حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,26 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 45572

جلال الدين الرومي .. «بغير هذا الحُب .. لا تكن»

جلال الدين الرومي .. «بغير هذا الحُب .. لا تكن»

جلال الدين الرومي .. «بغير هذا الحُب  ..  لا تكن»

22-01-2015 12:20 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - يا من تبحث عن مرقدنا بعد شدِّ الرحالْ
قبرنا يا هذا في صدورِ العارفين من الرجالْ

ظهر هذا البيت من الشعر على ضريحه يخاطب به زواره بعد رحيله عن هذا العالم الذي فككه وفّلسَفهُ وحلله صوفيا وعشقيا. عندما كنا صغارا كان أبي دائما يكرر اسمه ويستشهد به في أحاديثه وكان يحفظ الكثير من أشعاره وحكاياته الصوفية وما زلت أذكر اسم شمس تبريز يتردد على لسان أبي. ثم قرأته في قصائد الشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي. قرأت نصوص هذا العالم والشاعر الجليل فأبهرني بل صعقني بعالمه الغرائبي وعمقه الفلسفي. انه جلال الدين الرومي. وُلد جلال الدين محمد بن محمد بن حسين بن أحمد بن قاسم بن مسيب بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق» بفارس في 30 من سبتمبر 1207م لأسرة قيل إن نسبها ينتهي إلى «أبي بكر الصديق، وتحظى بمصاهرة البيت الحاكم في «خوارزم»، وأمه كانت ابنة خوارزم شاه علاء الدين محمد. هو من بين فحول شعراء الصوفية في الإسلام وبرز اسمه كواحد من أعلام التصوف، وأحد أعلام الشعر الصوفي في الأدب الفارسي وحتى العربي. وقد عُرف جلال الدين بالبراعة في الفقه وغيره من العلوم الإسلامية، إلا أنه لم يستمر كثيرًا في التدريس؛ فقد كان للقائه بالصوفي المعروف «شمس الدين تبريزي» أعظم الأثر في حياته العقلية والأدبية، فمنذ أن التقى به حينما وفد على «قونية» في إحدى جولاته، تعلق به جلال الدين وأصبح له سلطان عظيم عليه ومكانة خاصة لديه. وانصرف «جلال الدين» بعد هذا اللقاء عن التدريس، وتفرغ للتصوف ونظْمِ الأشعار وإنشادها، وأنشأ طريقة صوفية عُرفت باسم «المولوية» نسبة إلى «مولانا جلال الدين الرومي». اهتم بالرياضة وسماع الموسيقى، وجعل للموسيقى مكانة خاصة في محافل تلك الطريقة، مخالفًا في ذلك ما اتفق عليه بعض المسلمين، وما درجت عليه الطرق الصوفية ومدارس التصوف. اتسم شعر جلال الدين الرومي بالنزعة الصوفية الخالصة له كل المقومات الأدبية، وليس مجرد تدفق شعوري قوي، أو فوران عاطفي جياش يعبر به عن نفسه في بضعة أبيات كغيره من الشعراء، وإنما كان شعره يتميز بتنوع الأخيلة وأصالتها، ويتجلى فيه عمق الشعور ورصانة الأفكار، مع سعة العلم وجلال التصوير وروعة البيان.
وتصل قمة الشاعرية عند «جلال الدين الرومي» في رائعته الخالدة «المثنوي»، التي استخدم فيها فن الحكاية بإتقان بارع، وهي في حركتها وتطورها وحوارات أشخاصها لا تقل روعة عن بعض القصص المعاصرة، وتتميز الشخوص بأنها ثرية متنوعة في تساميها وعجزها ونفاقها وريائها، وحيرتها بين الأرض وما يربطها بها، وبين السماء وما يشدها إليها، كل ذلك في تدفق وانسياب غامر، وعرض شائق، وأسلوب جذاب أخاذ ولغة متميزة. عاصر جلال الدين الرومي في طفولته أجواء تاريخيّة أليمة بسبب الاجتياح المغولي لمنطقته، إذ هجرت عائلته موطنها لتستقرّ في قونية بتركيا، وأصبح والده بهاء الدين أستاذاً يدرّس في جامعة قونية. تلقّى جلال الدين تعليمه الروحي المبكر تحت إشراف والده وبعد ذلك تحت إشراف صديق والده سيد برهان الدين البلخي، وبعد ذلك قضى أكثر من أربع سنوات في دمشق وغيرها حيث درس مع نخبة فكريّة، ما أكسبه تعمّقاً في الفقه والتصوف.
خلف جلال الدين العديد من الروائع الأدبية والصوفية والفلسفية:
«المثنوي» وقد نظمه في ستة مجلدات ضخمة تشتمل على (25649) بيتًا من الشعر، وقد تُرجم إلى العربية، وطُبع عدة مرات، كما تُرجم إلى التركية وكثير من اللغات الغربية، وعليه شروح كثيرة، وهو كتاب ذو مكانة خاصة عند الصوفية.
• ديوان «شمس تبريز»:، ويشتمل على غزليات صوفية، وقد نظمه نظمًا التزم فيه ببحور العروض، وهو يحوي (36023) بيتًا بالإضافة إلى (1760) رباعية، ويشتمل أيضا على أشعار رومية وتركية، وهو ما يدل على أنه كان متعدد الثقافة، وأنه كان على صلة بعناصر غير إسلامية من سكان «قونية».

