حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,26 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 16092

الروائي يوسف زيدان: التسامح مصطلح مضلل وملغوم و»السلام عليكم» سبهللة فكرية

الروائي يوسف زيدان: التسامح مصطلح مضلل وملغوم و»السلام عليكم» سبهللة فكرية

الروائي يوسف زيدان: التسامح مصطلح مضلل وملغوم و»السلام عليكم» سبهللة فكرية

16-03-2015 10:23 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - خلافا لإعلانه اعتزال كافة الفعاليات الثقافية واعتذاره عن المشاركة فيها، شارك يوسف زيدان الروائي والباحث في التراث العربي والتصوف والفكر الإسلامي، ومن أشهر رواياته «عزازيل»، التي فازت بعدد من الجوائز، منها جائزة «البوكر» للرواية العربية، في الجلسة الثالثة ضمن ملتقى مجلة «العربي» الرابع عشر في الكويت، وهي الندوة الأكثر إثارة، بمشاركة آدم بيمبا الأكاديمي والناقد من ساحل العاج، التي أدارتها أستاذة الأدب في جامعة الكويت نورية الرومي.


بدأ زيدان حديثه بالتوقف عند شعار الندوة الذي تبنته هذا العام مجلة «العربي منتقدا بجرأة اختيار شعاره لهذا العام وهو «ثقافة التسامح والسلام» وكما قال لنتحاشى الوقوع في المتاهات التي تضلل العقل العربي.
وتحدث عن التعريف الشائع للثقافة من بين تعاريف عديدة شائعة تخرج عن كل حصر، ثم توقف عند تعريف السلام، الذي قال إنه لم يعرّف تعريفا مفردا، ولكنه عرّف بنقيضه وضده، فالسلام نقيض الحرب والمسالمة نقيض الاقتتال. والمصطلح الآخر المضلل والملغوم، كما هو مصطلح التسامح، الذي جعل البعض يظن أن لديه الحق في قبول الآخر من عدمه وبخطاب غير مهادن، كما تنحو الرموز في رواياته.
لا الأديان ولا اللغة تعكس مفهوم السلام
و حدد يوسف زيدان رؤيته في أن «أي محاولة لاستخراج معنى ثقافة السلام من الأديان غير ناجحة ومحكوم عليها بالفشل، لقابلية النص الديني الكبيرة للتأويل ومراوغة اللغة التي لا يمكن تجميدها في معنى»، فكل ديانة سقفها الأعلى نص مكتوب، وشروحاته وتفاسيره مساحة شاسعة للتحرك والتبديل، بينما يبقى النص المكتوب «الشاهد الأدل».
وأضاف: «النصوص الدينية ليست معادلات هندسية أو مسائل حسابية ثابتة، أو وصفات طبية، وإنما تقدم وصفا إلهيا قابلا في كل وقت لفهم جديد. ولو كان النص نابعا من نص آخر لا يقبل التأويل، فهذا معناه أن يتوقف ولا يتمدد في الزمان. إضافة للدين فحتى اللغة لا تصلح لضبط مفهوم السلام، والموروث اللغوي والدلالات المختزلة فيها تحمل النقيضين، بل هي نصوص مقدسة تبعث على التأويل والاجتهاد، وهو ما يمكّن البعض من تجييرها لمصلحته، ونتائج ذلك ما نراه من جماعات إجرامية تستند إلى نصوص قد لا تعبر عن حقيقتها». مشيراً إلى أن كل ما يقال حول رسالة اللغة السلمية «المنتقاة» ابتداء من تحية الاسلام وهي «السلام عليكم»، في رده على مداخلة سعاد المانع من جامعة الملك سعود التي قالت، إن تحية الإسلام هي السلام وبالتالي هو يدعو للسلام. قائلا، نحن نضحك على أنفسنا، فتحية اليهود هي «شالوم» وهناك أجيال قادمة محكوم عليها بالقتل والموت قبل أن تولد فكفى من حالة «السبهللة الذهنية» وتفسيرها من النصوص الدينية إنها تعكس دين السلام هو «سبهللة فكرية»، فاللغة مراوغة، ويجب تحري الدقة في توظيف المفردات وتأويلها.

