعفو مع من يسيء إليه، حتى يرجع عن ذلك ويصبح الرسول أحب إليه من نفسه، ولنا صور شتى في معاناته من المشركين ومع هذا كان يدعو لهم بالهداية، ولم ينتقم منهم يوم فتح الله له مكة، بل قال اذهبوا فأنتم الطلقاء، عندما قال لهم ما تظنون أني فاعل بكم، قالوا أخ كريم وبن أخ كريم.
لو حملنا تلك السماحة للآخرين عبر غضبة تؤثر ولا تدمر، وترعب ولا تخرّب، من خلال رسائل مضادة بكل اللغات ، تدحض ما ذهبوا إليه، أو من خلال نشر كتب السيرة المترجمة، والرسالة الأبلغ أن نهتدي بهديه، وأن نتبع سنته، من خلال نبذ العنف.
ولنعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يناله شيء مما اقترفت أيديهم، ولكنه بكل تأكيد لا يحب أن يرى من أمته من يغضب غضب الجاهلية، فنحن بطرق شتى غير القتل والعنف نستطيع أن ندافع عن رسولنا الكريم، ولكن بالعلم، والعلم وسيلة لإقناع الآخرين، أما ما سواه فلن ينقل عنا وعن ديننا إلا صورة مشوهة لدى الآخرين.
من الواجب عليها إفهام الآخرين أن الإساءة لرسولنا محمد خط أحمر لا ينبغي الاقتراب منه، لأنه يمس بمشاعر المسلمين، وعلينا تصعيد لهجتنا عبر الطرق الدبلوماسية ووسائل الاعلام المختلفة لأن ذلك واجب ينبغي عليها القيام به لتشعر الناس بأن دولهم تنوب عنهم فيما يتعرض له دينهم.
واخيراً حذار من مشعلي الفتن الذين يقفون أولا وأخيرا وراء تلك الإساءات ، فهذا مرادهم ، وهم عندما يقدمون على هذا الفعل الدنيء يدركون درجة غيرتنا، ولكنهم وللأسف الشديد يوجهوننا بالطريقة التي يريدون بها إثبات ما في اساءاتهم من أننا قوم همج وارهابيين وذلك بنقل صورة مغلوطة عن اخلاقنا وصفات ديننا الحنيف ، وحاشا أن يكون .. فهو خير الأديان ، بل هو دين السلم والسلام والإسلام، وهذا ما ينبغي أن نوصله إليهم أولاً وإلى من تسول له نفسه حماية مثل هذه المعتقدات الفاسدة... وصلى الله على رسول الهدى والنور .