• «فيه ما فيه»وهو عبارة عن حشد لمجموعة ذكرياته على مجالس إخوانه في الطريقة، كما يشتمل على قصص ومواعظ وأمثال وطرائف وأخبار، وهو يخاطب عامة المثقفين على عكس كتابه الأول الذي يخاطب خاصة الصوفية.
• «المجالس السبعة»:، وهو يشتمل على سبع مواعظ دينية وخطب ألقاها أثناء اشتغاله بالتدريس.

وذلك بالإضافة إلى مجموعة رسائله، وفيها تلك الرسائل التي وجهها إلى شيخه «شمس الدين تبريزي»، وهي تصور تلك العلاقة الروحية السامية التي ربطت بين الشيخ «شمس الدين» وبين مريده «جلال الدين»، تلك الرابطة الوثيقة من الحب المتسامي الرفيع. توفي «جلال الدين الرومي» في 17 ديسمبر 1273م عن عمر ناهز سبعين عامًا، ودُفن في ضريحه المعروف في «قونية» بتركيا في تلك التكية التي أنشأها لتكون بيتًا للصوفية، والتي تُعد من أجلِّ العمائر الإسلامية وأكثرها روعة وبهاء بنقوشها البديعة وزخارفها المتقنة، وثرياتها الثمينة، وطُرُزها الأنيقة. فيما يلي بعض من أشعار ونصوص الرومي:
ما تبحث عنه يبحث عنك
***
لعل الأشياء البسيطة .. هي أكثر الأشياء تميزا ولكن .. ليست كل عين ترى
***
ان تكن تبحث عن مسكن الروح فأنت روح
وان تكن تفتش عن قطعة خبز فأنت الخبز
وان استطعت ادراك هذه الفكرة الدقيقة فسوف تفهم
ان كل ما تبحثُ عنه هو انت!
***
الوداع لا يقع إلا لمن يعشق بعينيه أما ذاك الذي يحب «بروحه» وقلبه فلا ثمة انفصال أبدا
***
استمع إلى صوت الناي كيف يبث آلام الحنين يقول: مُذ قُطعت من الغاب وأنا أحنُ إلى أصلي
***
العاشق لا يعرف اليأس أبدا .. وللقلب المغرم كل الأشياء ممكنة
***
هكذا أود أن أموت في العشق الذي أكنه لك كقطع سحب تذوب في ضوء الشمس
***
أنا أشبه أنا … واحِدُنا يُشبِهُ الآخر
***
ﻛﻞ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺗﺼﺒﺢ ﺃﻭﺿﺢ ﺣﻴﻦ ﺗﻔﺴﺮ ،
ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻭﺿﺢ ﺣﻴﻦ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺃﻱ ﺗﻔﺴﻴﺮﺍﺕ
***
“ولتعلم ان العشق صامتٌ تماما .. وانه ﻻ يوجد كلمات يمكنها وصفه
***
بدأت أتعبُ من المخلوقات، أريدُ جمال الخالق
لكن حين أتطلع هناك، أرى نفسي. وحين أتطلع إلى نفسي، أرى ذلك الجمال
***
“كنت أسمع اسمي ولا أري نفسي،
كنت منشغلا بنفسي، لكني أبدا لم أكن مستحقا لها
وحين كان و خرجت من نفسي….
وجدتُ نـفسـي”
***
يا سيدي، لا تـُسلِمني إلى نفسي
!لا تتـركني مع أيٍّ سواك
***
لخوفي مٍني، أُسرع إليــك
أنا لــك.. فأعدني إليّ.

"*عبدالحميد القائد

"








طباعة
  • المشاهدات: 45572

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم