18-01-2015 09:30 AM
سرايا - سرايا - قال مؤلفا كتاب "معجم المشترك اللغوي العربي السامي"، د. يحيى عبابنة ود. آمنة الزعبي، إن الهدف منه هو الإسهام في تحقيق القليل من الجهد في خدمة اللغة العربية العظيمة، في هذا الزمن الذي نرى فيه أنّها قد بدأت تهاجم وتنحاز إلى المحلية.
ويرى مؤلفا الكتاب أن الدراسات المقارنة لم تكن معروفة عند العلماء العرب إلا قليلاً، وكانت محصورة في الدراسات الاستشراقية، ولولا بعض الجهود التي بذلها العلماء في مصر ولبنان والعراق، لأمكننا القول إنّ العرب لم يحاولوا أن يدلوا بدلوهم في هذا الحقل من الدراسات في العصر الحديث.
وبدأ المعجم الذي طبع بدعم من هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة بدولة الإمارات العربية المتحدة، بتمهيد يحتوي على النظريات التي تتحدّث عن الموطن الأصلي للساميين، وفكرة المعجم، ووصف عمل المعجم، ومصادره الكثيرة المتنوّعة، وأشكال التغير الصوتي بين اللغات التي كانت ميداناً للدراسة، مما يساعد الباحث في تحديد وجهة البحث عن المفردة، وكثير من الجداول المهمّة، كجداول التغير الصوتي، والحركات وأنظمة الأصوات.
وأشار المؤلفان إلى أن هدف المعجم هو: عدم تشكيل أطر معرفية بمناهج الدرس المقارن، كما فعل المستشرقون مدفوعين برغبتهم في التأصيل اللغوي عامة، وتأصيل اللغة العبرية بين اللغات التي تُسَمَّى باللغات السامية خاصّة، فلم يكن من اهتمام العلماء العرب أن تكون اللغة العربية واحدة من هذه اللغات، بل يكفي أن تكون لغة القرآن الكريم أو لغة التراث العربي العظيم، أو لغة أبناء هذه الأمَّة.
ورأى المؤلفان أن الدرس المقارن، ظل قليل العناية، إلا من جهود بعض العلماء الذين اهتموا به اهتماماً طيباً، غير أنّهم كانوا قلّة على أي حال، ومنهم "محمد بدر" صاحب كتاب "الكنز في قواعد اللغة العبرية"، و"محمد عطية الإبراشي" و"ليون محرز" و"علي العناني" الذين كتبوا كتابي: "الأساس في الأمم السامية ولغاتها وقواعد اللغة العبرية وآدابها" و"المفصل في اللغة السريانية".
وأشار الكاتبان إلى جهود "جرجي زيدان"، في هذا المجال، في كتابيه: "تاريخ اللغة العربية"، و"اللغة كائن حيّ"، ومن ثمّ فقد جاء الجيل الذي دفع الدرس اللغوي التاريخي والمنهج المقارن إلى الأمام دفعة قوية، من أمثال رمضان عبد التواب وإبراهيم السامرائي، وصلاح الدين حسنين، وإسماعيل عمايرة، ورمزي البعلبكي، ومحمود فهمي حجازي، وغيرهم.
واعتبرا المؤلفان أنَّ الدرس النحوي العربي قد أصابه بعض الجمود، وانعدم فيه الإبداع بعد ازدهاره وارتقائه، وأنه تحيَّز إلى الناحية التعليمية ليس إلا، انبرى عدد غير قليل من العلماء للبحث الحرِّ، مدفوعين بالرغبة في (تجديد) النحو والدرس اللغوي، فكان أن انقسموا إلى قسمين رئيسيين من المجددين، أحدهما يدعو إلى إعادة الدرس اللغوي العربي بأصالته ومرونته الواردة في كتب النحاة الأوائل؛ كسيبويه والمبرد وابن السراج وغيرهم، وآخر يدعو إلى تغريب الفكر اللغوي العربي، والاقتداء بالغرب الذي رأوه قد قطع شأواً بعيداً في هذا.
وحول الفائدة المرجوة من هذا المعجم، أوضح المؤلفان أنها تتجلى في الوصول إلى رأي سيكون مؤثِّراً فيما يخصُّ ما دعاه العلماء من المستشرقين والعرب: اللغة السامية الأمّ، كما سيفيد كثيراً في قضايا الدرس المقارن، كدراسة الإبدال والقلب المكاني والتغيرات اللغوية المختلفة، وسيعطي الباحثين، فرصة كبيرة للخروج بالنظام الفنولوجي أو الصوتي الوظيفي للغات السامية، بعيداً عما خرج به المستشرقون من نتائج تتعلّق بهذا الموضوع انطلاقاً من أمثلتهم المحدودة المتشابهة إلى حدٍّ كبير، فالأمثلة هنا كثيرة، ليس على الباحث إلا أن يتناولها بالعرض والتحليل والدرس.
ونبِّه المؤلفان إلى أن القراء من العلماء والباحثين إلى قضية تتعلّق بطبيعة العمل في هذا المعجم، وهي أنَّ اللفظة إذا ذكرنا أنّها مستعملة في لغة ما من اللغات السامية زيادة على استعمالها في اللغة العربية، فإنَّ هذا الحكم لا يعني بالضرورة أنّ اللفظة مقصورة على اللغتين أو اللغات التي رصدناها فيها، بل من الممكن أن تكون قد استعملت في اللغات الأخرى، ولم يقم معجم تلك اللغات برصدها، أو لم يتمكن جامعو المفردات من حصرها في المعاجم المكتوبة، أو أننا لم نتمكن من رصدها في المعجم المكتوب، وكلها احتمالات واردة. وفي نهاية الكتاب، أثبت المؤلفان معجماً مصغراً للمادة اللغوية وما يقابلها من اللغات السامية، مع ترجمة المعاني إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، كما وضعا في نهاية المعجم ثبتاً بالمواد اللغوية العربية، وثانياً بالمفردات من اللغات السامية، وآخر بالشواهد القرآنية والشواهد من الحديث النبوي الشريف والأثر، والشعر العربي، وآخر بالمصادر والمراجع.