18-01-2015 09:37 AM
سرايا - سرايا - لوحة «عروس الريح» للنمساوي اوسكار كوكوشكا تصور البشر بالانفعال والوهج، بورتريهاته ومناظره الطبيعية تُظهر حرّية في استخدام الألوان وحيوية في الأسلوب لم يكن يجرؤ عليهما سوى عدد قليل في زمانه.رسم هذه اللوحه نتيجه علاقة حبّ غريبة ربطته مع آلما شيندلر أرملة المؤلّف الموسيقيّ الألمانيّ غوستاف ماهلر. وهي شهادة رومانسية من الدوّامات والعواصف على مدى انغماس الرسّام في حبّ تلك المرأة.
غير أن شيندلر المشهورة بجمالها الجذاب هجرته بعد أن عاشت معه ثلاث سنوات. وكان ردّ فعله أن كلّف صانع دمى في ميونيخ بتفصيل دمية لها بالحجم الطبيعي. كانت الدمية تشبه المرأة تماما، وأصبح كوكوشكا يحمل الدمية معه أينما ذهب كدليل على المعاناة التي كان يتحمّلها نتيجة حبّه لها وإعراضها عنه.
تقول آلما شيندلر في يوميّاتها واصفة علاقتها بـ كوكوشكا: المشاعر التي كانت تنتاب اوسكار كانت من النوع الذي لا يمكن التنبّؤ به. كان يحبّ بشغف وبلا شروط، مثل وثنيّ يصلّي لنجمة بعيدة.
«كانت علاقتنا معركة حبّ، ولم أذق أبدا قبل ذلك كلّ هذا القدر من الجنّة ومن الجحيم». وقد عانت المرأة كثيرا من غيرته المفرطة، ولم يكن يتحمّل أصدقاءها ومعارفها. بل كان يغار حتى من زوجها الميّت. «موسيقاه تهدّ كياني وتمزّق جسدي وروحي»!
في عيد ميلادها السبعين، بعث إليها برسالة يصفها فيها بالمخلوق المتوحّش. ثمّ بلغها الخبر بأن إصابة خطيرة لحقت به أثناء قتاله على الجبهة الروسية. فذهبت إلى بيته وأخذت الرسائل التي كانت قد كتبتها إليه وكذلك بعض رسوماته لها. وطلب منها احد أصدقائهما المشتركين أن تزوره على فراش المرض. غير أنها كانت قد وضعته وراء ظهرها ونسيته تماما.
لكن قُدّر لـ اوسكار كوكوشكا أن يُشفى من إصابته. واستقرّ بعد الحرب العالمية الثانية في سويسرا. أما الدمية التي كان قد صنعها لـ آلما فقد ظلّ يحتفظ بها سنوات طويلة إلى أن قام بإتلافها أثناء نوبة غضب ليلية. كان كوكوشكا يشعر بالكثير من الحزن والمرارة لأنه وجد نفسه غريبا ومنسيّا مثل هامش صغير في كتاب تاريخ الفنّ. وقد أسهمت فردانيّته في أن أصبح معزولا عن حركات الحداثة في القرن العشرين.
عاش حياة طويلة نسبيّا. وتوفّي في مونترو عام 1980 عن 94 عاما.