إرهاب الجرم الفادح

وحذر زيدان من إمكانية انفجار مفردة «التسامح» دلالياً، إن لم نتوجه إلى الآخر متصالحين مع خبراته وتجاربه وتناقضاته، وهو ما يعبر عن الجانب الحضاري لمعنى «الإنسان». وبين تنوع النفس الإنسانية بجمالها وقبحها، ورأى أن الجزء الأعلى منها هو الحضارة بينما الجزء التحتاني به ما هو أبشع من مستوى الحيوان، لأن الدمار الإنساني وما يحدث من صراعات واقتتال هو «تسافل ما دون الحيوان»، فالحيوان لا يحارب الآخر من نوعه، ولا يسعى إلى الخلود بعد الشبع، ولا ينتهك رغبةً في الانتهاك، بل ليبقى حياً، ولكن ذلك ما يفعله البشر.
وفضل زيدان استخدام وصف «الجماعات الإجرامية» بدلاً من «الإرهابية»؛ لأن استخدام كلمة «إرهاب» يتضمن التخويف والزجر، بينما لا يمكن وصف ما تحدثه تلك الأيادي والعقول إلا بالجرم الفادح بحق العالم.
أما الناقد من ساحل العاج آدم بيمبا فتحدث عن التسامح في روايات غرب أفريقيا، من خلال دراسته لحوالي ثلاثين رواية معاصرة باللغة الفرنسية، ومنها «جزار كوتا» و»حماة الهيكل» ورؤى التسامح الديني فيها.
لا أمل إلا بالتحالف مع إيران ومهادنة إسرائيل
بدأ المداخلات محمد اليوسف وهو مترجم تونسي وأثار سؤالا للمنظمين متسائلا عن عدم دعوة ووجود أي أجنبي في الندوة، التي تتحدث عن السلام والتسامح. وكأننا نشعر دوما بأننا مذنبون ومتهمون، أما بالنسبة للحضارة كقيمة والتي تحدث عنها زيدان، فهي أيضا في أحشائها شيء آخر غير التسامح، ولسنا وحدنا في هذا الخضم، والآخر قد يكون متهما أيضا.
أحمد فؤاد باشا عقب على حديث زيدان بتأكيده ضرورة ضبط المصطلحات التي تحتاج إلى فقه خاص. وسألت الأديبة الكويتية باسمة العنزي زيدان عن رؤيته الاستشرافية لمنطقة الخليج والمنطقة العربية، حيث قال إن زمن الجلسة لا يسمح له بها، لكنه أجاب بأنه لا يرى أملا لمنطقة الخليج إلا بدخولها في تحالف مع إيران، ولا مستقبل للمنطقة العربية إلا بمهادنة إسرائيل على قاعدة الدولتين.
حلبة صراع
وترأست الجلسة الأولى التي حملت عنوان «ثقافة التسامح والسلام… قراءة في المفهوم» عميدة كلية الآداب في جامعة الكويت حياة الحجي، وشارك فيها رئيس قناة «بي بي سي» العربية حسام السكري، ومحمد ميداني، وعبدالحميد الأنصاري وعبدالمالك التميمي.
وتحدث السكري عن تهافت بعض البرامج الحوارية في القنوات الفضائية لتدشين حملة تفرض رأيها بالحيلة والمراوغة، بدلاً من طرح النقاش وتبادل الأفكار جرياً وراء الإثارة، لتكون المحصلة صراعاً جدلياً كأن الطاولة حلبة صراع، بعيداً عن أساسيات فكرة التحاور التي تقتضي سلامة النوايا.
وعن «تأصيل مفهوم التسامح» أشار أستاذ التاريخ في جامعة الكويت الباحث عبدالمالك التميمي في حديثه، إلى القيم الإنسانية التي تكفل إيجاد مجتمع متقدم تنتفي فيه الصراعات والنزاعات وأساسها التسامح، مؤكداً أهمية التركيز على معالجة الخلل من الداخل، وهو الصراع الإثني ما بين صراع الفرد والآخر، وصراعه مع نفسه، وإنكار حقيقة «التخلف» الواضح في مسيرة المجتمع ونمائه الحضاري، ما يعزز الحاجة إلى خطة حقيقية ومواقف صادقة لنشر القيم الإنسانية بعيداً عن التيارات المتطرفة.

ثقافة الكراهية
أما «مستقبل التسامح في ظل ثقافة الكراهية» فكان عنوان ورقة عميد كلية الشريعة السابق في جامعة قطر عبدالحميد الأنصاري، الذي قارب فيها بين العصور الوسطى في أوروبا والوضع في الوطن العربي، مشدداً على أهمية العقلانية للخروج من هذا الوضع.
وأوضح الأنصاري أن من معوقات التسامح الفهم الخاطئ له، وادعاءه وتجييره للمصلحة، مؤكداً أهمية تجديد الفكر العربي وإعادة شحن طاقات شبابنا بقيم التسامح والمحبة وقبول الآخر، بعد أن طغى وبغى دعاة التعصب والكراهية وخطفوا عقول ومشاعر بعض شبابنا وجندوهم لمشاريع الهدم والقتل والتفجير، بينما ديننا مصدر الفضائل. واستشهد الانصاري بآيات من القرآن الكريم كشواهد على تبني استراتيجية وطنية ترسخ ثقافة التسامح.
واستعرض محمد الميداني الأستاذ في جامعة ستراسبورغ الفرنسية المواثيق العالمية التي تؤكد على حقوق الإنسان، ومدى تطبيقها في الوطن العربي، وما يماثلها عربياً، مستنكراً التركيز على «الجهاد» كدعوة إسلامية، بينما يرى «السلام» أصل العلاقات بين البلدان والبشر في الدين، داعياً إلى متابعة ما يدور في منظمات حقوق الإنسان وقراءة تقاريرها ومتابعة الوضع المحلي فيها. مشيرا إلى أن السلام أصل العلاقات الدولية في الإسلام والدليل آية «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله».









طباعة
  • المشاهدات: 16092

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم