حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,11 مارس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 17947

«ربِّ إني وضعتها انثى» .. ذكريات الألم المكنون في الداخل الفلسطيني

«ربِّ إني وضعتها انثى» .. ذكريات الألم المكنون في الداخل الفلسطيني

«ربِّ إني وضعتها انثى» ..  ذكريات الألم المكنون في الداخل الفلسطيني

26-01-2015 09:46 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - تقع بين نارين كل الخيارات التي تواجه الكف أمام مخرز ظالم؛ الهجرة والبعد والغياب بأنواعه عن ذرات رمل تتعطش للحرية، البعد عن الحياة بكرامة فوق أرض أحبها وأحبته رافق عبّاس وشقيقه، تحدثوا عن الماضي المرير دائماً؛ فمع نكهة الألم نبع الشوق الذي دفع بضيفتنا للرحيل بالرغم من كل الصعوبات حيث ترك الأب والعم كل شيء جميل، وعادت لتروي الذكريات في صفحات رواية تلهب حنين القارئ لرحلة جمالها بما فيها من مشاق وعنت كالتي خاضت غمارها نردين.
ضيفتنا نجحت في كتابة الرواية من المرة الأولى، حيث نفذت طبعتين من روايتها التي ولدت قبل عام تقريبا وها هي بصدد طباعة النسخة الثالثة منها.
نردين عباس مطر أبو نبعة، أديبة وكاتبة فلسطينية قدمت العديد من البرامج الإذاعية، وأصدرت 25 إصداراً قصصياً حاز بعضها جوائز عديدة ضيفتنا للحديث عن مسيرتها وروايتها الأخيرة.


