11-01-2015 09:34 AM
سرايا - سرايا -بعد مصر، انتقل الجدل حول فيلم "الخروج: آلهة وملوك" للمخرج ريدلي سكوت، الى المغرب على خلفية منع عرض الفيلم في القاعات السينمائية التي كانت قد أعلنت عن برمجته سلفا.
وتناقلت وسائل الاعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي خبر المنع، الذي فجر سيلا من التعليقات حول القرار في ظل عدم صدور بيانات رسمية من قبل السلطات المختصة.
وجدير بالذكر أن قانون الصناعة السينمائية يفرض على أرباب القاعات السينمائية الحصول على ترخيص لعرض الأفلام المستوردة يمنحه المركز السينمائي المغربي ،الذي يعهد اليه القانون المنظم له، القيام "بمراقبة استيراد الأفلام السينمائية وتصديرها وإنتاجها وتوزيعها وعرضها".
ففي نسخة من مراسلة المركز السينمائي الى القاعات السينمائية، وهي الوثيقة التي اعتمدت لمنع العرض، تقول الجهة الوصية على قطاع السينما في المملكة، إن لجنة النظر في صلاحية الأشرطة السينمائية "لم تمنح لكم تأشيرة عرض فيلم "exodus" بالاجماع، لأنه يجسد الذات الإلهية في شخص طفل أثناء نزول الوحي على نبي الله موسى عليه السلام".
وأضافت الوثيقة ، التي تم تداولها على نطاق واسع بين السينمائيين والنقاد عبر صفحات الفايسبوك، أن "هذا التجسيد باطل وأن الله لا يتمثل في جميع الأديان السماوية. وهذا سبب جد كافي لمنع عرض هذا الفيلم".
في تصريح لموقع CNN بالرباط، يقول الناقد عادل السمار إن: "هذا المنع اعتداء على حقي في مشاهدة الفيلم كعمل سينمائي أولا، وممارسة لنوع من الوصاية على حقي فيما أستطيع مشاهدته أو عدم مشاهدته وهو ما لا يمكن قبوله."
وأعرب الناقد عن يقينه بـأن "هذا المنع يعود لأسباب دينية بسبب ضغوط جهات معينة او استباق لغضبها وركوبها على الموضوع. والجهات الأمنية التي تقوم بالمنع هي في نهاية الأمر ترضخ بدورها لهذه القوى المحافظة وتحقق لها أهدافها".
وذكر عضو المكتب التنفيذي للجمعية المغربية لنقاد السينما بأنه سبق لأجيال عديدة من المغاربة أن شاهدوا أفلاما أمريكية كثيرة تجسد الأنبياء أو تقدم رواية مختلفة لقصصهم عن تلك التي عرفها المسلمون في الكتب المقدسة ولم يشكل ذلك يوما خطرا أو كان موضوع منع. فمشاهدة "الوصايا العشر" لسيسيل بي ديميل مثلا في سبعينيات القرن الماضي لم تزعزع عقيدة مسلم و لم تثر جدلا سياسيا، على حد قول الناقد.
وأبدى السمار تخوفه من أن "تصاعد المد المحافظ داخل المجتمع واستغلاله الشعبوي من قبل أقلية سياسية تركب على الموجة المحافظة وتستغل مثل هذه الفرص لتحقيق أهدافها ربما سيشكل خطرا حقيقيا على حرية التعبير في المستقبل القريب".
في المقابل، رأى الناقد السينمائي مصطفى الطالب أنه ككل مرة مع خروج اي شريط يتطرق لتجسيد الانبياء، فإن النتيجة تكون المنع من طرف اجهزة الرقابة بالبلدان العربية "والمغرب لا يستثنى من ذلك لكون الامر يمس بالجانب الديني و بالثقافة الاسلامية التي تفرض قدسية الانبياء واحترامها، وهذا شيء طبيعي".
ويرى الطالب، أن شريط "الخروج..آلهة وملوك" خرج للقاعات السينمائية قبل ان يتم تدارك الامر وهذا فيه "شيء من الارتباك من طرف المركز السينمائي المغربي" الذي كان عليه ان ينتبه للأمر كما الشأن بالنسبة لفيلم "نوح" الذي لم يصل أصلا مرحلة الخروج للقاعات السينمائية.
وأوضح الطالب في تصريحه للموقع أن السينما الغربية اعتادت التطرق لحياة الانبياء ونسج اشياء خيالية عنهم ونزع القداسة والهيبة عنهم، بل الامر تعدى ذلك وتم تجسيد الذات الالهية وذاك منذ بداية القرن العشرين، لكن اللافت للنظر هو ان هناك عودة للافلام الدينية بامريكا واوروبا "وهذا في اعتقادي ليس بريئا لان الامر يتزامن مع ما يعيشه الوطن العربي حيث الجماعات الارهابية خلقت بلبلة في العالم".
واعتبر أن مثل هذه الافلام تريد اعادة الثقة للإنسان الغربي في معتقداته ومقدساته مع تشويه للآخر، وشريط الخروج لا يبتعد عن هذا الجانب متوقعا أن تشهد السينما العالمية مزيدا من هذه الأعمال، ليخلص الى أنه "كما للغرب ثقافته، للوطن العربي ثقافته ورؤيته لمقدساته ويجب احترامها"، داعيا السينمائيين العرب الى تقديم البديل "الذي يجمع بين الحس الفني السينمائي والبعد الثوثيقي."