* كيف عقدت نردين صداقتها الوثيقة مع القلم؟ وكيف بدأت وماذا أنجزت قبل أن تصل لــ»رّب إني وضعتها انثى»؟
علاقتي بالقلم بدأت منذ وقت مبكر جدا، لا أستطيع تذكر ذلك الوقت كما لا يستطيع الطفل تذكر أول خطوة خطاها! كنت أكتب وأنا طفلة خربشات ويوميات ومذكرات وانفعالات، في البداية كنت أكتب كنوع من اللهو وحب للإطراء من قبل عائلتي ومعلماتي، ثم تطور الأمر لتصبح الكتابة محاولة استعادة للوطن المغتصب، وشعور بالهوية والإنتماء وطرح أسئلة والبحث عن إجابات.
بدأت أشعر بأني ومن خلال الكتابة أرى نفسي وأتعرف عليها وأرى العالم من حولي، قلمي هو الكاميرا الذي يرصد حكايا الناس ومكنوناتهم، أدونها لتكون المضغة الأولى لكتاباتي مستقبلا.
أكتب لكي أجعل الوطن حاضرا وطازجا، وكما قلت في روايتي، كلما كتبت سطرا أشعر بروحي تتعافى، أشعر بنسمات عجيبة فكلما كتبت تبدلت الريح الساخنة التي تلسع رأسي بنسمات منعشة باردة رائقة.
وكأننا عندما نكتب نرمي أوراقنا الصفراء ونشعر بالرشاقة وكأننا ولدنا من جديد، فالأحداث المؤلمة تجعل الحياة ثقيلة لكن عندما نتخفف منها بالكتابة تصبح محتملة، وكما يقول جوزيف كونرا: «الكتابة أن أجعلك تسمع، وأن أجعلك تشعر، وقبل كل شيء أجعلك ترى».
مع القلم أشعر بوجودي وعندما أتركه لظرف ما أشعر بأني لا شيء.
* عُرفت بأنك كاتبة قصة أطفال، وانتقلت لتعيشي تجربة الرواية، أيهما اصعب وما هي الفروق بين التجربتين؟
قبل «رب إني وضعتها أنثى» صدر لي ما يزيد على 25 قصة للأطفال، منها سلسلة القصة العلاجية وسلسلة طريقي إلى الإبداع، وبنطالي مبلل التي طبع منها 20 ألف نسخة لمكتبة الأسرة الوطنية، وفزت بالجائزة التقديرية في مسابقة العودة عن قصة سر الدراجة.
وصدر لي مجموعة قصصية بوح، وهي تدرس كمنهاج مساند للغة العربية في بعض مدارس المملكة.
الكتابة للطفل أصعب؛ لأن الكتابة للطفل تحتاج إلى قراءة كل ما يخص الطفل، وحضور كل شيء يتعلق بالطفل، وتحتاج إلى تثقيف وبساطة لا تصل للتسطيح، لا تحتاج إلى شخصيات معقمة، بل تحتاج إلى خفة ورشاقة ومعرفة بسكيولوجية الطفل ومفرادت الطفل، لذلك كله هي أصعب، لكنها ممتعة لأننا ننقي البذار قبل زرعها ليخرج المحصول قويا وقادرا على مواجهة رياح التغريب التي نعيش.
إذا أردنا التغيير فلن تقوم لنا قائمة إذا لم نبدأ من الطفل، وإذا بقي رقما مهملا فلن يحدث تغيير.
إذا أردنا تغييرا اجتماعيا وسلوكيا وفكريا فلابد أن تكون البداية من الطفل، أما الرواية فهي عالمي الأجمل وخيوطي التي أنسجها بحب ومتعة ورغبة في المقاومة، لكنني لم أجرؤ على الكتابة إلا بعدما نضجت وتقدمت في العمر، كنت أرى الرواية بعبع أخاف الاقتراب منه، لكنني مع الدخول في هذا العالم وجدت نفسي أفضح الظالم، وآخد على يديه، وقلت لربما كلمة طائشة تفعل فعلها وتترك أثرا وتغير أمرا.
* كيف استوحيت تفاصيل أحداث روايتك؟ كم الفترة التي احتجتها لتقولي إنك انتهيت من كتابة الرواية؟ وما هي اصعب وأجمل المواقف التي مرت عليك؟
هذه الرواية كانت تتراكم داخلي بوعي أو بدون وعي لسنوات طويلة، كنت استمع لحكايا أبي عن الحصاد والأعراس والانتقال من قرية إلى أخرى مشيا على الأقدام طلبا للعلم، وكنت أقول لابد أن أدون ذلك للأجيال القادمة.
استمعت لحكايا عمي عن الأسر في سجون الاحتلال، وعندما وطأت قدمي أرض غزة تفجر المكنون وخرج، وبدأت بالربط بين ذاكرتين، كنت في غزة أركض وراء كل كلمة وشهقة ودمعة أدون كل الحكايا، وعندما رجعت إلى عمان بدأت بالرواية التي أتممتها خلال شهرين.
* هل واجهتك صعوبات في النشر والتوزيع؟
هناك صعوبات واجهتني مثل الفجوات المعرفية، فعندما قال لي والدي إن المدرسين الليبيين سألوه لماذا بعتم بلادكم لم أكتف بإجابة والدي، بل بدأت أبحث في المراجع الفلسطينية والمواقع الالكترونية الفلسطينية حتى أجد الحقيقة، وعندما وجدتها فرحت بها كما فرحي بميلاد أحد أبنائي.
الرواية أجابت عن الكثير من الاتهامات التي روج لها اليهود، وصدقها أبناء جلدتنا من العرب، وحاولت أن أُغني القارئ بالمعلومة المطلوبة وملخصات كثير من الكتب التاريخية في القضية المليئة بالتهجير والشتات والمذابح التي عاشها أبناء شعبنا، كتبت ذلك حتى لا ننسى ولا ينسى الجيل الجديد.
* روايتك نوقشت في الكثير من الجامعات، هل برأيك جمهور الرواية هم الشباب غالبا؟ وهل ستكررين تجربة الرواية لاحقاً؟
تفاجأت أن جمهور القراء هو من الشباب، وأعتقد أنهم سبب رواج روايتي، ربما أيضا وجود شخصيات حية ونابضة ساعد على نجاحها، بالرغم من الاستنزاف الذي يستهلك قلب وروح ودم ومشاعر كاتب الرواية إلا أني سأكرر التجربة الجميلة بما فيها من صعاب.








طباعة
  • المشاهدات: 17947

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم